كما يعلم الجميع، يُعد سعر الصرف العملة عنصر أساسياُ لإقتصاد أي دولة نظراً للدور الهام الذي يلعبه في النظم الإقتصادية عموما وما له من أهمية قصوى في تعديل وتسوية ميزان المدفوعات والذي تقوم عليه العلاقات التجارية "الإستيراد والتصدير " بين مختلف الدول، وما له من أهمية أيضا في دعم القدرة التنافسية عن طريق تجنب المغالاة في تقييم العملة الوطنية، لذلك نجد أن السلطات النقدية تتدخل في سلوك سعر صرف عملتها الوطنية، حيث تقوم المصارف المركزية بتحديد سعر الصرف بشكل يومي وفقا لسياستها النقدية لتجنب التقلبات الحادة التي تمر بها العملات من فترة لأخرى.
وبما أن استقرار العملة يعد مطلبا أساسيا وضروريا في توفير المناخ المناسب للإستثمار وجذب المدخرات والمحافظة على الإستقرار؛ فقد تلجأ البنوك المركزية الى ربط عملتها بعملة منفردة كالدولار الأمريكي مثلا أو بسلة من العملات، أو إلى نظام التعويم الذي يعتمد على ترك سعر الصرف حر يتحدد طبقا لقوى العرض والطلب (السوق) دون تدخل السلطات النقدية، وتتحدد السياسة النقدية تبعا لدراسات تعديل ميزان المدفوعات في الدولة أو للأفكار المطروحة لتجنب الأزمات الإقتصادية أو لمحاربة بعض الآفات التي تواجه سعر الصرف كالسوق السوداء التي تفتك بسوق صرف العملات.
هناك عدة عوامل مهمة تدعو أحيانا إلى تبني نظام التعويم مثل أن تكون احتياطيات النقد الأجنبي غير كافية فيكون الدفاع عن سعر صرف ثابت غير مجدي، وأيضا ارتفاع الضغوط التضخمية والافتقار إلى الاستقرار على صعيد الإقتصاد الكلي فتواجه الدولة عجزا في تصحيح أسعار الصرف المحددة من قبل بنكها المركزي، والاضطراب في خفض الانفاق وتخصيص الموارد كذلك التأثير المباشر على الطلب والعرض في سوق السلع المحلي.
علميا، التعويم نوعان، الحر والمدار، ورغم إمكانية تطبيق التعويم الحر من الناحية النظرية إلا انه عمليا من النادر استمراره لفترة طويلة حيث يرغب البنك المركزي عادة في التدخل بدرجات محددة وأوقات طارئة، والذي يتيحه التعويم المدار حيث يتدخل البنك المركزي للحد من التقلبات وهذا أكثر شيوعا.
نظام التعويم يؤدي الى رفع قيمة النقد المحلي أو خفضه، وكلتا الحالتين تؤثران في الأسعار وفي التجارة الخارجية وفي النمو الاقتصادي، وتختلف نتائجها بحسب إقتصاد الدولة التي قامت بتعويم عملتها، وغالبا ما يكون هناك فرق في النتائج ما بين الدول المتقدمة و الدول النامية، حيث أنه في حال تعويم العملة وارتفاع سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية فإن ذلك سيؤثر سلباً على حركة الصادرات، لأنه يؤثر على أسعار السلع المحلية وتصبح مرتفعة التكلفة للمستوردين الأجانب فينخفض الطلب عليها، وبالطبع ستزداد الواردات لأن أسعار السلع الأجنبية تصبح أرخص للمستوردين المحليين، مما يسهم في خلل الميزان التجاري، ومن المحتمل أن تهرب رؤوس الأموال المحلية وتتجه نحو الاستثمار الخارجي، لأنه أصبح بالإمكان مبادلة وحدة العملة المحلية بوحدات أكثر من العملة الأجنبية، وبذلك يتأثر ميزان مدفوعات الدولة تأثراً سلبياً، وتتأثر الصناعة المحلية بتعرضها لمنافسة الواردات، ويتباطأ النمو وترتفع درجة البطالة، وفي حالة تعويم العملة وانخفاض سعر صرفها مقابل العملات الأجنبية فتكون النتائج عكسية، وقد يكون هناك بعض الآثار السلبية لكن غالبا ما يرافق تلك القرارات خطط استراتيجية تحاول الحد من التأثيرات السلبية قدر المستطاع لكن لا بد من توفر تلك الخطط ومتابعتها وتقييمها بما يضمن الضبط والربط والمراقبة والتقييم.