أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الثلاثاء .. أجواء باردة وغائمة جزئياً سموتريتش يدعو مجددا لتهجير سكان غزة .. "لدينا فرصة مع ترامب" ما حقيقة وفاة عسكري ظهر محتفلاً قبل أيام بمناسبة تخرجه؟ مصابون بقصف لحزب الله على "نهاريا" .. والاحتلال يستنفر خشية هجوم صاروخي واسع (شاهد) ضبط اعتداءات لسحب مياه النبع وبيعها في وادي السير سوريا: قصف إسرائيلي يستهدف عدّة جسور في منطقة القصير بريف حمص الأشغال المؤقتة ٧ سنوات لامرأة وصاحب ملهى بتهمة استغلال فتاة قاصر في الاتجار بالبشر بدء تسليم تعويضات المتضررين من إزالة الاعتداءات على الشوارع الجنائية الدولية تطالب الدول الأعضاء بالتعاون لاعتقال نتنياهو وغالانت خطوات التسجيل الأولي للحج إلكترونياً - فيديو فيديو - قوات الاحتلال تداهم منازل ومحلات في قلقيلية الأمن: لا حدثاً أمنيًا في إربد فقط تعطل بطارية سيارة كهربائية مسؤول رفيع بالناتو يدعو للاستعداد للحرب .. ويتحدث عن ضربة استباقية لروسيا خبير اقتصادي: حرب غزة خفضت الايرادات الضريبية مليار دينار خلال 2024 الاحتلال يزعم احباط تهريب أسلحة من الأردن الصفدي :الأردن مستمر في إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة ومستعد لإرسال المزيد حال فتح المعابر بحكم قضائي .. الخطيب ينتصر مجدداً على مرتضى منصور اليونيفيل: الاعتداء على الجيش اللبناني انتهاك للقرار 1701 عقوبات بريطانية على 30 سفينة إضافية تابعة للأسطول "الشبح" الروسي 17 مفقودا في مصر بعد غرق مركب سياحي في البحر الأحمر
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام حكاية وطن : كان يا ما كان في قديم الأوطان

حكاية وطن : كان يا ما كان في قديم الأوطان

25-08-2010 01:28 AM

جلس والوقار في هيئته ، والتجاعيد لبست الجسم واليدين ، ولا يعلم المخفيّ إلا الله ، تجاعيدٌ بتضاريس الوطن تتعرّج وترتفع وتهبط ، فتطمئن أنّ الوطن بخير ما دام هذا العتيق المعتّق بخير .. جلس والصبية من حوله يعبثون بأصابعهم الصغيرة و عيونهم معلّقة بشفاه العتيق ، وفي قلوبهم رهبة محببة ، الصبية يعبثون ، والعتيق يغوص بتفاصيل الحكاية قبل أن يبدأها ، الصبية يكبرون ويعبثون ، والعتيق يغوص أعمق و أعمق ، الصبية ينتظرون التفاصيل ويكرهون الخطوط العريضة و يعبثون أكثر و أكثر ، والعتيق ينتظر الصغار الكبار أن يهرموا ليفهموا الحكاية ، الصبية يهرمون و ينتظرون أن تنساب الحكاية من شفاه العتيق وما عادوا يعبثون ، بعد تسعين عاماً نطق العتيق و قال : سأحدثكم بحكاية وطن بعدما بلغت من العمر عِتيّا ً، و ردّ الصبية بصوتٍ واحد : سنسمع الحكاية بعدما بلغنا من العمر عِتيّا ً.





قال صبي هرم : ما عنوان الحكاية يا حكيم ؟ قال العتيق : عنوانها حكاية وطن ، ردّ صبيّ عابث آخر : للوطن حكايات و حكايات فأيّة ُحكايةٍ منهن حكايتك ؟ قال العتيق : سأسميها صدّق ولا تصدق ، وسأل أحدهم : طويلة هي الحكاية ؟ وآخر : جميلة هي الحكاية ؟ و شقيّ يسأل : فيها تنين و أميرة ؟ نظر إليهم العتيق فأسكتتهم الهيبة والوقار ، قال العتيق : لا تكونوا كيهود وبقرتهم ! بعدها ساد الصمت و في عيون بعضهم دمعة ندم وفي عيون البعض دمعة تمساح . وبدأ العتيق الحكاية .







كان يا ما كان في قديم الأوطان ، كان هناك وطن أبطاله سهل وصحراء ، وادٍ وجبل ، وساحل يتيم فيه حياة ، و ساحل آخر فوق يتمه ميّت ، ونهر قدّسوه يغذّي الميت ليبقى ميتاً ، وقلعة صامدة على الأرض ، و سيّد وسادة ، هؤلاء أبطال الحكاية .









شَهِدَ سهل الوطن سقوط يديْ جعفر و ما سقطت الراية ، وتلقف السّهل نوى تمرات ابن رواحة وسقاها دماءَ الشهيد فنبت منها رجال الوطن ، فكان الفارس منهم صعباً من سهل من شهيد ؛ ليبني وطناً صعباً عليه وسهلاً عشقه ، وليكون هو الشهيد حفيد الشهيد ، هذه بطولة سهلنا فمن عرفه هو من رحم الوطن ، ومن جهله فهو تاجر الوطن ، وشتان ما بين هذا وذاك .





و ابن الوليد يصارع الروم في الوادي ، والوادي يصارع مع خالد ، فيصرعون الروم ، فيبني التاريخ خيمته هناك ؛ ليطرب لصهيل خيل خالد ، وليسجل صهيل الوادي ، وفي يومٍ نِمْتُ في الوادي وأقسمتُ لوالدي أنني سمعت الصهيل ؛ فزمن النصر غادرنا ولكنّ الصهيل لم يغادرنا ، وإن خرج يوماً من جوفنا سيصدّع قلوباً و يميتها رعباً ، و سيشفي قلوباً و يحييها شموخاً ، هذه بطولة وادينا فمن عرفه هو من الوطن ، ومن جهله فهو دخيل على الوطن .



الجبل الجبل يا ساريةَ الجبل ، صرخة عمر من الحجاز إلى مصر ليحمي ظهر سارية المكشوف ، وقبلها بمئات السنين صرخة كاهن : الجبل الجبل يا موسى ؛ ليرى موسى من الجبل أرض الميعاد ، وليترك موسى أثر قدمه على صخر الجبل ، ولكنه لم يدخل أرض الميعاد ، ومات على الجبل ؛ لأن الوطن هناك ؛ لأن الوطن هنا يجذب الأنبياء والصالحين فيذوبون في ترابه ليكون مقاماتٍ لهم ، إنّه مغناطيس وطننا منذ الأزل ، هذه بطولة جبلنا فمن عرفه هو ابن الوطن ، ومن جهله فهو ضيف الوطن ، وشتان ما بين ابن البيت وضيفه .





ووصل الأمير إلى مدينة الصحراء ، وصلت طلائع الثورة إلى صحراء الوطن ، فتحوّلت الصحراءُ برداً وسلاماً تحت أقدام الثّوار ، وتحوّلت الصحراء إلى جهنم حمراء تحت أقدام الأتراك ، وارتفعت زغاريد البنادق ، فأصبحت الصحراء عرس الثوار ، وأصبحت الصحراء مأتم عسكر الترك ، وكان النصر ، وكان المجد ، هذه بطولة صحرائنا ، فمن عرف أي الصحراء صحراؤنا فهو عين الوطن ، ومن جهلها فهو قذىً في عين الوطن .





ووصل عودة أبو تايه و جنود الثورة إلى ساحلنا اليتيم الذي فيه حياة ، ولورنس العرب يتمسح بثوب عودة ليسجله التاريخ – زوراً - أنه لورنس علينا ، فيقتلون عسكر الترك ، يقتلون الظلم ، ويرفعون علم الثورة ويؤدون التحية له ليواصل الوطن مسيرته التي بدأها منذ آدم ، من عرف ساحلنا اليتيم الذي فيه حياة فهو من عظام رقبة الوطن ، ومن جهله فهو الزائدة الدودية .





و الملائكة تزور وطننا القديم ، ما أجملهم ! ما أعظمهم ! ما أرحمهم على المؤمن ! ما أسخطهم على الكافر ! يأتون لوطننا ، يأتون للنبي ، فيعلم النبي أن الأمر من الله ، وأن ساعة القوم حانت ؛ فيهرب النبي ببناته ، وتبقى الزوجة ، و تنقلب الأرض عاليها سافلها ، فيظهر في الوطن ساحل آخر فوق يتمه ميت ، فمن عرف هذا الساحل فهو عزّ للوطن ، ومن جهله فهو الخذلان للوطن .





ورسول السّلام عمّدوه بنهرنا فأصبح مقدّساً ، وواصل النهر المسير ليغذي الميت ! ولكن الميت يبقى ميتاً فلم يُحيهِ ِماءُ نهرٍ لامسَ جسدَ رسول ٍأحيا الموتى بأمر الله ، ويصلب اليهودُ شبيهَ الرسول ِ! يا لسخرية القدر ! تدور القرون ليأتي اليهود يشاركوننا النهر و يستثمرون قدسيته التي سبّبها الرسول الذي ظنوا أنهم صلبوه ! من عرف النهر الذي قدّسوه والذي يغذي الميت ليبقى ميتاً فهو طهر للوطن ، ومن جهله فهو رجسٌ للوطن .





والآمر التركي في القلعة يرتجف غضباً ، ويصرخ ويهدّد . لله درّك يا إبراهيم الضّمور ! ما من بطولةٍ إلا أنت رمزها ، لله درّك من رجل ٍلم تلد الأرحام مثله ، كيف لي أن أكون أحد ولديك ليحرقني التركي و ينجو



الثائرُ المستجيرُ بك ، آآه يا وجعي على نفسي لأن زمنك ولّى ، وليته يعود بشرط أن تكون فيه ، يحترقُ ولداك أمام عينيك ، يحترقان شهيدين عند الله أحياءً ، هم الشهداء ، وأنت البطل تنظرهم يرحلون لجنات الخلد ، أنت الشهيد الحيّ الذي ما هزّت نارُ الغدر جفنيك ، و الآمر التركي يرتجف خوفاً فقد اشتعلت الهيّـة ، وبذرت بذور الثورة ، فزلزلت القلعة زلزالها تحت أقدام التركي ، فعرف أن نهايته بوطن العُرْبِ أزفت ، وهكذا كان بعد سنين ، من عرف القلعة فهو بطل الوطن ، ومن جهلها فهو رعديد الوطن .







و أعلن الأمير الإمارة ، وبدأ فصل مشرق جديد من فصول الوطن الممتدة منذ آدم ، وكان تحدّي التأسيس لوطنٍ حديث ، وأصبح الوطن مملكة سعيدة ، ومرت أيام مجد و بطولة ، وكانت معركة الصمود و الإنجاز ، وكانت الكرامة وانتصر الوطن ، وكان فيه سيداً مطاعاً وكان الجميع سادةً ، فكان السيّد سيّداً على سادة ، لذلك لو خاض بهم البحر لخاضوه معه ، و لو قاتل الدنيا لقاتلوا معه ولن يقولوا له اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ؛ لأنه السيد المطاع ولأنهم سادة ، فمن عرف هذا الوطن فهو الوطن ، ومن جهله فهو المؤامرة .





يقول العتيق : هؤلاء هم أبطال الحكاية ، فأعيدوا لهم بطولتهم ، حتى لا تُفقِدوا حكاية الوطن قوتها وجمالها ، عليكم أن لا تنظروا لسهول الوطن على أنها فقط مشاريع إسكان ، و لا تنظروا لجباله على أنها فقط مواقع أبراج اتصالات ، و لا تفكروا بسواحله على أنها حرمٌ خاص لفنادق لا حرمة فيها ؛ يصول العراة على امتدادها لأجل الدولار ، و لا تحولوا وديانه لممرات تهريب من أجل الدولار ، و لا تسلبوا نهره قدسيته بكازينوهات من أجل الدولار ، و لا تفقدوا صحراءه عذريتها و سحرها بحفلات المجون من أجل الدولار ، و لا تنكروا قلعته خوفاً من تاريخها وهيَتّها ، و لا تحولوا مواطني الوطن من وطن ومواطنـين إلى سكان وسلطة ، و لا تحوّلوهم لعبيد ، فالسيّد على عبيد ليس مثل السيّد على سادة ، فالسيد على سادة قوة ومنعة للوطن ، فيقودهم للنصر على أصعب الظروف وأقساها ، السيد المطاع كان و لا يزال و سيبقى سيّداً مطاعاً فالكل معه والجميع يفتديه بالأرواح و المال لأنهم يعلمون أنه يريدهم سادة وليس عبيداً ، لأنه الأمل الذي يُخرجهم دائماً من الخطوب ، لذلك دائماً شعارهم هو : الله الوطن الملك .





أنهى العتيق حكايته ، وأغمض عينيه ، وانفضّ من حوله معظم الصبية جاهلين عمق الحكاية ، و بقي البعض فاهماً الحكاية ، ففتح العتيق عينيه وقال لمن بقي في حضرته : اذهبوا لتبدؤوا فصلاً جديداً من حكاية الوطن تكونوا أنتم أبطالها ، و في الطريق التفت مشروع بطل إلى صبي بجانبه وقال له بذكاء البدوي : من يعرف من هو العتيق فهو الوطني ، و من جهله فهو ؟؟؟.

Sameeh_nws@yahoo.com





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع