بمطالعة أولية في مشروع قانون الانتخاب لعام 2015 نجد أن هناك مخالفتان جوهريتان للدستور وقد تكررتا في معظم قوانين الانتخاب السابقة.
المخالفة الأولى: الاعتداء الاختصاص التشريعي
حيث نصت المادة (8) أ- على ما يلي: (تقسم المملكة إلى دوائر انتخابية يخصص لها مائة وثلاثون مقعداً نيابياً وفقا لنظام خاص يصدر لهذه الغاية). إن النظام الانتخابي وتقسيم الدوائر الانتخابية هما جوهر القانون وأساسه هما الغاية الأساسية لإصدار التشريع (القانون) وإن تفصيل أحكامهما وضبطها هو عمل تشريعي بامتياز وفق أحكام الدستور حيث جاء في المادة 67 من الدستور ما نصّه: (يتألف مجلس النواب من أعضاء منتخبين انتخابا عاما سريا ومباشرا وفاقا لقانون الانتخاب) والأحكام التشريعية تناط حصراً بمجلس الأمة ومصادقة الملك، والأعمال التشريعية لا يجوز تفويضها لمجلس الوزراء بأي حال من الأحوال عبر إصدار القرارات أو الأنظمة حتى لو نص القانون على ذلك إذ أن صلاحية مجلس الوزراء دستورياً في إصدار الأنظمة تنحصر بنوعين من هذه الأنظمة:
1. الأنظمة المستقلة: وهي الأنظمة التي تصدر عن السلطة التنفيذية في المسائل المتعلقة في بالتقسيمات الإدارية وكيفية إدارة الدولة وتنظيم أعمال المؤسسات الحكومية وشؤون الموظفين وخلافه وهي المقصودة في المادة (120) من الدستور والتي جاء فيها (التقسيمات الإدارية في المملكة الأردنية الهاشمية وتشكيلات دوائر الحكومة ودرجاتها وأسماؤها ومنهاج إدارتها وكيفية تعيين الموظفين وعزلهم والإشراف عليهم وحدود صلاحياتهم واختصاصاتهم تعين بأنظمة يصدرها مجلس الوزراء بموافقة الملك.
2. الأنظمة التنفيذية: وهي الأنظمة التي يصدرها مجلس الوزراء بهدف تنفيذ أحكام القانون إذا نص القانون على ذلك وهذه الأنظمة لا يجوز لها أن تتضمن حكماً تشريعياً يُعدّل أو يلغي حكماً ورد في القانون ولا يجوز أن تتضمن أيضاً حكماً تشريعياً جديداً لم يرد في القانون نفسه. حيث جاء في المادة (31( (الملك يصدق على القوانين ويصدرها ويأمر بوضع الأنظمة اللازمة لتنفيذها بشرط أن لا تتضمن ما يخالف أحكامها). ومن المُجمع عليه بكل وضوح من قبل فقهاء وأساتذة في الفقه الدستوري والإداري أن مهمة الانظمه التنفيذية هي أن تتضمن القواعد التفصيلية اللازمة لتطبيق القانون وحسب لا أن تتضمن أحكاماً تشريعية جديدة لم يتضمنها القانون.
المخالفة الثانية: عدم المساواة بين الأردنيين.
نص مشروع القانون في المادة (4) منه على تخصيص مقاعد لفئة من الأردنيين دون غيرهم مثل الأخوة الشركس والشيشان والمسيحيين وكذلك النساء (نظام الكوتا) ونص المشروع أيضاً كالقوانين السابقة على وقف استعمال حق الانتخاب لمنتسبي القوات المسلحة والمخابرات العامة والأمن العام وقوات الدرك والدفاع المدني أثناء وجودهم في الخدمة الفعلية. وهذا من وجهة نظرنا القانونية والدستورية يخالف القواعد الدستورية العليا التي نص عليها الدستور الأردني الذي أكد على مساواة الأردنيين أمام القانون دون تمييز حيث نصت المادة (6/1) علي ما يلي: (الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين(. وما جاء في مشروع القانون يُعد مخالفة صارخة لهذه المادة وتمييزاً بين الأردنيين، ولم يعد له أي مبرر سياسي أو اجتماعي فالمرأة والشركسي والشيشاني والمسيحيون يستطيع أي منهم ان يترشح للانتخاب في أي موقع هو فيه دون عوائق أو حساسيات من أي نوع والشواهد السابقة أثبتت أن أي منهم يستطيع أن يتفوق في المنافسة لتمثيل الشعب الأردني.