زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - مسألتان لا يمكن اسقاطهما من اي حساب سياسي عندما يتعلق الأمر بقراءة علو الصوت الشعبي مجدداً في الأردن للمطالبة بإسقاط حكومة الرئيس هاني الملقي التي تشكلت عملياً للتو لكنها ضربت رقماً قياسياً في الجرأة على اتخاذ قرارات غير شعبية في توقيت حساس وبصورة متسارعة.
المسألة الأولى ضرورة عدم الانتباه ولا التركيز على أوهام إمكانية سقوط الحكومة فعلاً تحت الضغط الشعبي حيث لم يسبق لمركز القرار ان وافق على صيغة من هذا النوع كما كان يحصل في الماضي.
وحيث يصر رئيس الحكومة وفقاً لمقربين منه على انه يمارس صلاحياته بالتفصيلات التسعيرية والضريبية انطلاقا من مبدأ «الولاية العامة» واستناداً إلى ان الميزانية المالية للخزينة حظيت بالشرعية الدستورية بعدما أقرها البرلمان وفوض الحكومة عملياً بإدارتها.
النواب ايضا يطالب الشارع برحيلهم بسبب موجة الأسعار لكن بصورة اقل صخباً وإزاء الارتباك الواضح في موقفهم وعدم جديتهم في تمثيل الرأي العام تحطمت مبادراتهم لاتخاذ مواقف استدراكية عندما استعمل الملقي بند الولاية العامة.
الملقي ومبكراً هدد بأنه يقبل مبدأ حجب الثقة عن فريقه مقابل احتفاظه بحقه بأن لا يتدخل النواب في تفاصيل القرارات.
عندما لجأ الطرفان للقصر الملكي وتبادلا الشكاوى برز التوجيه الملكي على هيئة رسالة بسيطة ومختصرة.. «السلطتان عليهما التعايش والعمل معاً وسترحلان معاً».. المعنى هنا واضح ومباشر حيث تكثيف برسالة ان لا يتوهم النواب بإسقاط الحكومة وان لا تتوهم الحكومة بدورها بإمكانية تجاهل ضرورة ان تحظى دوما بثقة النواب.
لذلك برزت تلك الأصوات البرلمانية التي تزاود عملياً في الدفاع عن الحكومة فرئيس المجلس عاطف طراونة خفف من اندفاعاته في التأثير على عمل الحكومة التنفيذي ورئيس اللجنة المالية التي اقرت الموازنة احمد الصفدي توقف تماماً عن الاشتباك والتعليق والنائب طارق خوري انضم لزميله مصطفى ياغي في التحذير من الأيادي الخفية التي يمكنها ان تعبث بالشارع وتحاول الاستثمار في أزمة الشارع – الأسعار.
على الجبهة الموازية قاد النائب صداح حباشنة المسيرة الاحتجاجية الأولى في مدينة الكرك معلنا تدشين الموسم الجديد من الحراك الشعبي قبل ظهور المخضرم صالح العرموطي خطيبا في المسيرة التي نظمها الإسلاميون وسط العاصمة عمان أمس الجـمعة.
خلف الستارة والكواليس وفي مرتين على الأقل لوح الملقي منزعجا من تدخلات النواب بموقف يعلن فيه بانه يفضل الاستقالة أو حجب الثقة عن حكومته عن تقديم تنازلات على حساب المبدأ وبرنامج حكومته التصحيحي.
حتى داخل الفريق الوزاري يقر الوزراء من خارج الطاقم الاقتصادي ومن غير المختصين بملاحظتين على أداء حكومتهم سمعتهما «القدس العربي» من أربعة وزراء على الاقل الأولى تفيد بظهور ملامح تردد او عدم دراسة كافية للكثير من القرارات التنفيذية خصوصا في مجال تسعير الضرائب الجديدة.
والثانية تلك المتعلقة بعدم الإجابة على السؤال المتعلق بميزانية وعجز العام اللاحق 2018.. بمعنى عدم وجود ضمانات لمعالجة جذرية وعميقة لمسألة العجز المالي لا على صعيد جذب الاستثمار او التنمية الاقتصادية ولا على صعيد الاستثمار في البرنامج السياسي والاقتصادي.
وهما مشكلتان واقعيتان لا يمكن لوم وزارة الملقي حصريا عليهما وإن كانت تعالج الأزمة المالية الحالية ولا تنظر للمستقبل لا تريد التعمق في الماضي حيث مسببات الأزمة خوفا من «حصول انهيار» وهو تعـبير استـعمله الملقي شخصياً في محاورات داخلية عدة مع النـواب في كل الأحـوال.
وخلافاً لتوقعات الحكومة نفسها وبالرغم من الإجراءات الأمنية المكثفة لمسيرات أمس الجمعة الاحتجاجية بدا ان الوجبة الجديدة من الحراك الشعبي غير جماهيرية ومن الوزن الخفيف غير الدسم حيث لم يحشد الإسلاميون لمسيرتهم في وسط عمان وتجمع العشرات من الحزبيين بعيداً عن التيار الإسلامي في مقابل مقر النقابات المهنية بتجمع بلون يساري يناكف الإسلاميين ولا يريد مشاركتهم وهو موقف تستفيد منه الحكومة بطبيعة الحال.
في الأثناء فقد السيناريو الجديد للحراك زخماً مفترضاً حيث تجمع العشرات ايضاً في مدينة حراكية طالما ألهبت الفعاليات مثل الطفيلة ولم تتحرك بقية المحافظات بكثافة بعد ظهر أمس الجمعة.
القدس العربي