زاد الاردن الاخباري -
الحديث الذي يدور هذا الاوان بالنسبة للتشويش على قناة الجزيرة الرياضية خلال مونديال 2010 وان مصدره الاردن يفتقر الى العديد من الادلة الموضوعية والعلمية لاثبات صحته ، حيث لم تقدم القناة حتى اللحظة واحدا من الادلة التي تستند اليها في اتهاماتها واكتفت بالقول وفق بيانها ان "تحقيقا موسعا أجرته فرق من المختصين الدوليين المستقلين في المجال التقني قد توصل إلى اكتشاف الموقع الذي كانت تصدر منه عمليات التشويش التي استهدفت بث قناة الجزيرة الرياضية لمباريات كأس العالم 2010 التي أقيمت في جنوب افريقيا".
وبانتظار الادلة لاثبات صحة الاتهام فان المعطيات التاريخية تشير الى تضارب التفسيرات التي خرجت بها القناة بشأن عملية التشويش ، فهي ابتداء اتهمت ادارة القمر الصناعي نايل سات بانه يقف خلف التشويش وسرعان ما تبدد هذا الاتهام لتوجه الانظار الى اسرائيل التي لم يستبعد رئيس قسم المراسلين في قناة الجزيرة الرياضية ، رائد عابد ، تورطها بعملية القرصنة الفضائية التي تعرضت لها القناة ، وذلك في تصريح صحفي نشرته صحيفة الامارات اليوم ، واخيرا وبعد مرور ما يقارب ثلاثة أشهر يتم الاعلان ان مصدر التشويش من الاردن.
ان ما حدث لمجموعة قنواتها الرياضية على القمر الصناعي المصري نايل سات ، حدث أيضاً على القمرين عرب سات والهوت بيرد ، وهو ما لم يوضحه بيان القناة عند اعلانها امس الاول عن اكتشاف مصدر التشويش ، فهل كان على جميع الاقمار ام انه فقط على قمر واحد؟.
أسئلة برسم الاجابة
والاسئلة التي تطرح في هذا المقام كثيرة ، وفي مقدمتها السؤال عن اسرائيل ومدى تورطها في هذه المسألة خصوصا ان مباريات المونديال كانت تنقل على محطتين فضائيتين اسرائيليتين مجانا في وقت التزمت فيه دول عربية عدة بحقوق القناة الحصرية لبث المباريات ، فلماذا صمتت القناة عن قيام اسرائيل بالبث المفتوح للمباريات ، وما هو مصدر الاشارة التي نقلت مجريات المونديال اذا كانت القناة تملك حق الحصرية في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا؟.
ومن المفيد هنا الاشارة الى ان اسرائيل تمتلك طائرة استطلاع باسم "الزنانة أو الغربان السود" وهي عند تحليقها لا تكاد ترى بالعين المجردة حيث تقوم بالتشويش على المباشر على أجهزة استقبال الأقمار الصناعية.
وأيضا ثمة أسئلة مثارة تحتاج الى إجابات ، وهي:.
1 - الدوافع لمن يشوش يمكن أن تكون معروفة ، لكن تقنيا وعمليا هل من السهل التشويش على المحطات الفضائية؟.
2 - ما هي الأدوات أو الأجهزة اللازمة لإجراء التشويش؟.
3 - هل يمكن للأفراد أو بعض "الهاكرز" مثلا القيام بالتشويش؟.
4 - إذا كان القائم بالتشويش يحتاج إلى معرفة الترددات الصاعدة من المحطة التليفزيونية ، وهي أرقام تكون عادة سرية ، فكيف يحدث التشويش؟ هل يمكن تسريب الترددات من شركات الأقمار الصناعية أو من اقسام البث في الفضائيات؟.
5 - هل يمكن إجراء ما يسمى "تخليط" الإشارات الصاعدة إلى الأقمار الصناعية من أي مكان أم أن هناك شروطا لعملية التخليط أو الاعتراض؟.
6 - يقال إن الطائرات بدون طيار تستطيع عمل هذه الاعتراضات أو التخليط على الإشارات الصاعدة ، فهل هذا صحيح؟.
يوضح الخبير خليل رحمة في مقال له نشر على موقع الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة ان عملية البث الفضائي للتلفزيون عبر الاقمار الصناعية تتم وفق التقنيات التالية:.
1 - ننقل الصوت والصورة من استوديو المحطة التلفزيونية (TV Control room) الى مركز البث الفضائي عبر الميكرو ويف (Microwave Link) الذي يعمل على ترددات بين 6 و8 GHz.
2- بعد استقبال الصوت والصورة يتم ادخالهما في مرمز رقمي للصوت والصورة (Encoder MPEG2 DVB-S) لكل قناة ومنه الى (Multiplexer) الذي يستقبل عدة أقنية ليجمعهما ضمن باقة واحدة تصل الى اثنتي عشرة قناة.
3 - تدخل هذه الباقة الى (Modulator) الذي يحملها على تردد 70Hz ومنه الى (Upconverter) لتحمل على تردد ثم الى (Block Converter) ليحولها الى تردد آخر.
4 - يكبر التردد المخصص للباقة بواسطة {HPA (high power amplifier)} ويبث عبر صحن البث (Earth Station Uplink) الموجه نحو القمر الاصطناعي الموجود على الخط اللاستوائي ويبعد عن سطح الارض حوالي 36000 كم ، الذي بدوره يستقبل التردد ويحوله الى تردد ليعاد بثه نحو الارض.
5 - يستقبل هذا التردد على سطوح المنازل بواسطة الصحن اللاقط (Dish) الموصول بجهاز الاستقبال (SatelliteReceiver) الذي بدوره يستقبل الباقة مما يتيح للمشاهد اختبار القناة المطلوبة.
ويتساءل رحمة عن مدى إمكانية التشويش على الفضائيات؟ فيجيب انه يمكن التشويش على موجات الاقمار الاصطناعية لكل من يمتلك جهاز بث فضائي SNG ووظيفته البث بطاقة أو بقوة أعلى مما تبث به قنوات (الجزيرة الرياضية) على قمر نايل سات.
فتش عن اسرائيل
وقبل الاسترسال بالتساؤلات ، نستعرض بعضا من الاحداث التي تتعلق بعمليات التشويش تم الكشف عنها خلال العام الحالي وفي مقدمتها الكشف عن أكبر محطة تجسس إسرائيلية تتنصت وتعمل على تشويش المكالمات والبريد الالكتروني للحكومات والتنظيمات بالمنطقة ، والتي اوردت تفاصيلها صحيفة "لوموند ديبلوماتيك" الشهرية الفرنسية واعلنت عن وجود محطة تجسس إسرائيلية في صحراء النقب (جنوب إسرائيل) للتنصت على المنطقة ، هي الأكبر والأضخم في العالم.
وذكرت الصحيفة في عددها لشهر أيلول الماضي في تقرير كتبه الصحافي النيوزلندي نيكي هاجر ، أن مهمة هذه المحطة التجسسية تتمثل في اعتراض المكالمات الهاتفية والرسائل والبيانات الإلكترونية ، التي يتم إرسالها عبر الأقمار الصناعية وكابلات الاتصالات البحرية الموجودة في البحر الأبيض المتوسط.
يشار في هذا السياق الى ان الاجهزة الاستخبارية الاسرائيلية تعتمد على مصدرين اساسيين لجمع المعلومات الاستخبارية اللازمة لحربها ضد حركات المقاومة الفلسطينية والعربية ، وهما المصادر البشرية القائمة على تجنيد العملاء ، والمصادر الالكترونية القائمة على الاستعانة بأحدث ما توصلت اليه التقنيات المتقدمة المعروفة باسم "الهايتك".
ونقلت صحيفة "هآرتس" العبرية المقاطع الرئيسية من التقرير في الصحيفة الفرنسية ، التي كشفت النقاب عن انّ القاعدة السرية تقع بالقرب من القرية التعاونية (كيبوتس) اوريم ، وهي تعتبر اسرائيليا اهم قاعدة تنصت في المخابرات الاسرائيلية ، وهي تابعة لوحدة التجسس 8200 التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية (امان).
وتشير التقارير الإسرائيلية إلى أن السلطات الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية كثفت خلال السنوات القليلة الماضية بناء العديد من محطات التنصت مستفيدة من التطورات التكنولوجية في مجال الاتصالات ، حيث انتشرت في أماكن إسرائيلية متعددة الهوائيات الكبيرة والقوية القادرة على التقاط الاتصالات من مسافة تبعد مئات الكيلومترات.
وجدير بالذكر أنّ الجنرال المتقاعد اوري ساغي ، الرئيس السابق لـ"امان" اعترف بوجود مثل هذه الوحدة ، التي اعتبرها من اهم الوحدات الاستخبارية في الدولة العبرية ، وقال انّ اهداف الوحدة المذكورة هو المساهمة في تقديم رؤية استخبارية متكاملة مع المعلومات التي توفرها المصادر البشرية القائمة على العملاء.
وتعتمد الوحدة على ثلاث صور من صور العمل في المجال الاستخباري هي: الرصد ، والتنصت ، والتصوير ، والتشويش ، ويتطلب هذا النوع من المهام مجالا واسعا من وسائل التقنية المتقدمة ، وبالتالي فان مجمع الصناعات العسكرية الاسرائيلية (رفائيل) الذي تملكه الحكومة يقوم خصيصا بتطوير اجهزة الكترونية بناء على طلبات خاصة من القائمين على وحدة 8200 ، التي يقودها ضابط كبير برتبة عميد.
سوابق واضحة
وهناك سابقة حدثت فى فترة الحرب العراقية عندما تم التشويش على قناة المقاومة من الخارج رغم أنها تبث على النايل سات ، وفشلت المحاولات لحل المشكلة لأنها كانت ضمن حزمة قنوات أخرى ومن ثم تضررت من التشويش.
التشويش الالكتروني
ولمن لا يعرف ، فإن هناك دورا كبيرا تلعبه الموجات والاشارات الكهرومغناطيسية في تقنية الاتصالات وأجهزة الرادار وأجهزة التحكم في حركة الاجسام الطائرة عن بعد وإمكانية التحكم في حركتها ومساراتها بواسطة هذه الموجات ، حيث تلعب هذه الموجات دورا كبيرا في عالم التجسس اللاسلكي والاستطلاع الالكتروني مثل (الاقمار الصناعية - طائرات التجسس الالكتروني - الرادارات والمنظومات البحرية والارضية المعدة لهذا الغرض).
ومن هنا يمكن الوصول إلى أن الموجات والاشارات الكهرومغناطيسية تعتبر الوسيلة التي تؤمن عمل كل هذه المعدات التقنية المعقدة ، حيث ان هذه الموجات تشكل وفقا لقوانين فيزيائية محددة مسؤولة عن شكلها (التردد - سعة النبضة او الاشارة - قطبية النبضة - الطول الموجي) ، فمثلا كلنا نعرف أن الاشارات التلفزيونية التي يتم إرسالها من محطات البث الاذاعي التلفزيوني تتميز بتردد محدد لكل من إشارة الصورة وإشارة الصوت لا يمكن استقبالها إلا بعد ضبط جهاز الاستقبال المرئي على النطاق الذي يسمح بتحليل وتنقية هذه الاشارة ومن ثم نقلها إلى كل من قناة الصوت والصورة ، وفي حالة حدوث أي تداخل لأي موجات أخرى على هذه الاشارة فإنه يعيق تحليلها والتحصل على قوة الاشارة المطلوبة ، ومن هنا نعرف بوجود إشارات تعيق ذلك تسمى تشويشات.
سيناريوهات
لا يستبعد خبراء أن عمليات التشويش التي حدثت لقناة الجزيرة الرياضية سببها القناة نفسها ، وهو ما ذهب اليه أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري عندما قال في تصريحات صحفية نشرت على موقع العربية نت في الثاني عشر من حزيران الماضي ان قناة الجزيرة هي التي قامت بالتشويش.
ويقول خبراء انه لا يمكن استبعاد قيام القناة بالتشويش على نفسها لاسباب اولها للانسحاب من القمر الذي تبث منه دون شروط جزائية لا سيما ان لها طموحا بانشاء قمر صناعي لها يحتاج تصنيعه عاما او اكثر قليلا ، وبالتالي تمهد الطريق امامها للانسحاب دون الالتزام بالشروط الجزائية.
ويدلل الخبراء على روايتهم بالقول ان القمر في مداره لا يستطيع التشويش على قمر آخر ، ولكن تستطيع المحطة الأرضية لقمر أن تقوم بالتشويش على محطة أرضية لقمر آخر ، وقد تكون هناك تكنولوجيا لا نعرفها يمكنها التشويش على قمر آخر.
ويقول خبراء انه لا يمكن لأي فريق عمل إخباري في أي قناة في العالم أن يقوم بذلك العمل التخريبي من خلال إرسال تردد للقمر بقوة أكبر من قوة الإرسال الأخرى الصاعدة من المحطة الأرضية للقناة إلى الساتل.
ويذهب المهندس محمد سويدان رئيس قطاع الإرسال الفضائي لكل باقات القنوات العربية والأجنبية على القمر الاصطناعي "نايل سات" في تصريحات خاصة للعربية نت نشرت في الرابع عشر من حزيران الماضي للتأكيد على أن التشويش يتم عن طريق محطة إرسال ترسل ترددات كهرومغناطيسية من خلال محطة أرضية للقمر الموجود على ارتفاع 37 ألف كيلومتر من الأرض ، وتعاد الإشارة نفسها من خلال القمر على تردد آخر سواء كان التردد الصاعد أو التردد الهابط في منطقة التغطية كلها. والقمر "نايل سات" تمتد تغطيته الجغرافية من المحيط الأطلنطي إلى الخليج العربي شرقاً ومن جنوب أوروبا إلى السودان جنوباً.
وللعلم فان الترددات الصاعدة والهابطة متفق عليها ومحددة من الهيئات الدولية ، ولكل شبكة قنوات أقمار وترددات محددة تستغلها ، وقنوات الجزيرة الرياضية تشغل في القمر المصري "نايل سات" 3 ترددات لـ 13 قناة بما فيها القنوات الجديدة "الهاي ديفينيشين".
وأكد المهندس سويدان أنه من الممكن لأي شخص يمتلك معدات تستطيع إرسال ترددات مشابهة التشويش والتداخل على الترددات الصاعدة أو الهابطة ، وفي أغلب الأحيان الترددات الصاعدة. ومن المعدات المطلوبة لهذه العملية المعدات الخاصة بجمع الأخبار ، فأي فريق من أي قناة يحمل معدات ويتحرك بها إلى مواقع أحداث ويرسل منها أخباراً مصورة عن طريق الأقمار الصناعية إلى الاستوديوهات الخاصة في منطقة تغطية القمر ، وهذه الوحدات منتشرة في منطقة تغطية القمر "نايل سات" ، فهي تستطيع أن تحدث تشويشاً.
محرر الشؤون المحلية- الدستور