زاد الاردن الاخباري -
منتصر غرايبة - على عجلة من أمره وتحت آلام كدمات تلقاها من أحد الأشخاص على خلفية مشادة كلامية يتوجه أشرف محمد إلى أقرب مركز أمني لتقديم شكوى بعد حصوله على تقرير طبي ليتفاجأ بأنه مطلوب لدى نفس المركز إثر شكوى مقدمة بحقه ومدعمة بتقرير طبي.
ورغم تأكيده بأنه لم يقم بالاعتداء على الشخص الآخر وأنه تم الاعتداء عليه تحسم التقارير الطبية المقدمة من كلا الطرفين القضية على أنها مشاجرة لتنتهي بتوقيف الطرفين تمهيدا لتحويلهما الى القضاء أو قبول المصالحة وإخلاء سبيلهما.
ووسط شعور أشرف بأنه صاحب حق مهضوم يقبل بالمصالحة متفاديا تعرضه للتوقيف ليغادر المركز الأمني وبمخيلته مئات الأفكار حول كيفية تحصيل حقه.
وتعد حالة أشرف واحدة من بين المئات من الحالات التي يشعر بها مواطنون أنهم أصحاب حق مهضوم.
وتختلف قضايا المشاجرات بين الأشخاص والتي يصبح فيها المعتدي والمعتدى عليه مذنبين أمام القضاء الذي يعتمد شكوى مقابل شكوى وكل واحدة مدعمة بتقرير طبي.
ومن المفارقات بالموضوع أن تقديم شكوى بالتعرض للضرب والاعتداء لا يتطلب سوى الحصول على تقرير طبي، وهو الأمر الذي يسهل تحقيقه بسبب عدم اعتماد جهه رسمية واحدة للحصول على مثل هذه التقارير والتي من الممكن أن يكون لها دور في الكشف عما إذا كان أحد الأشخاص قام بإيذاء نفسه للادعاء على شخص آخر أم لا.
ويشير مصدر في مركز الطب الشرعي لإقليم الشمال فضل عدم ذكر اسمه أن من أبجديات علم الطب الشرعي معرفة ما اذا كان الشخص تعرض للضرب والاعتداء نتيجة مشاجرة وتحديد وقتها أم قام بإيذاء نفسه أو الطلب من شخص آخر إيذاءه من أجل الحصول على تقرير طبي ليتم استغلاله في تقديم شكوى.
غير أن المصدر بين أن دور المركز أو أي جهه تمنح التقارير الطبية لا ينطوي على الكشف عن كيفية الاعتداء بل يتوقف عند وصف الحالة من حيث وجود كدمات أو احمرار أو كسر أو غيرها من الأمور التي تصف حالة الشخص.
ويؤمن المصدر بضرورة أن يكون هناك دور لمراكز الطب الشرعي في الإسهام بكشف العديد من اللبس، على أن يتم تعزيز طواقم المركز لتمكينه من القيام بواجباته على أكمل وجه في ظل تكاثر القضايا المماثلة مقابل نقص حاد في طواقم المركز.
ويتفق مع وجهة النظر السابقة الناطق الإعلامي في مديرية الأمن العام المقدم محمد الخطيب الذي يؤكد على ضرورة أن يكون هناك جهة واحدة معتمدة لإصدار التقارير وأن لا يتم اعتماد أي تقرير طبي صادر عن جهة غير الطب الشرعي.
وبين أن دور المراكز الأمنية يتوقف عند حد الأخذ بالشكوى والإفادات وليس التحقق من صحة التقرير الطبي، وحال وجدت شكوى مقابل شكوى يتم توقيف الطرفين تمهيدا لتحويلهما للقضاء صاحب الفصل بالقضايا.
وأقر الخطيب بوجود شكاوى مفتعلة من خلال إقدام أشخاص على إيذاء أنفسهم والحصول على تقارير طبية وتقديم شكوى بحق أشخاص آخرين، ليصبح وقتها المعتدي والمعتدى عليه صاحبي شكوى يفصل بينهما القضاء حال استمرت الشكاوى.
وتتنوع طرق الإيذاء الجسدي من أجل الحصول على تقارير طبية بين إقدام الأشخاص على ضرب أنفسهم بآلة حادة في مناطق لا تؤدي إلى الإضرار البليغ، وبين استخدام العملات المعدنية لتشخيط مناطق مختلفة من الجسم والتي تظهر بأن الشخص تعرض لكدمات إلى المبالغة في إطلاق عيار ناري على أحد أطراف جسمه بشكل يلامس الطرف ولا يخترقه، وتقديم شكوى بأنه تعرض لإطلاق النار عليه.
وأمام مقترحات الجهات الرسمية حول الحد من شكاوى الضرب والإيذاء الكيدية يقترح المحامي حاتم بني حمد بأن يتم عمل جدول وكشف بأسبقيات الطرفين قبل إحالتهما إلى المحكمة حتى يكون لدى القضاء رؤية واضحة عن الطرفين، على الرغم من إشارته إلى أن هذا المقترح قد يكون له إسهام في التوصل للحقيقة غير أنه غير كافٍ.
ويزيد بني حمد أن هناك قاعدة جزائية يجب تفعيلها لغايات الوصول إلى الحقيقة وهي قاعدة القناعة الوجدانية لدى القاضي الجزائي الناظر للمشكلة، مؤكدا على ضرورة تفعيل هذه القاعدة والتي تسهم في دقة قرار القاضي في توقيف شخص والإفراج عن آخر.
ويرى بني حمد أن تحقيق الأمرين السابقين سيدفع باتجاه تخوف المشتكي الكيدي من تقديم شكوى كيدية لعلمه المسبق أنه سيكون أمام قاضٍ سيكشف أمره بعيدا عن اعتماد التقارير الطبية.
وبين أن عدد القضايا المماثلة في تزايد، الأمر الذي يحتم اتخاذ خطوات جادة من أجل الحد من المشكلة.
ويوافقه الرأي المحامي مأمون حبلة والذي يقترح تفعيل "السلطة التقديرية" لدى القضاة وعدم الارتكان فقط للتقارير الطبية المقدمة في اتخاذ القرار.
كما أشار حبلة الى وجود ما اعتبره لوما على الطبيب الذي يمنح التقرير الطبي، من حيث ضرورة توافر القناعة لدية بأن الشخص معتدى عليه بالفعل، إضافة الى اجراء تحقيق حول كيفية الاعتداء على أن يتم توظيف ذلك في كتابة التقرير والتي من شأنها الإسهام أكثر في كشف الحقيقة والوصول اليها.
وتنص المادة 333 من قانون العقوبات الأردني على أن "كل من يقدم قصدا على ضرب شخص أو جرحه أو إيذائه بأي فعل مؤثر من وسائل العنف والاعتداء نجم عنه مرض أو تعطيل عن العمل مده تزيد على 20 يوما عوقب بالحبس من 3 أشهر إلى 3 سنوات".
كما تنص الماده 334 في الفقر 1 "إذا لم ينجم عن الأفعال المبينة في المادة السابقة أي مرض أو تعطيل عن العمل أو نجم عنها مرض أو تعطيل عن العمل ولكن مدته لم تزد على 20 يوما عوقب الفاعل بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تزيد عن 25 دينارا أو بكلتا هاتين العقوبتين".
كما تنص الفقر 2 إذا لم ينجم عن الأفعال المبينة في المادة السابقة مرض أدى الى تعطيل عن العمل تزيد مدته على 10 أيام فلا يجوز تعقب الدعوى من دون شكوى المتضرر كتابة أو شفهيا وفي هذه الحالة يحق للشاكي أن يتنازل عن شكواه وعندئذ تسقط دعوى الحق العام".
الغد