في كل مرة امر بها بالدوار الثالث وانا في تلك المنطقة كثيرا اقرا عبارة مرفوعة كشعار على وزارة السياحة مكتوب عليها السياحة راسمالنا وعلى الرغم من انني لست مع الشعارات الرنانة والطنانة التي اعتقد انها ترفع ولا يعمل بها وهي سبب في تخلف الامم وقلة عملها وبركاتها وتصبح ترفع الشعارات ولا تعمل لا في صناعة شعرات جديدة بدلا من الكد والتعب والبناء، الا ان هذا الشعار وفي كل مرة اراه يهيج بي المشاعر الكثير لاسباب عدة.
اولى هذه الاسباب اان السياحة مهما كنت اسبابها والاسباب التي تدع السائح ياتي الى بلادنا هي من صنع الانسان فالاثار هي صناعة بشرية بناءها القدماء من الاجداد، فالبتراء من صناعة الانباط والمدرج الروماني وام قيس وجرش بناءها الرومان ابان حكمهم لبلادنا وكذلك قلعة عمون بناء الاجداد العمونيون وهكذا من الاثار والقلاع وغيرها من الاماكن السياحية. فكلها صناعة بشرية ومن هنا انتقل الى النقطة المهمة التي هي عنوان لهذا المقال الزراعة انتماؤنا .
ان هذا الشعار على شاكله شعار وزارة السياحة كان ولا بد ان يكون شعار وزارة الزراعة يرفع على كافة مبانيها وهي كثر كثير وعلى الرغم من عهدي الطويل في وزارة الزراعة وعهدي بها غير القصير فان هذه المباني والردهات لا تحمل هذا الشعار مع انه يقال في ادبيات وزارة الزراعة ان الزراعة نماء وانتماء وغيرها من العبارات التي تجسد شعور العاملين في هذا القطاع الكبير في عطاءه الصغير في نظرة الناس له لا لسبب الا لجهل الناس به على الرغم من انهم يتناولون في اليوم وجباتهم الغذائية منه فهويطفئ الجوع وعلى الرغم من ان الامان من الجوع اول سببين لعبادة الله وثانيهما الامان من الخوف اعاذنا الله من الخوف وقلة الامان في الاوطان وادام علينا الصحة في الابدان.رى يوميا اثار الخوف في الاوطان وقلة الامن بها والذي اوجده البعض في بلاد العربان عن جهل اوعن رغبة تعمد.
انا هنا لا اتعصب الى الزراعة مهنة الاباء والاجداد ولا انني قضيت جزء من حياتي بين جنبات وزارة الزراعة بل لانها اولى المهن التي امتهنها الانسان منذ ان وجد على هذه البسيطة ولانها عالم من الحياة فيها التوزيع والانتاج والمعيشة والحياة ولان مهنة رعاية الاغنام مهنة الانبياء والمرسلين ولان الزراعة ثمار وانتاج مخلوقات الله سواء اكانت نباتية اوحيوانية ولان الزراعة عذائنا ودوائنا واليها نهرب من حر الصيف وبرد الشتاء وهنالك الاسباب الكثير والكثيرة التي تجعل اي انسان عاقل يتحيز ويتعصب الى الزراعة.
فلا تقاس الزراعة بالمردود المالي والنقدي كما غيرها من القطاعات بل بالاثار الايجابية لها ولانها نظام حياة ومعيشة ففي المنطق الزراعية اوالريفية يعيش اكثر من ثلث سكان العالم بينما لا يعيش في المصانع اي انسان فالمصنع مكان عمل لا معيشة كما هي المزرعة لا بل ان اهل المدن قد يحسدون من يعيش في المزراع فالزراعة تعني البيئة التي يعيش فيها الانسان وتعني الهواء الذي يقوم النباتات باطلاق الاوكسجين فيه ليكون سببا من اسباب الحياة وهوالعنصر الذي لا يقدر الانسان ان يستغي عنه لعدة دقائق، في مقابل ان الصناعة تطلق غاز ثاني اكسيد الكربون الضار للانسان والحيوان والنبات ويعمل الانسان ويدفع الكثير من اجل التخفيف من اثار هذا الغار المنطلق من المصانع، كما ان مخلفات الزراعة مهما كانت هي جزء من دورة الطبيعة ولا تعمل على افساد البيئة والطبيعة كما هوالحال في مخلفات الصناعة.
وفي نفس السياق فان الزراعة تعتمد على الموارد التي وهبها الله للانسان والذي اوجب عليه صيانتها والعناية بها فهي من نعم الله علينا ومصدر غير متناقص لغذائنا ودوائنا وللحياتنا وان الاهمال لهذه الموارد يرتب استثمارات كبيرة لاعادة استخدامها. اي ان استخدامها لا يعني اندثارها وتناقص كمياتها فيمكن زراعة الارض سنوات وسنوات فمنذ بدء الخلقية والناس تزرع نفس الارض ومع ذلك فهي تعطي وتعطي.
ولكن في هذا البلد فان بعض ضعاف النفوس ممن يقيس الزراعة بالعائد المادي المباشر لها ناسين ومتناسين ان الامم المتقدمة ما كانت لتتقدم لولا القطاع الزراعي فيها وما احرزه من تقدم ودفع الاموال الطائلة للقطاعات الأخرى لكي تتقدم وتصبح عليه كما هي الانسان فهل يعقل ان يعاقب اويعاب الاب لانه جاع وقتر على نفسه في سبيل تعليم ابنه وتوصيله الى اعلى المراتب العلمية واصبح دخله كبيرا جدا جد وهل يهمل هذا الاب ويرمى اويوضع على الرف ان الجواب طبعا لا.
وهذا حال القطاع الزراعي الذي يوفر الماء والغذاء والمال والسوق والمصادر والقوى البشرية للقطاعات الأخرى.
وهنالك مثل يقال يا بوي اسمك وراء اسمي نوماس انا مش شيخ لكن افعالك الزينة شيخني. وهذا يجب ان يقال عن قطاع الزراعة من قبل القطاعات الأخرى ومن قبل كل انسان يعرف معنى الحياة فالزراعة هي الحياة وهي نظامها وهي الاب الحاني الذي يقطع عن نفسه في سبيل اطعام وتنشئة ابناءه.
فالزراعة لا تعني انتاج الغذاء ولا العيش في المزراع الزراعة تعني ارتباط الانسان بالارض ويعني العلاقة بين الانسان و النبات والحيوان و الارض والسماء تلك العلاقة الحميمة الازلية التي لا زالت على مر الدهور والسنيين انقى علاقة و اطهرها ولم يمسسها اي دنس كما غيرها من العلاقات الانسانية والزراعة هي القطاع المنتج عندما تتعطل القطاعات الأخرى فلن تتوقف الارض على احتضان جدوز النباتات ولا تتوقف عن اطعام الحيوان و لا على اطعام البشر، حتى لوجاء يوم القيامة. او كما قال سيدنا محمد عليه افضل السلام و التسليم (إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل). فهل يوجد اقدس واعز مقام او ارفع منزلة ومكانة واكرم من الزراعة.
فالى السواعد التي تحمل الطورية و المجرفة و المنكوش و المعول يحن على الارض لتمهد لزراعة نبتة او ترعى نبته لتكبر لتكون لغذاء لنا الى الايدي التي تزرع وتحصد في حر الصيف و برد الشتاء الى الايدي التي ترتخف شتاء و تصليها الشمس صيفا و هي ترعلى الاغنام في البادية الى هذه الايدي و السواعد تحية و مليون سلام انت الانتماء و انتم النماء و انتم من تعرفون معتى الحياة لانكم تهبون الحياة للغير.