زاد الاردن الاخباري -
جهاد المنسي- ما انفكت الدائرة الثالثة في عمان، تحافظ على زخمها السياسي، وإن كان بوتيرة أقل من السابق، وهي التي كانت تمتاز عن كل دوائر المملكة بمعارك انتخابية طاحنة، يتنافس فيها حزبيون وشخصيات سياسية.
"ثالثة عمان" هي قلب العاصمة ومركز الثقل السياسي وفيها مباني: مجلس الأمة (النواب والأعيان)، ومقر دار رئاسة الوزراء، وملعب الكثير من التجاذبات السياسية المختلفة.
تضم الدائرة مناطق (المدينة، زهران، العبدلي) من أمانة عمان الكبرى. خصص لها في القانون المؤقت للانتخابات العام الحالي، أربعة نواب مسلمين ونائب مسيحي، وتضم أكثر من 180 ألف مواطن، وتبدأ من مخيم الحسين، وتنتهي بحي الديار في عبدون، ومن حي السرور والمهاجرين وسط البلد إلى أم أذينة والشميساني وحي المدينة الرياضية.
يطلق عليها "دائرة الحيتان"، تعبيرا عن حجم المنافسة الكبير فيها ولثقل المرشحين الفاعلين في العمل العام، سواء من ذوي الثقل السياسي أو المالي والاجتماعي.
وسبق لـ"ثالثة عمان" أن أوصلت الى قبة البرلمان اثنين من رؤساء الوزراء السابقين هما: رئيس مجلس الأعيان الحالي طاهر المصري والعين علي أبو الراغب، إضافة الى نائب رئيس وزراء سابق هو فارس سليمان النابلسي، ووزراء منهم عبد الرحيم ملحس، ممدوح العبادي، وإبراهيم زيد الكيلاني.
وتضم العاصمة عمان سبع دوائر انتخابية، يتراوح عدد المقاعد فيها بين مقعد واحد كما هو الحال في الدائرة السابعة، وتشمل لواء ناعور، وخمسة مقاعد كما هو الحال في الدائرة الثالثة والأولى والثانية.
تختلف القراءات من دائرة الى أخرى في عمان، فمعطيات الثالثة، سياسية بامتياز مع عدم تغييب عوامل عشائرية عائلية مؤثرة فيها، بيد أن ذلك لم يمنعها من اكتساب صبغة سياسية، عكس الدوائر الأخرى التي تكتسب صبغة عشائرية أكثر منها سياسية.
وربما نالت "ثالثة عمان" لقب دائرة الحيتان لحجم المنافسة التي شهدتها منذ العام 1989 عند عودة الحياة البرلمانية الى المملكة، ففيها خاض أمين عام الحزب الشيوعي الأردني السابق والنائب عن القدس العام 1956 يعقوب زيادين، تجربة الانتخابات لدورتين متتاليتين، كما نجح عضو حزب البعث العربي الاشتراكي النائب السابق خليل حدادين عن الدائرة ذاتها، إضافة الى ترشح وزير التنمية السياسية السابق وأمين عام حزب الارض العربية السابق محمد العوران فيها، وكذا ترشحت الناشطة الشيوعية إملي نفاع عن مقعدها المسيحي.
كما أن الإسلاميين، نالوا نصيبهم من مقاعد هذه الدائرة، عبر الوزير إبراهيم زيد الكيلاني في مجلس النواب الثاني عشر والمحامي زهير أبو الراغب في مجلس النواب الرابع عشر.
وسبق لحزب البعث العربي الاشتراكي أن حصل على مقعد في الدائرة لدورتين متتاليتين عن طريق النائب خليل حدادين في العامين 1993 و1997، إضافة الى نجاح مرشحين محسوبين على قوى يسارية وقومية من أمثال منصور سيف الدين مراد 1989 وتوجان فيصل 1993 وفخري قعوار 1989 وممدوح العبادي وعبدالرحيم ملحس 2003، كما فاز الإسلامي ليث شبيلات بمقعد عن الدائرة.
تختلف الدائرة الثالثة عن دوائر عديدة في المملكة من حيث تغييب العنصر الخدمي عن مرشحيها، ما يجعلهم يعتمدون في المقام الرئيس على البرنامج السياسي والاجتماعي.
وثمة تراجع ملحوظ من حيث الثقل والزخم الذي حظيت به في عمان، وهذا مرده الى ضعف البرامج المطروحة وتقوقعها على الشعارات فقط من دون أن يتم الحديث في العمق.
لهذا كله، فإن "ثالثة عمان" في انتخابات خريف 2010 تحافظ على وجودها كدائرة سياسية، وربما يلمس المتابع في الشعارات المرفوعة على أعمدة الكهرباء وفي شوارعها ذلك، رغم محدودية البرامج، وتمركزها في سطر أو سطرين فقط.
اليوم لا تغيب الدائرة سياسيا عن العملية الانتخابية، إذ أراد مرشحوها أن يكون لها حضورها السياسي عبر اليافطات والشعارات، التي تتخللها تنويعات على الوحدة الوطنية والقضية الفلسطينية، والإصلاح والعدالة والمساواة، وكل شعار يدرك صاحبه أنه يوجهه الى معني به.
تتسم هذه الشعارات باختصارها الكبير، وتمركزها في عبارات قليلة الكلمات، وتحاول أن تبتعد عن المبالغة احيانا ولكنها تقترب منها في أحيان أخرى، وبعضها من شدة اختصاره، يقع في كلمتين لا أكثر.
مرشحو "ثالثة عمان" خاطبوا قاطنيها من كافة الميول، وقد لا يبرز هناك شعار بعينه، لكن شعار الوطن للجميع عاد الى الواجهة مع بعض المرشحين، كما أن آخرين تحدثوا عن الإصلاح باعتباره بوابة الديمقراطية والعدالة والتنمية، بينما ركز البعض على حث المواطن على الانتخاب.
الغد