لو بدأنا من النتيجة، يمكن القول: إن وزارة التربية والتعليم تمكنت بل أبدعت في قلب المزاج العام للمعلمات والمعلمين مع بداية العام الدراسي الجديد، بمعنى أجهدتهم جسديا ونفسيا منذ اللحظة الأولى.
نعم يا معالي الوزير، تغلّب في الجسم العنصر السّوداويّ كما يقول القدماء، فقُلب المزاج ومُلئت الصدور وطفح الكيل غيضا، مما يبشر بعامٍ دراسيّ مليئ بالإخفاقات والفشل، بعد اغتيال الحماس، فهل هذا مرادك؟
إن كنت لا تعلم ...، فاعلم يا معالي الوزير أن من يضع الخطط الدراسية في وزارتك لا يمتلك كفاءة رسم خطة يومية لنفسه أو لعائلته، بل قد يصدمك إن قلنا: إن فخامته لا يدرك حتى معنى "الخطة".
هل يعلم معاليك أن أغلب قرارات مجلس التعليم والتربية، لا يستطيع أغلب الميدان فهمها ومعرفة آلية التعامل معها؟ وما كان ذلك لقصور لديه، بل مردّه طلاسم القرارات ذاتها، وعدم فهمها حتى من قبل متخذيها.
هل يعلم معاليك أن تطبيق الخطة الدراسية الإبداعية الجديدة للصف الأول الثانوي، على أرض الواقع، يعني إطالة دوام الطلبة حتى الرابعة مساء على نظام الساعات، وحتى الساعة الثالثة وعشر دقائق على نظام الحصص؟
إليك مثالا طازجا:
عممت وزارة التربية خطتها التطويرية والمتضمنة عدد الحصص لكل مادة دراسية، وعند جمع عدد الحصص الأسبوعية للفرع الصناعي مثلا، نجد أنه 40 حصة، وبقسمة هذا العدد على أيام الأسبوع الدراسية الخمسة، يصبح نصيب اليوم 8 حصص، وبضرب العدد بمدة الحصة (45) دقيقة، مضافا إلى الناتج استراحة ما بين الحصص، واستراحة الفرصة، يصبح الناتج 7 ساعات إلا 20 دقيقة، مما يعني أن نهاية الدوام الفعلي هي الساعة الثالثة وعشر دقائق.، وقس على ذلك في الفروع الأخرى.
فهل يمكن تحليل الأمر، أن مبدعي الخطة قاموا بقسمة العدد على أيام الأسبوع، بما فيها يومي الجمعة والسبت، لذا رأوا أن النصاب منطقي؟
الأمثلة كثيرة يا معالي الوزير، وهمّ المعلم يتفاقم، والمضحك أنكم تتحدثون على إصلاح التعليم، فأين المعلم منه؟
هل يستطيع معاليك بعد عقود من إنشاء وزارة التربية، إخبارنا متى ينتهي دوام المعلمين اليومي، حتى لا يكون وقيعة لعنجهية بعض الإدارات التي تتفنن في إذلاله، وتستمتع بحبسه رغم إنتهاء برنامج حصصه اليومية؟ وما الفائدة التي تجنيها الوزارة من التحفظ عليه داخل المدرسة وتبعا لأمزجة الإدارات؟ ألا يعلم معاليك أن المعلم يحمل معه معظم عمله إلى منزله لإتمامه؟
اسمح لي أخيرا، أن أضبط كلمة (صديق) الواردة في العنوان لتصبح (صِدِّيق)، أي أنك لست صديقي، بل أنا ناقل الصدق لمعاليك، آملا أن تكون من السامعين.