زاد الاردن الاخباري -
ما إن تطأ بقدميك مخيم الأزرق للاجئين السوريين شمال المملكة، حتى تأسرك الحديقة البهية المقامة في مركز المرأة الذي تعمل فيه لاجئات سوريات زرعن الورود بالحديقة لكسر وهج الأرض القاحلة في المخيم الصحراوي.
تحت سقف مظلة أقيمت لقضاء وقت الاستراحة في المركز، تتحدث ألاء وبديعة بحماس عن الكيفية التي غير بها التحاقهما في برنامج يقوم على توفير فرص العمل للاجئين عبر إحدى المنظمات غير الحكومية المعنية بمساعدة اللاجئين.
تقول ألاء، "كنت محبطة للغاية قبل إن أعمل هنا، قدمت للمخيم منذ سنة، واستلمت عملي منذ أربعة أشهر حيث التحقت بمركز المرأة في المخيم، وبدأت أجني المال مقابل بضع ساعات أقضيها هنا".
تدير ألاء حصصا لتعلم رياضة الزومبا، وهو أمر أتاح لها وللنساء في المخيم الخروج من الكرفانات المكتظة التي يقيموا بها، وأضافت" هذا العمل منحني شعورا بأن هناك أهدافا يجب أن أحققها وان هناك مغزى لوجودي هنا إضافة لدخل يساعد عائلتي".
ولدى سؤال المتطوعات هنا عن نظرتهن لمستقبل وجودهن في المخيم، كانت الإجابة التلقائية من الجميع أن "على المسؤولين إيجاد فرص للرجال المقيمين في المخيم".
المرأة تعيل أسرتها.. الأمر ليس بتلك السهولة
هناك شعور عام في المخيم أن المرأة باتت تحصل على فرص عمل أكثر من الرجال، تقول ألاء "الكثير من الرجال هنا يرغبون بالعمل من اجل عائلتهم في ظل انقلاب الصورة النمطية حول أن الرجل هو المعيل للأسرة وليس المرأة".
ويسود مجتمع الرجال في المخيم حالة من الإحباط لان المرأة هي من تأتي بالمال وليس العكس، في مشهد غير مألوف لدى المجتمع السوري.
تقول بديعة التي تعمل بذات المركز بينما زوجها عاطل عن العمل واصفة ذلك بأنه وضع غير سوي، "أحاول أن أدعم أسرتي لكني لا اصدق إني دخلت ميدان العمل وأني من يعيل الأسرة، لم أكن أتخيل يوما أن هذا سيحدث".
ورغم دخول النساء على سوق العمل في مخيمات اللجوء إلا أن الإحصائيات تكشف أن الرجال لا يزالون يهيمنون على سوق العمل حيث بينت الإحصائيات أن 76% من العاملين في مخيم الزعتري من الرجال وسجلت نسبة مماثلة تقريبا في مخيم الأزرق، رغم خول المرأة بقوة إلى السوق.
وتقول المسؤولة في منظمة شؤون اللاجئين السوريين ريتشيل دوري، إن النساء اللاجئات يحظين بمعاملة تفضيلية فيما يتعلق بفرص العمل وان ما يقال عن أن هناك صورة نمطية تحارب عمل المرأة هو أمر مجاف للحقيقة، ولكن بالمقابل أي نجاح ولو بسيط في إحلال المرأة اللاجئة بسوق العمل يم تفسيره على انه على حساب الرجال.
وأضافت، "المعاملة التفضيلية للمرأة في سوق العمل لا تزال تحدث صدمة في مجتمع محافظ كالمجتمع السوري الذي جاء منه هؤلاء اللاجئون".
التحول في الدور الوظيفي بين الجنسين
في ذات المركز التي تعمل به ألاء يشاركها زوجها احمد إدارة الصالة الرياضية بعد عام كامل قضاه عاطلا عن العمل، يتحدث ضاحكا عن بداياته في المخيم، "لم يكن هناك شيء نعمله"، رغم انه واجه صعوبات جمة في سوريا إلا أن شعور الفراغ واللاجدوى في الأزرق جعله يشعر بالفقد والرغبة بالعودة لبلاده، يقول" كنت أريد العودة لسوريا قبل أن احصل على هذا العمل لأني كنت محبطا ولا املك شيئا هنا".
معظم الرجال هنا كحالة احمد وجدوا نفسهم مشردين دون عمل، ووسط هذه الظروف ورغم النظرة المتشددة تجاه عمل المرأة، كانت الفرص التي توفرها المنظمات المعنية بشؤون اللاجئين تأتي للنساء أكثر من الرجال.
دفعت الأوضاع الصعبة سكان المخيم إلى مزيد من التوتر والمشكلات الزوجية نتيجة للفراغ وضيق حالة اليد، يقول احمد "أصبحت اشعر أن بقائي بالكرفان يجلب مزيدا من المتاعب.. كنت اهرب إلى خارج الكرفان تجنبا للمشاكل مع زوجتي".
تقول المسؤولة الأممية ريتشيل دوري، إن عمل المرأة ساهم بانخفاض المشاكل بين الأزواج، كما أن التوتر الاقتصادي والاجتماعي انخفض أيضا، حيث تبين أن معدل الإنتاجية للعائلات في مخيم الزعتري ارتفع بنسبة 1,450% من خلال برامج تشغيل اللاجئين في برامج تنظيف المخيم وحصص الرياضة وتنسيق المجتمعات وتعليم الأطفال وتطوير البنية التحتية والطاقة الشمسية.
وفي ظل التحول الدراماتيكي الحاصل في الدور النمطي للجنسين يقول احمد انه يجعل زوجته تساهم بتغيير لواقع البائس هنا من خلال العمل بحيث لا يقتصر دورها بالذهاب فقط لبيت أهلها، فالعمل ساهم بتقليل مشاكلهم وغير من حياتهم وجعلهم أسعد.