انسجاما مع منهجية التفكير عند شيوخ التعليم أو لنقل: "وجهاء التعليم"، و"الخبراء" و"المحللون"، واستنادا إلى العرف القائم، فإن تحديد أو إلصاق المسؤولية إلى شخص ما، أو جهة ذات صلة، ينهي الأزمة ويغلق ملفها، بانتظار الرحيل الجماعي لباحة ملف آخر ... وهكذا، مما يتناغم مع نظام المساءلة والمسؤولية الذي يسطّر واقع الحال في الأردن.
دعونا نستذكر معا أربعة ملفات:
الأول: تدني نسب النجاح في الثانوية العامة
ملخص خطابات وتحليلات معظم الخبراء والقيادات التربوية والتعليمية وجهابذتها في الأردن، ألقت اللوم فيها على المعلم بالدرجة الأولى، كما فعل رئيس الجامعة الأردنية حينها، فوضع النتيجة قبل البدء بالدراسة، ولا غرابة في ذلك، فهذه من علامات النبوغ لدى قياداتنا التربوية!!.
الثاني: نتائج اختبار الكفاءة الجامعية
حيث تراوحت نسب النجاح بين 49% للعلوم الاجتماعية، وأقل من 63% للعلوم الهندسية، كما في اختبار 2015/2016، حينها تهرّب أغلب "الخبراء"، يتبعهم القيادات التعليمية، ووصلوا إلى النتيجة ذاتها في الملف الأول.
الثالث: الامتحان التنافسي لأوائل الجامعات
وترواحت نسب النجاح في الامتحان بين 66% و 70%، وعلى وقعها تجاهل منظرو التعليم تلك النتائج الكارثية، وطوي الملف بإرادة الجميع.
الرابع: الامتحان التنافسي لشغل وظيفة معلم
ففي آب 2015، عُقد الامتحان التنافسي، وبلغت نسبة النجاح فيه 54%، مما عُدّ حينها مؤشرا إلى ضعف مستوى مخرجات الجامعات الأردنية، وطوي الملف أيضا.
الملفات السابقة بنتائجها شكلت وجبة دسمة لوجهاء التعليم في الأردن، فحللوا وفسروا، وفي النهاية حُمّل المعلم تلك النتاجات.
اليوم نراهم يطبخون وجبة تفسير وتحليل لأسباب تراجع الأردن في الاختبار الدولي (التيمز) في الرياضيات والعلوم، ولاحت إشارات إلقاء المسؤولية على المعلم، فالتطور "المسرحيّ" للأزمة، انتقل من مرحلة الصدمة إلى نقاشها، فتحميل القيادات التربوية في وزارة التربية مسؤولية النتائج، وصولا إلى تحديد كبش الفداء، فاجتهد بعضهم وطالب بإقرار نظام لمساءلة المعلم على النتائج.
لمواجهة الحقيقة علينا الاعتراف جمعا بتحمل المسؤولية وفي المقدمة السياسات التعليمية العليا، ومناهج التعليم المدرسي والجامعي، فالمعلم نتاج مخرجات تلك السياسات والمناهج، لم يهبط من السماء، وقبل مساءلته وفروا له مقوّمات العمل، من حياة كريمة، وبيئة مدرسية صحية، ومناهج علمية تربوية.
الحقيقة صادمة، ونزيد: حتى وإن تقدمنا لاختبارات دولية في اللغة والتاريخ والجغرافيا والرياضة والفن و.... فالنتيجة واحدة، ثم استنبطوا وتذكروا أن لدينا طلبة يحصلون على معدلات تتجاوز ال 99%، فهل يتفوقون إن تقدموا للاختبارات الدولية؟
أن يكون المعلم كبش فداء، قد يغلق الملف لحين، لكن دون حلّ للأزمة، ليستمر عجزنا عن مباراة غيرنا .... وإن نام وجهاء التعليم بعد هذا الضجيج، مرتاحي الضمير.