ربما اكتشف الشعب الأردني " وادي رم " كمنطقة سياحية "غير مهمة " فقط في الأعوام الأخيرة , ولكن صناع السينما الأمريكية إكتشفوا ذلك منذ عشرات السنوات وكانت البداية في فيلم " لورنس العرب " .. وتوالت الأفلام التي يتم تصويرها حتى أصبحت بالعشرات أو ألمئات .. ولكن الملاحظ كان أن معظم الأفلام العالمية التي تتحدث عن كوكب المريخ تم تصويرها هناك وكأن وادي رم أو " وادي القمر " كما يدعوه البعض هو جزء من ذلك الكوكب الأحمر .
بالأمس كنت أشاهد أحدث أفلام الخيال العلمي والذي يتحدث عن رائد فضاء من وكالة " ناسا " تركه زملاءه على أرض الكوكب ظنا منهم أنه مات بعد تعرضهم لعاصفة شديدة هددت جميع الطاقم بالموت , ويظهر الفيلم كيف تعامل عالم النباتات المتروك وحيدا على أرض الكوكب ولمدة نزيد على العامين وكيف عملت الدولة العظمى التي تهتم لأي مواطن فيها على إستعادنه وعودته إلى " وطنه " .. الفيلم هو الرجل المريخي .
الفيلم كان مبهرا في تصويره الثلاثي الأبعاد والذي أحب مشاهدته . ومخرجه " رايدلي سكوت "والذي يتعامل مع أفلام الخيال العلمي كان ناجحا في إختياراته لمواقع التصوير والطاقم الفني .. وبطل الفيلم " مات ديمون " لم يكن مضطرا لإظهار مواهب تمثيلية متفردة إلا أنه كان ميزا في بعض اللحظات العاطفية أو الكوميدية .
حضور الفيلم كان جيدا , ولكن القليل من هذا الحضور كان لديه معلومات عن الفيلم وخاصة عن مكان نصويره , وهذا طبعا يعود إلى مسؤؤلي السياحة في الأردن والذي كان عليهم إستغلال الفيلم من أجل الدعاية للسياحة داخل الأردن لرؤية وادي رم وإبداعاته الطبيعية .. إلا أن وزارات السياحة في الأردن تبدع في الفشل تلو الفشل وقد تستطيع تسميتها بما شئت ما عدا كونها وزارة للسيلحة .
الفيلم المأخوذ عن رواية للكاتب " اندي وير " حاول مثل كثير من أفلام الغرب إظهار الإنسان الغربي على أنه متميز في التفكير خلال الأزمات , وعلى أن الدولة العظمى أمريكا لا تترك مواطنيها إذا تعرضوا لأزمات حتى لو كانوا في .. المريخ . ومع أننا نرفض ذلك ذهنيا لأننا لا نريد الإعتراف به .. إلا أنه (ومع المبالغة الظاهرة فيه ) فيه جزء كبير من الحقيقة .. وهذا هو طبيعة جميع الدول الحضارية على مدار التاريخ , فالدولة المتحضرة تهتم لأي فرد فيها وتقيم من أجله الحروب , فإهانة أي فرد بغض النظر عن إسمه هو إهانة للدولة .. وهذا بالطبع لا ينطبق على أي عربي أو أي دولة عربية , فإهانة أو حتى قتل أي عربي هو أمر لا يستحق حتى ذكره فكيف العمل من أجله ؟؟؟؟ وحياة أي فرد عربي حتى في وطنه لا تساوي أكثر من ثمن طلقة واحدة .