من الصعب ان نجد شخصا يرغب في ان يكون فقيرآ لكن الواقع اثبت ان اﻻنظمه اﻻقتصاديه الفاشله في الدول هي من تصنع الفقراء بالاكراه وتحولهم من اشخاص منتجين دافعين للضرائب الى اناس متلقين للدعم ان وجد وهذا ما يفسره انصهار الطبقه الوسطى في المجتمعات.
ان صناعه الفقراء في معظم اﻻحيان ناجمة عن فشل الحكومات في ادارة الشأن اﻻقتصادي بدءا ببناء الموازنه العامه للدوله التي تقوم على فرضيات غير مقنعه ما يلبث فشلها ان يظهر بعد عام مع الاعلان عن ارقام العجز الحاصل بسبب سوء التقديرات والفرضيات لكل من اﻻيرادات والنفقات في الموازنه وانتهاءا باليات التنفيذ الفاشله.
اننا في الاردن وكغيرنا نعاني من ركود اقتصادي متنامي وهو ما يقلق المواطن والتاجر معا وهذا التخوف المشروع ياتي في ظل وجود شواهد على عدم نجاعة السياسه النقديه للحكومه لا بل فشلها في القدره على تنشيط الاجواء اﻻقتصاديه وتحديد مساراتها الاصلاحيه علما بأن هنالك اجراءات اقتصاديه ممكنه من شأنها تحريك الركود وتنشيط الاقتصاد وأود ان اذكر هنا بتلك القصه المعبرة عندما قرر احد اﻻثرياء التوقف في احدى المدن الساحليه الفقيره والتي كانت تعاني من نوم اقتصادي حيث دخل ذلك الثري الى افضل الفنادق في المدينه وطلب من مسؤول الاستقبال السماح له بمعاينة الغرف واﻻجنحه بغية اﻻقامه ووضع مبلغ مئة دوﻻر امامه وكان هذا الموظف مثقﻻ بالديون فقرر تسديد جزءا من دينه للجزار على اعتبار ان الثري سيستأجر لديه وتوجه مباشرة لسداد دين ذلك الجزار الذي فرح كثيرا بالمبلغ وجعله يقرر ايضا مباغتة تاجر الاغنام لسداد جزءا من دينه مما دفع بتاجر الاغنام وبمجرد استلامه للمبلغ الذهاب الى بائع اﻻعلاف وقدم له مئة دوﻻر من الدين المستحق عليه وكان هذا التاجر على علاقه غير شرعيه مع احدى النساء فذهب اليها ورجاها ان تقبل المئة دولار المستحقه عليه حيث قررت تلك المرأه بدورها ان تعود لمزاولة مهنتها السريه وتذهب للفندق ﻻستئجار غرفه لاستقبال زبائنها فيها وعندما دفعت المئة دوﻻر لموظف اﻻستقبال كان ذلك الرجل الثري قد فرغ من جولته بالفندق وابلغ الموظف بانه عدل عن اﻻقامه وما كان من موظف اﻻستقبال اﻻ ان اعاد للثري المئة دوﻻر التي تسلمها لتوه من تلك المرأه وهذه القصه تبين لنا ان تنشيط الحركة التجاريه امرا بسيطا وليس معقدا .
ولو ان من يقررون السياسه النقديه يتعاملون مع الركود الاقتصادي بشكل مدروس وفاعل لكانت الحركه التجاريه بالتاكيد افضل بكثير مما هي عليه الان فمن الممكن لقرار نقدي بسيط يقرر تخفيض نسبة الفائده ان يدفع بالعديد من المودعين لسحب اموالهم المجمده واعادة ضخها في السوق على شكل مشاريع استثماريه متنوعة الاحجام تؤدي لخلق فرص عمل جديده تعالج جذريا البطاله الظاهره والمقنعه والتي هي اخطر من اﻻولى وهذا ينطبق ايضا على تخفيض الضريبه الذي سيشجع ويعزز اشكال الاستثمار ولكننا لﻻسف ما زلنا نشهد اخفاقات حكوميه متتاليه في معالجة القضايا اﻻقتصاديه وهذه السياسات تعتمد اخفاء البيانات الحقيقيه والتقليل من حجم المشكلات الواقعه والمحدقه وما يؤكد ذلك هو استمرار تضارب التصريحات الصادره عن بعض المسؤولين حول نفس القضيه.
وقد يتسبب بقاء هذا النهج في ادارة الشأن الاقتصادي لمزيد من العجز والمديونيه وتنامي ارقام البطاله والتضخم ايضا والذي ربما يتحول الى انكماش بشكل مفاجئ في اي وقت من اﻻوقات لان عدم الاعتراف بالمرض قد يفاقم الحاله الصحيه للمريض وربما يؤدي للهلاك بينما نجد ان الاعلان عن المرض ومواجهته من شأنه اعطاء فرص للتشخيص الصحيح ووصف العلاج الشافي داعيا النظام اﻻقتصادي سرعة التحرك فعﻻ ﻻ قوﻻ والنظر بعين النحل نحو الحلول الاقتصاديه العديده وعدم النظر بعين الذباب الذي ادى لنمو صناعة الفقراء وان يشرعو في تحويل متلقي الدعم الى دافعين للضرائب من خلال سلسلة اصلاحات اقتصاديه فاعله تقوم على شراكه حقيقيه بين القطاع العام والخاص لتجاوز هذه المرحله الصعبه والتحليق بالاقتصاد الوطني نحو النمو والازدهار لما فيه الخير للمواطن الاردني.