في إحدى المناسبات الاجتماعية تبادلنا الحديث عن الانتخابات النيابية في الدائرة الانتخابية التي تخصني و التي تخلو – بحمد الله- من الدوائر الوهمية ، و تكاد تكون مغلقة عشائرياً ؛ أي بمعنى أيّاً كان الذي سيفوز فالأغلب سيكون أحد أبناء العشيرة ، ففاجأني أحد الحاضرين عندما أعلن بثقة غريبة أن الذي سيفوز في الدائرة هو البلدوزر ! فسألته – باستغراب – من هو البلدوزر و لماذا هو بلدوزر و ليس بشري مثلنا ؟! و بعد أن ضحك من جهلي بالبلدوزر أخبرني أنه فلان العلاني ! و هو بلدوزر بحسب رأيه و رأي الكثيرين لأنه سيجرف جميع المرشحين من أمامه و سيفوز بتفوق كبير بسبب قوته و خصوصاً قوته المادية و دهاؤه بالتخطيط للفوز و...و.. إلخ !!
بعد ذهابي للبيت فرض مصطلح ( البلدوزر ) نفسه على تفكيري و أصابني بالأرق ؛ لأنه فعلاً مصطلح يفسر الكثير من الظواهر الاجتماعية و السياسية في بلدنا ، و تذكرت أن الصحافة لدينا في وقتٍ ما و صفت أحد رؤساء الوزراء السابقين أنه بلدوزر قرارات ! و كذلك عندما تحتاج لواسطة ما و تسأل من هو الأنسب لها تجد النصائح تحثك على أن فلان بلدوزر و لا أحد يستطيع الوقوف بوجهه (!) فـاذهب إليه ! و كذلك في مجال المال و الأعمال لدينا ، فمن أراد أن يدخل صفقة معينة أو قطاعاً معيناً تجد التحذيرات تنهال عليه من أصدقائه و العارفين تحذره أن يبتعد عن تلك الصفقة أو ذلك القطاع لأن البلدوزر العلاني مسيطر عليه و سيمحو كل من يحاول منافسته !
أشغلني مصطلح البلدوزر ! و تساءلت هل هناك بلدوزر صاحب ضمير يتنحى جانباً قليلاً و يسمح بالمرور لبعض السيارات الصغيرة أو بعض السائرين على أقدامهم ؟! و هل هناك بلدوزر صاحب ضمير يجرف الخير و يجلبه للوطن أم أن جميع بلدوزراتنا تجرف الخير من الوطن لخزائنهم المتخمة بما ساء و لم يطب من المال الحرام ؟! يا هل ترى لو لم يكن البلدوزرات موجودين هل كنّا سنعاني من مديونية ضخمة و من عجز متصاعد في موازناتنا ؟! لو اختفت البلدوزرات – بقدرة قادر- هل من الممكن أن تكون الأسعار بنصف مستواها الحالي و معدل دخل المواطن السنوي أربعة أضعاف معدل دخله الحالي ؟ لماذا لدينا بلدوزرات في جميع القطاعات السياسية و التجارية و الاجتماعية و ليس لدينا بلدوزرات في عالم الثقافة و العلم ؛ فلم نسمع يوماً أن فلان بلدوزر روايات أو بلدوزر شعر أو بلدوزر اختراعـات علمية ؟!
أعتقد أنه لحل مشكلاتنا علينا بخطوتين : الأولى أن نتوقف عن لعبة ( إبحث عن فضولي ) و نبدأ بـ ( أبحث عن بلدوزر ) و عندما نجده نتسبب له بخلل ميكانيكي يوقف جبروته ، و الثانية أن نجد مخترعاً أردنياً يستطيع تحويل المواطنين العاديين أمثالي إلى بلدوزرات بشرط أن تكون بلدوزرات وطنية تسـتطيع الحفاظ على مقدرات الوطن و إنجازاته و حمايته من البلدوزرات سيئة السمعة .
Sameeh_nws@yahoo.com