لا تملك المعارضة السورية اية انجازات عسكرية على الأرض تذهب بها الى جنيف ، وما يحققه تنظيم داعش والنصرة اضعاف ما حققته المعارضة ورغم ذلك فالمعارضة تقول انها لن تذهب للمباحثات في جنيف يوم الجمعة بما يشير الى استمرار مصادرة قرارها والخضوع لارادة دول أخرى .
المعارضة التي جرى التلاعب بقرارها وتورطها مع دول اقليمية مثل تركيا والسعودية لم تعد صاحبة القرار ، وكانت فرصتها التاريخية مع بدء الثورة حين تقدم العالم بمقترحات حل الأزمة قبل 4 اعوام واتفاق دولي على رحيل الأسد مع ما حققته على الأرض من انجازات قبل ان تتلاعب الدول الاقليمية بقرار المعارضة وان تحتل القوى المتطرفة جانبا كبيرا من مساحة الملعب السوري وقبل ان تبدأ موسكو بالتدخل بعد 5 سنوات من الحرب الأهلية نوقبل ان تبدأ ايران وحزب الله بالمشاركة في الحرب الى جانب النظام .
اليوم ، تغيرت المعادلة والظروف ، فامريكا بدلت من موقفها ولم يعد رحيل الأسد في اول اهتمامها وباتت اكثر قبولا بموقف موسكو الثابت، والذي يترك مصير الاسد قيد التفاوض بين السوريين، وروسيا التي استطاعت اللعب بالاوراق ومنح الجيش السوري بسبب طلعاتها الجوية فرصة العودة للكثير من المدن وتحقيق الإنجازات على الأرض لم يعد يبالي بحضور المعارضة لطالما أن العالم توافق على المباحثات والغاء شرط رحيل الأسد عن السلطة ،الى جانب شعور نظام الاسد بانه اصبح في موقع تفاوضي اقوى بسبب وقوف موسكو الى جانبه و بعد ان اصبح القضاء على تنظيم "الدولة الاسلامية" الهدف الاول والمهمة الاكثر الحاحا للمجتمع الدولي.
واقع اليوم على الأرض ليس في صالح المعارضة التي انهكتها قوى التطرف داخل سوريا داعش والنصرة وغيرها ، وانهكها تدخل الدول الاقليمية الكبرى تركيا والسعودية وسلبت قرارها السياسي وتراجع الدعم العسكري مقابل الحضور والتواجد العسكري القوي لإيران وحزب الله ،وبالتالي فالتغيب عن مباحثات السلام في جنيف تعني المزيد من القتل والدمار والمعاناة المؤلمة للشعب السوري .
الازمة السورية التي قاربت ان تدخل عامها السادس ادت الى تشريد ونزوح اكثر من نصف السكان، فيما من بقي داخل سوريا يعاني ويلات الحرب من حصار وفقدان الحد الادنى من مقومات الحياة، متعلقا بأمل انتهاء الحرب وتحسن الاوضاع، والا سيضطر الى حزم حقائبه وركوب قوارب الموت والهجرة الى المجهول وهو أمر يبدو غائبا كليا عن وعي وادراك المعارضة التي بدت منذ اللحظة الأولى اسيرة الصراع والخلاف والشرذمة ومصادرة قرارها من قبل دول اقليمية تعمل على تحقيق مصالحها على حساب الشعب السوري ودماء ابنائه وديمومة وطنه .
المعارضة مطالبة باتخاذ قرار حاسم لبلوغ الهدف المرجو في الحفاظ على الدولة ووقف قتل ابناء سوريا والمشاركة في بناء وادارة الدولة لمنع مشاريع التقسيم والتدخل وإخراج كل القوى الاقليمية التي زادت من تعقيد المشهد حتى لو كانت تقدم بعض التنازلات ، ما يعني ان تخرج للعالم قوة موحدة متوافقة غير خاضعة لسطوة القوى الاقليمية والدولية التي لا يعنيها في المسالة السورية اكثر تحقيق مصالحها .