تمر الأيام والسنين تترى ، والشعب الفلسطيني على مدار أكثر من قرن يتعرض لموجات من التطهير العرقي، والإبادة الجماعية المنظمة.
كل يوم تحاك عليه المؤامرات، والصفقات الدولية والاقليمية ، وأصبحت قضيتنا الفلسطينية العادلة كقطع مبعثرة من أحجار الشطرنج يسعى لترتيبها أبطال من الأقزام ، في ظل غابت فيه أمجادنا وتراثنا وثوابتنا وتبدل النسق القيمي لدينا .
اليوم نحن أمام ذاكرة مأساوية وجب علينا كمؤرخين إحيائها ، لعل من كان لديه ضمير بات نائما أن يصحو عبر انقسام مدبر أن يعمل على كي وعي وذاكرة الاجيال .
دير ياسين المقدسية ويضع نصب عينيه مصلحته الوطنية والإسلامية والقومية، فوق كل المصالح الهشة التي ستذهب أدراج الرياح ، انها ذكري مجزرة دير ياسين التي لازالت مخلدة في ذاكرة كل الأحرار ، ولا زلنا نرسخها في عقول وذاكرة أطفالنا كي لا ننسى ، ولن ننسى مهما دارت علينا الدوائر، وسعي الاحتلال عبر انقسام مدبر ومخطط والعمل على كي وعي وذاكرة الاجيال ..
دير ياسين والوعي التاريخي الذي لن ينسى :
تبعد قرية دير ياسين عن مدينة القدس 4 كيلو متر ، كان يبلغ عدد سكانها قبيل المجزرة في عام 1948( 700 نسمة ) غالبيتهم من المزارعين البسطاء المسالمين ، ولكن قضت المؤامرة الصهيونية وتحقيقا للمخطط الشيطاني للالتفاف حول القدس أن تدمر الفري المحيطة بها ،وكانت دير ياسين هى البداية الأليمة ..
وفى ظل الدعم البريطاني اللامتناهي للعصابات الصهيونية لم يكن أهل القرية المقدسية على علم أن شمس 9-4 من عام 1948 ستغيب عن سماء قريتهم ، ورياح الصهاينة الخبيثة محملة برائحة الموت من كل صوب ..
كانت الساعة الثانية صباحا و فجر التاسع من نيسان الربيعي يطل على قريتنا البديعة والعصافير تبيت في أعشاشها ، بأمان والأطفال يبيتون في أحضان أمهاتهم عسى ان تشرق الشمس بحلم قد تحقق على قريتهم ويلهون فى حقولهم كالمعتاد ،ولكن الفلسفة التلمودية و التوراتية المحرفة أبت إلا وان تسرق البسمة من شفاه أطفال دير ياسين كما تخطف الآن من أطفال غزة ..
اقتحمت عصابة شتيرن والهاغانا قرية دير ياسين، بقوات راجلة ودبابات وطائرات بنية القتل، والإبادة وألقت طائراتهم البريطانية الغربية والأمريكية 7 قنابل ، وفاق الأهالي على هول المفاجأة، والمصيبة السوداء، التي حلت بهم وتناثرت جثث الأطفال والنساء في كل بقعة من القرية الصغيرة ، وتحدث من رأي كيف ذبح الأطفال وبقرت بطون الحوامل ،وتحولت آبار القرية إلى مدافن جماعية ، وكان الهدف هو التطهير العرقي ..
وقاوم أهالي القرية العزل بالسلاح الأبيض ، وفؤوس مطهرة مختلطة بعرقهم وبأديم الأرض المقدسة..
وحدثت الكارثة :
ومحيت القرية عن الخريطة ومحيت معالمها الفلسطينية جغرافياً ، وتحققت أهداف التلمودية الآنية ، ولكنها لم تمحى من ذاكرة العرب والفلسطينيين ..
شهادة القتلة :
علّق قائد وحدة الهاغانا على وضع القرية المنكوبة في ذلك اليوم، بقوله: "كان ذلك النهار يوم ربيع جميل رائع، وكانت أشجار اللوز قد اكتمل تفتّح زهرها، ولكن كانت تأتي من كل ناحية من القرية رائحة الموت الكريهة ورائحة الدمار التي انتشرت في الشوارع، ورائحة الجثث المتفسخة التي كنا ندفنها جماعياً في القبر ) ..
أهداف المجزرة :
كان الهدف من تلك المجزرة تحقيق مبدأ الرعب التلمودي، ومحو الوجود الفلسطيني حسب الأوامر التوراتية ونزح من تبقى من أحرار دير ياسين ، ليكونوا شاهدا على العصر الدموي والأيادي التي تلطخت دماء أطفالنا ونسائنا وشيوخنا وتلذذ زعيمهم القومي مناحيم بيجين، وتباهى بها أمام جرذانه قائلا "ما وقع في دير ياسين وما أذيع عنها ساعدا على تعبيد الطريق لنا لكسب معارك حاسمة في ساحة القتال، وساعدت أسطورة دير ياسين بصورة خاصة على إنقاذ طبريا وغزو حيفا " فمن خلال كلمات( بيجين) نفهم المغزى الحقيقي ..
وأخيرا :
ومرت الأيام وارتكب الصهاينة ، وقطعان مستوطنيهم العشرات بل الاف من مجاز أبشع من دير ياسين نعدكم على إحياء ذكراها مهما كلف الأمر رغم النائبات لان فلسطين هي من تعنينا بالجانب الأول والأخير، وليس أصنام حزبية نعبدها، واليوم ونحن نحيى ذاكرة دير ياسين، أصبحنا هنا في بلادنا فلسطين ارض الرسالات و الإسراء والمعراج المقدسة ، محتارون لمن نقدم واجب العزاء فيهم ، أنقدم العزاء حقا فيهم ، أم نقدم العزاء لهم فى أنفسنا، أم نقدم لهم العزاء فى قادة الانقسام المتوهمون بأنفسهم ، تنرك لكم أن تكملوا من عندكم ايها الأحرار ..