زاد الاردن الاخباري -
أكثر من 11 طفلا حطوا في مطار ماركا المدني بعمان مساء اول من امس، قادمين من قطاع غزة المحاصر، لاستكمال رحلة علاجهم إلى دولة سلوفينيا، ترافقهم سيدتان من ذوي الاطفال، و3 فنيين مختصين في العلاج الطبيعي لتقديم الدعم خلال الرحلة، وفق رئيس مجلس ادارة الشركة الاردنية للطيران التي ستقل الاطفال محمد الخشمان.
وفي قاعة الانتظار، جلس الاطفال المصابون بعيون تترقب لحظة صعودهم الى الطائرة، يزهر الامل في قلوبهم بنيل حظ لزراعة اطراف اصطناعية لأجزاء من اجسادهم المبتورة، تعوضهم عما فقدوه اثر اصابتهم في العدوان الإسرائيلي على القطاع.
ووسط ومضات كاميرات مصوري صحف، كانت تلاحق هذه المجموعة الصغيرة من الاطفال، ذوي الاعضاء المبتورة، هيمن الصمت على القاعة، والتزم الاطفال الهدوء، محتفظين بغليان ارواحهم التي تحمل تفاصيل وقائع مؤلمة أدت الى ما هم عليه من إعاقات.
"الجنود الإسرائيليون كانوا يعرفون وهم يشنون حربهم علينا في غزة، أنهم يقتلون براءة الأطفال برصاصاتهم"، وفق نسرين مطر (14 عاما) إحدى ضحايا الاجتياحات الإسرائيلية المستمرة للقطاع.
تقول نسرين القادمة للعلاج إنها كانت في الثانية من عمرها، عندما اقتنصتها "رصاصات العدو قرب منزلنا في منطقة نصيرات (المخيم الجديد) واستقرت في ساعدي"، وبلهجة تحد، قالت "ورغم ما أصابني فإنني لن اخاف من العدو، الذي لن يهزم صمودنا".
وبالرغم من ان الغرغرينة، نهشت جسدها الغض بسبب تلك الاصابة التي ما تزال تداعياتها تلازمها، وبتر يدها اليمنى إثر ذلك، وبالرغم من مرور 12 عاما على إصابتها، لم يتسلل اليأس الى روحها، كما تقول، بل زادها الابتلاء صمودا فأنا "أمارس حياتي بشكل عادي، أغسل وأطبخ وأدرس، حتى انني حققت المرتبة الاولى في المدرسة وفي مسابقات الشعر التي اشارك بها".
أما سابد بكر (13 عاما) الذي يقتعد كرسيا متحركا، فلم يلتفت الى احد، وكان مصرا على التزام الصمت أمام إصابته التي تتحدث عن نفسها من دون حرج او تكلف، فيداه ورجلاه مقطعتان، وخضع لـ14 عملية بتر، بحسب والدته التي اشارت الى ان اصابته جرت إثر سقوطه من على سطح منزله على سياج كهربائي، أصابه بصعقة، لينتهي به الحال مقطع الأطراف.
وبينت أن إصابة سابد تمت خلال الاجتياح الاسرائيلي للقطاع أواخر العام 2008 وبداية 2009 أثناء الليل، اذ صعد الى سطح المنزل ليرفع العلم الفلسطيني، لكن وابل رصاص كان مصوبا نحوه من رشاشات الجنود الاسرائيليين، ما اربكه، ليسقط حينها ويصيبه ما اصابه.
الى ذلك، فإن الطائرة التي اقلت جموع المصابين ومرافقيهم، سيرتها شركة الاردن للطيران بالتعاون مع الهيئة الخيرية الهاشمية، وحضنت هؤلاء الاطفال الذين يبحثون عن امل يعوضهم ما فقدوه من اعضاء، وبقي غائبا عنهم لسنوات طويلة وقاسية، بسبب شح إمكانات العلاج داخل القطاع.
يقول الطبيب المرافق للمصابين الدكتور فرج ابو ريا إن "جميعهم يعانون من بتر في الاطراف العلوية والسفلية، ما يتطلب تركيب اطراف اصطناعية بديلة لهم، وإخضاعهم للتأهيل العلاجي لتمكينهم من ممارسة نشاطاتهم اليومية".
ولفت إلى ان القطاع يفتقر إلى مراكز متطورة للعلاج التأهيلي، ولا تتوافر فيه المواد الخام لتصنيع الاطراف الاصطناعية، مشيرا الى ان المصابين"نموذج يمثل مئات الحالات التي تحتاج الى تأهيل وعلاج، ما يتطلب جهودا دولية لإيجاد مركز علاج متكامل في القطاع".
ولفت الخشمان إلى أن "الاردنية للطيران" سيرت 3 رحلات جوية مماثلة لنقل مجموعة اطفال مصابين الى سلوفينيا وإعادتهم إلى غزة عبر عمان، بعد تلقيهم العلاج والتأهيل.
وبين ان هذه المسانده: تأتي تنفيذا لتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني وبمبادرة طيبة من رئيس جمهورية سلوفينيا الدكتور دانيلو ترك، لمساعدة أهالي القطاع المحاصر منذ اكثر من 4 أعوام، وللتخفيف عن الأطفال الذين اصيبوا جراء العدوان الاسرائيلي منذ اكثر من سنتين.
الغد