كنت سائر في جبل الحسين صباحا ابحث عن تكسي يوصلني للتربية والتعليم ، وأثناء قطعي لدوار الداخلية باتجاه الشارع المؤدي للعبدلي وكوني مواطن أحيانا استخدم عقلي قلت إن إيقاف السيارة والسير في الشارع واخذ تاكسي أقل وجع رأس من السير بالسيارة في شوارع عمان صباحا ، وعند وقوفي فوق النفق المؤدي لمجمع الإسكان تصلبت كل عضلات جسمي ووقفت كالأبله انظر ، كان هناك مئات العيون التي تنظر إلي وكلها لا تحيد عن وجهي وهي عيون تبدو سعيدة لماذا لا اعلم ولكنها عيون تخرج من رؤوس تملك شعر لامع وممشطة بكل حذر لدرجة أن فرقة الشعر تظهر للعين بكل وضوح وهذه الرؤوس تعلوا أكتاف مضيئة وخالية من القشرة كما في الدعايات ، والأكتاف يكسوها قماش فاخر لبدله جميلة يصعب علي التفكير بسعرها ، وفي الجيب الصغير أعلى البدلة هناك قطعة قماش من لون القميص ، ثم في الاسفل تجد يدان مضمومتان على البطن يظهر منهما ساعات جميلة ولامعة والأكيد أنها غالية الثمن وخواتم في الأصابع ، ويحيط كل هذه الهالة كلمات طبعت بكل الألوان الملفتة للعين من الأحمر مرورا بالاصفر والاخضر الغامق ، وهي كلمات يصعب على عقلي البسيط أن يترجم معانيها أو مدى واقعيتها ، وربما يصعب كذلك على قاموس المحيط أن يجد لها معاني بين صفحاته ، كل هذه الوصف للوحات إعلانية لنواب قادمون وضعوا صورهم على حافة الرصيف وبشكل يصعب من خلاله معرفة أيهم الطويل أو القصير وأيهم في المقدمة أو المؤخرة ، كلها تقف على الرصيف وتستند للأخرى ، المهم أنهم جميعا ينظرون إلي أنا وحدي ، هكذا اعتقدت في البداية ولكني عندما أشحت بوجهي عنهم ونظرت حولي وجدت أن هناك مواطنين كثر غيري تنظر اليهم هذه العيون هناك مواطنين يسيرون غير مبالين بهذه العيون ومواطنين مجبرون على النظر في هذه العيون لأن رجل السير لم يسمح لهم بالتقدم بسياراتهم للعبور إلى دوار الداخلية فوقفوا ينظرون إليها من خلال شبابيك سياراتهم، لماذا كل هذه العيون تنظر لي ولغيري من المواطنين ؟ وما هو المطلوب مني كمواطن نتيجة هذه النظرات من تلك العيون ؟ وهل أنا مواطن مراقب لهذه الدرجة من قبل هؤلاء الرجال والنساء ، وهل حكومة الرفاعي تقع عليها هذه العيون كما وقعت علي وعلى غيري من المواطنين ، كأن هؤلاء الرجال والنساء نسوا المثل الذي يقول من راقب الناس مات هماً ، وانا كمواطن أوجه سؤالي لحكومة الرفاعي ماذا افعل عندما تغلق هذه العيون بعد أن تفرز الأصوات وكيف يمكن لي أن افتحها كي تشاهدني بعيون حقيقة تمتلئ بالحياة وليس عيون جامدة ومفتوحة فقط أمام آلات التصوير الفوتوغرافي ؟