زاد الاردن الاخباري -
المساحة الحساسة في موسم الانتخابات العامة الاردني حاليا تتمثل في الاجابة عبر العملية الانتخابية على سؤال بقي معلقا منذ اكثر من عام.. لماذا تم حل مجلس النواب السابق الذي شوهت صورته شعبيا واعلاميا احيانا بقصد واحيانا بدونه؟
نقطة الارتكاز في المساحة الحساسة يمكن تلمسها عند التحدث مع جميع المسؤولين في مواقع القرار الرسمي وهم يسترخون مضطرين داخل معادلة سياسية ضيقة جدا قوامها التساؤل حول هوية وتركيبة المجلس النيابي المقبل، فقد تأسس مجلس انتخابات 2010 برمته على فكرة التناقض مع انتخابات 2007 التي لم تكن نظيفة، لكن المفارقة الحرجة تتمثل في عدم توفر ضمانات حقيقية حتى الآن تشير الى ان التركيبة في المجلس المقبل ستتغير.
عليه لا يزال سؤال التركيبة يمثل بؤرة الجدل والصراع السياسي في البلاد، فبرلمان 2007 حل لان اجراءات انتخاباته "لم تكن نظيفة"، ولأن افراده وغالبيتهم من قطاع البزنس والعطاءات توسعوا في التركيز على مصالحهم الفردية، ولانهم شاكسوا اكثر مما ينبغي وبدون مسؤولية في التعامل مع تشريعات ضرورية كانت تحتاجها الدولة.
فوق ذلك حل البرلمان السابق، كما يقال في كل مرافق صناعة القرار، لان التمثيل الاسلامي فيه كان ضعيفا جدا بسبب "التزوير ضد مرشحي الحركة الاسلامية" على حد تعبير الدكتور عبد اللطيف عربيات.
كما حل لان القوى الكونية وسفاراتها كانت مهتمة بحصة اكبر من المقاعد للنساء وللتمثيل الفلسطيني، واوقفت عملية نموه واستمراره لان تركيبته ليست متعاونة مع سلطة التنفيذ بكل الاحوال، واظهرت ميلا للمناكفة وزهدا في الرقابة والتشريع والعمل الوطني السياسي مقابل التوسع في التركيز على العطاءات والمصالح التجارية والخطابة الفارغة من المضمون.
الاسباب المشار اليها جميعها قيلت وتقال كمبررات لحل البرلمان السابق.. والمثير في المعادلة السياسية الاردنية اليوم ان احدا في السلطة لا يستطيع الادعاء بأن الفرصة الآن متاحة لولادة مجلس نيابي لا يشبه سابقه وبالتالي متاحة لمعالجة الاسباب الحيوية والمهمة التي حل من اجلها البرلمان اصلا مما يدفع مسؤولين في مواقع اساسية لاستخدام صياغات عمومية جدا في الاجابة على اسئلة محددة من طراز لا ندري.. كيف سنعرف؟.. دعنا نرى ما سيحدث.. الخيارات كانت ضيقة.
خارطة الانتخابات الاردنية اليوم وقبل اقل من شهر على يوم الاقتراع، تقول بأن غالبية نواب العطاءات والمقاولات الذين فازوا في المرة الماضية اما بالصدفة او بغيرها سيعيدون الكرة فإعلاناتهم تملأ عمان وبقية المحافظات وروائح المال السياسي يشتمها البعض رغم تهديدات الحكومة.
والخارطة تقول ان الحكومة نفسها تعترف بأن القانون الحالي للانتخاب لا يحقق القفزة الاصلاحية المطلوبة التي لا يدري احد عمليا متى يمكن ان تحصل، وتقول بأن كوتا النساء ستذهب بعد زيادتها في اغلبها لنشاطات محليات غير مسيسة.
وان دوائر "الكثافة السكانية" في مدينتي عمان والزرقاء لا زالت تميل للصمت والاحجام عن المشاركة الفعالة في الاقتراع، مما يعني ان مقترحات زيادة حصة التمثيل الفلسطيني في المقاعد لن يحالفها الحظ ليس لان الحكومة تبقيها سرية وتخشى التعبير العلني عنها، ولكن ايضا لان ثقافة الترانزيت لا زالت تحكم الصوت الفلسطيني عموما الا في حالات نادرة، ولان الاخوان المسلمين بصفتهم المحطة التقليدية لاستقطاب الصوت الفلسطيني خارج لعبة الاقتراع.
بالتوازي لا توجد مؤشرات تقنع المراقبين بأن فرص المرشحين المسيسين والنشطاء المثقفين والذين يمكن الرهان عليهم في الحراك الانتخابي قوية او حتى منافسة ليس فقط بسبب عزل هؤلاء عبر عشرات السنين، ولكن ايضا لان متطلبات خطاب النزاهة التي ترفعها الحكومة لا تسمح بأي تسهيلات او مجاملات لهم.
عليه يمكن بسهولة رصد مسؤولين بارزين وهم يعبرون عن مخاوفهم من تكرار"التركيبة" مع قانون انتخاب لا يحقق الاصلاح السياسي وعملية اقتراع تقاطعها الحركة السياسية وميل غالبية الناس للاحباط العام، الامر الذي سينتهي اذا لم تتمكن المؤسسات من الاستدراك بالعودة لمربع السؤال الاول المحرج.. لماذا تم حل البرلمان واجريت انتخابات اذا كنا بصدد نسخة معدلة من المجلس السابق؟
بسام البدارين- القدس العربي