بتقديري أن عملية القدس جاءت لتضع بصمتها مجددًا، لتؤكد على استمرارية الانتفاضة والهبة الجماهيرية في الضفة الغربية المحتلة ، وردا على استمرار غطرسة جيش الاحتلال وممارسته الوحشية واعداماته الميدانية للشباب الفلسطيني ، وتجيئ العملية في توقيتٍ دقيق خاصة بعدما حلت حالة الهدوء مؤخرًا، لتثبت أن الانتفاضة الحالية لها بصمتها التي تتمثل بـ” الموجات الممتدة” ، والتي تستطع التحول من الاستاتيكا الى الديناميكا الثورية وبالشكل واللون الذى ترسمه ..
إن اعطاء أي مساحة للتكهنات المستقبلية وهل ستستمر العمليات بهذا الشكل أم لا يمكن الحديث عنه، لأنه يصعب توقع ما سيحدث ومتى، وكيف ستكون العملية المقبلة، لكن الحالة التي تسود ليس دائمة؛ سواء بالهدوء أو الاشتعال، فكل هدوء يتبعه جديد يضرب جسد الاحتلال بشكل مؤلم ونوعي كما هي سمة عملية اليوم.
ومن المؤكد وحسب متابعتنا للعملية الحالية وما شابهها من عمليات سابقة ، أن العملية بحجمها ونوعيتها تحمل بصمات تنظيمية، رغم عدم اعلان أي من الفصائل الفلسطينية عن تبنيها للعملية لأسباب أمنية وسياسية تتعلق بالسلطة الفلسطينية والاحتلال بالضفة المحتلة.، وتحسبا لقيام رد فعل جنوني في غزة كالعادة الإسرائيلية المتبعة ، فحين حدوث أي عملية في الضفة ، فغزة لابد ان تدفع الثمن وهذا ما حدث في الحرب السابقة بعد خطف وقتل المستوطنين في الخليل ومما يدلل على وقوف التنظيمات الفلسطينية صاحبة الخبرة في هذا النوع من المقاومة هو مستوى التنظيم، المحكم للعملية وتوقيتها والرسائل المشفرة التي تحملها العملية ، بالإضافة الى مستوى القنبلة المستخدمة ونقلها وتركيبها وادخالها بشكلٍ منظم إلى القدس رغم ما فيها من إجراءات أمنية.، وهذا ما اذهل الاستخبارات الصهيونية وخلط اوراقهم وحساباتهم .
التوقيت ليس عشوائي :
باعتقادنا كمراقبين أن توقيت العملية ليس عشوائيًا ويتماهى مع المعطيات التالية :
- مناسبه ذكرى يوم الأسير وذكرى استشهاد خليل الوزير أبو جهاد وعبد العزيز الرنتيسي.
- حرب اعلامية بين المقاومة والاحتلال حيث ان العملية جاءت في وقت يتزامن مع اكتشاف النفق الذي أعلن عنه الاحتلال باعتباره اختراقا عالميًا،، وبذلك أفسدت المقاومة كل التغطية الاعلامية الاسرائيلية التي تستعرض عضلاتها وقوتها الاستخبارية في الكشف عن النفق كإنجاز مهم. ورصيد يضاف الى حكومة نتنياهو ، وجاءت تلك العملية كصفعة في وجه استخباراتهم.
ردود الفعل المتوقعة :
- في المدي القريب والعاجل أن الاحتلال سيضاعف إجراءاته بالضفة والقدس من حملات الاعتقال وهدم البيوت لرجال المقاومة في الضفة .
- اجراءات انتقامية عاجلة واعطاء اوامر بالقتل والاعدام الميداني في كل من يشتبه به أو بظله ..
- تكثيف العمل الاستخباراتي للكشف عمن يقف خلف تنفيذ العملية ، وتحديد هدف معين ومضايقته بكافه السبل ، واتهام مجموعة معينة واعتقالها لتحقيق نصر وهمي لإرضاء قطعان مستوطنيهم وحاخاماتهم المستنفرة للانتقام .
- تشديد الحصار على غزة ، ولاسيما فيما يتعلق بمواد البنية التحتية .
- رفض التعاطي مع كافة المبادرات التي من شأنها تحسين الاوضاع الفلسطينية بالضفة والقطاع ، وخاصة المبادرات العربية والتركية ، وفضية الميناء المقترح مؤخرا .
في المدي المتوسط :
- إرضاء لغرور المستوطنين والمتطرفين اليهود سيتم اصدار تعليمات بتكثيف بناء وحدات استيطانية حول القدس ..
- وضع مجموعة من شخصيات العمل المقاومة ضمن بنك اهداف الاغتيالات القادمة ..
في المدى البعيد :
من المؤكد ان حكومة الاحتلال تدرك ان احدى الفصائل في قطاع غزة من قام وخطط لهذه العملية ، وبالتالي ستكون تلك العملية بمثابة الذريعة التى تضاف الى ذرائع سابقة وستتخذها اسرائيل سببا مركزيا في عدوانها الرابع الحتمي القادم على غزة.