يبدأ الخطر من تفشى ظاهرة الإحباط الشعبي وعدم الاكتراث من الاخبار التي تتسرب عن لقاءات الدوحة بين وفدى فتح وحماس ، بسبب الخبرات السابقة وفشل عمليات المصالحة ، رغم العديد من الجولات والاتفاقيات في مكة والقاهرة وحتى الدوحة نفسها .
ورغم أن الإعلام حاول الترويج لعنوان «التوصل لتصور عملي» للمصالحة الفلسطينية والاتفاق على تفعيل تطبيقه على الأرض، بعد بحث كل طرف للتفاصيل في هيئته القيادية وبالتشاور مع الفصائل الفلسطينية الأخرى للخروج بحكومة وحدة وطنية، ورغم تصريح حكومة الوفاق بجاهزيتها للاستقالة لإنجاح الحوار، إلا أن ما تم في الدوحة لم يكتب له النجاح حتى الان ، ومن هنا بدأنا نشعر بالمخاطر المحدقة على الشعب والقضية في لقاء نعتبره لقاء الفرصة الاخيرة ، الذى ربما وان فشل قد نسميه لقاء الضياع الاخير.
بتنا تستدرك الخطر الحقيقي للصراع القائم في بلادنا ، ليس صراع على مشاريع سياسية كما يوهمنا البعض ، بل حقيقة الصراع تدور حول صراع على سلطة ورقية لم تكتمل أركانها بعد ، وتكمن المعضلة الحقيقة بالنوايا المبيته لدى الطرفيين .
فحركة فتح تدرك أن حماس تغرق في مشكلات ذاتيه وموضوعيه ، وهى في ذروة أزماتها ، وان المصالحة الآن تقدم لها طوق النجاة، وحركة حماس تظن وهماً ان عودة السلطة إلى قطاع غزة بهيكلياتها القديمة يعني إعلان فشل مشروعها السياسي وطرحها المسمى بالتغيير والاصلاح ..
وامام تلك القناعات المبيته نرى ان كل من طرفي الانقسام يحاول العض على اصابع الآخر غير مدركين لحجم المخاطر الخارجية من حولهم ، والتي وضعت القضية الفلسطينية في هامش الشعور الدولي ، فقد ارخت الأحداث والمتغيرات الجارية في المنطقة ،بظلالها السلبية على القضية الفلسطينية، ومحاولة المنظومة الصهيوامريكية لتحويل منطقتنا الى كانتونات طائفية ومذهبيه واثنيه..
مكامن الخطر في فشل لقاء الفرصة الاخيرة بالدوحة :
- خطورة العودة الى ما تم تداوله من أفكار قدمت من وفود أوروبية وعربيه -زارت قطاع غزة بتسهيلات من حكومة الاحتلال - لتحقيق تهدئة لفترة زمنية طويلة في قطاع غزة ، وتحويل غزة لكيان فلسطيني مستقل، تحت وعودات بميناء ومطار وتسهيلات وهمية ..
- الاستفراد بالضفة الفلسطينية عبر توسيع الاستيطان وتحويل مدن الضفة الى جيتوهات ممزقة يسهل السيطرة عليها وعلى مداخلها ومقوماتها ..
- خلق سياسة الامر الواقع وجعلها بديله عن الحقوق التاريخية والقانونية ، يجعل المجتمع الدولي يتقبل فكرة البحث عن بدائل عن الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967في الضفة وغزة والقدس..
- تفكيك أوصال المجتمع الفلسطيني، نتيجة صراعات ومصالح فئوية وممارسات قد تدخل في سجلات العار الوطني وحثالة التاريخ الاسود ..
- تهويد القدس والاستفراد به في ظل جعجاعات دونكي شوط ، وفلسفة الردح الإعلامي ، بشكل مدروس من الصهاينة لتحويل انظار الفلسطينيين والعالم الى قضايا هامشية تتمثل بجولات مصالحة اقتربت الى عقد من الزمن في حين ان الصهاينة يعتبرون معركتهم واحلامهم الحقيقية في القدس وليس غزة .
- ان التشبث بهذا الفشل وإدامة حالة الانقسام كعنوان للمكابرة ورفض الانزياح عن تعبير الفشل الأساسي تتحول قضية الشعب الفلسطيني ومعاناته إلى قربان وضحية تنذر بعواقب وخيمة على مستقبل اجيالنا ، ونصبح مثل مصير العديد من القبائل التي مسحت من ذاكرة الشعوب التاريخية .
تأسيسا لما سبق نقول لقادة الفصائل لا تفرحوا على مسمياتكم فالتاريخ لن يرحمكم والاجيال اللاحقة ستلاحقكم بلعناتها ان لم تتخندقوا وراء المصالح الوطنية الصرفة ، فالأيام دول ، وستزول المناصب والاحزاب ويبقى الوطن وارضنا الفلسطينية لم تكن يوما عاقرا ، وستنجب من يمسح تاريخ كل من شرع في تصحرها.