إطلالة تاريخية سريعة
مع تولي المرشح الجمهوري دونالد ترامب لمنصب الرئيس الأمريكي في مطلع سنة 2017، يكون الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة قد مضى عليه قرابة نصف قرن، تولى خلاله عشرة رؤساء أمريكيون السلطة، منهم أربعة رؤساء ديموقراطيون وستة رؤساء جمهوريون، وحكم الجمهوريون 28 سنة ، بينما حكم الديموقراطيون 26 سنة، أي أن الحكم كان مناصفة بين الطرفين من الناحية الزمنية منذ جونسون مطلع الستينات وانتهاء بترامب.اليوم ..
الانحياز لإسرائيل سمة دائمة لدى الجمهوريين
المتتبع لملامح الاستراتيجية للسياسة الأمريكية التي اتبعها الرؤساء العشرة، يصعب العثور على تباينات ذات معنى فيما بينهم في القضية الفلسطينية ، وشكل الانحياز لإسرائيل” السمة المشتركة فيما بينهم،..، ومن خلال التصريحات المضطربة لترامب نرى ان لا تغيرا في التكتيك الاستراتيجي للسياسة الأمريكية خلال الفترة المقبلة ، لان الامر يعتمد اكثر على القوى السياسية وطبيعة تكوين وايدولوجيات الاحزاب الأمريكية التي- لغاية الان - لم تتغير تغيراً جذرياً، ونرى أن الصلاحيات الدستورية للرئيس التى منحها له الدستور الأمريكي لم تتغير بعد ، لانها لازالت رهينة لمؤسسة يحكمها ثعالب اقتصاديين وسياسيين .
ومع ذلك كمتابعين ممكن ان نرى ان علاقة الادارة الجديدة برئاسة ترامب قد تأخذ ثلاث سيناريوهات ممكن تحديدها كالتالي :
السيناريو الاول :الانحياز المطلق لإسرائيل وشرعنة الاستيطان
1. ، حيث أكد ترامب في عدد من المناسبات على ان موضوع الاستيطان لأيمكن الحياد فيه ، وعلى إسرائيل السير قدماً في بناء المستوطنات في الضفة الغربية”، وهذا التصريح من ترامب أمر يتناقض مع السياسة الأمريكية المعلنة ومع رأي المستشار القانوني للحكومة الأمريكية منذ ظهور مشكلة المستوطنات، ففي السابق كانت الولايات المتحدة تعلن رفضها لسياسة الاستيطان، لكنها لم تتخذ أي إجراء عملي للضغط على “إسرائيل” لوقف هذه السياسة، وهنا نجد أن ترامب قد انتقل خطوة أكثر استرضاء لإسرائيل ، بحكم علاقته المتينة مع اليمين الإسرائيلي وعلى راسهم نتنياهو ..
2-طبيعة سياسة الكونجرس الأمريكي الذي يسيطر الجمهوريون له دور كبير في السياسة الخارجية الأمريكية المنحازة اصلا للسياسة الإسرائيلية ، وسيفرض الكونجرس سياسته الجامعة المانعة على سياسية أي رئيس يحاول الدخول في تفاصيل الحل للقضية الفلسطينية
السيناريو الثاني : نقل سفارة أمريكيا للقدس وتغيب حل الدولتين :
ويبدو هذا السيناريو من خلال المعطيات التالية :
- نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ،وتطبيق ما صرح به من خلال حملاته الانتخابية ان القدس بشقيها عاصمة لإسرائيل..
- التخلي عن فكرة حلّ الدولتين وكان هذا الخيار مطروحا في رؤية مستشار ترامب للشؤون الإسرائيلية ديفيد فريدمان حينما قال “لست معنياً بدولة ثنائية القومية "وهو تصريح يشكل خروجاً عن المألوف في السياسة الأمريكية المعلنة منذ الرئيس الجمهوري الأسبق جورج بوش.، وفي سبيل تحقيق هذه الرؤية من الممكن ان تبدأ امريكيا بتقليص المساعدات الاقتصادية للسلطة التي التزمت بها من اتفاقية اوسلو 1993م
السيناريو الثالث: التناغم الامريكي الروسي سيجر ترامب الى الحياد الايجابي :
مع بدء التناغم في السياسة الأمريكية والروسية في الشرق الأوسط، خصوصاً أن ترامب أبدى قدراً من “التفهم والاحترام” للرئيس الروسي بوتين، وهو ما يعني أن الطرفين قد ينسقا مواقف ضاغطة على “إسرائيل” في إطار عمل اللجنة الرباعية، وعبر مجلس الأمن، وعبر الحوار الدبلوماسي الثنائي الأمريكي الروسي وهذا ما صرحه ترامب لوكالة أسوشييتد برس ، وادعى أنه سيكون “محايداً في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي