يمكن لاي مطلع احصائي يقرأ ارقام موازنة الدولة لعام 2017 والمقدرة ايراداتها بنحو 8.111 مليار دينار ونفقاتها المقدرة 8946 مليار تقريبا ان يرى ان عجز الموازنه هو الفارق بين الايرادات العامة والنفقات سلبا او ايجابا وعليه فان الناتج من هذا الفرق هو -827 مليون دينار وهو رقم كبير الا انه يقل عن عامي 2015 و2016، ولعل هذا العجز الكبير في ميزانية الدولة مؤشر على ان ايرادات الدولة والمتأتي قرابة 60% منها من الايرادات الضريبية، تدل على عجز النمو الاقتصادي وربما فشله في جلب الايرادات لتكون اعلى من اية ايرادات اخرى في الدولة كالايراد الضريبي الذي يعتبر اخر حلول متخذ القرارفي اي بلد يمر بما تمر به الدولة الاردنية.
كما وان ارقام الموازنة الرسمية الصادرة عن وزارة المالية تشير الى ان النفقات الجارية قدرت بحوالي 7.630 مليار فيما قدرت النفقات الرأسمالية بحوالي 1.316 مليار دينار والذي يعني مامجموعه 8.946 مليار دينار، ولعل في دولة تنامى فيها العبيء الضريبي الى نسبة تفوق اي ايراد اقتصادي اخر تفكر بخفض عجز الدين من ذات بنود الموازنة وليس اللجوء الى خارج بنودها كفرض المزيد من الضرائب الذي ينعكس بدوره على بنود كبيرة في الموازنة بارقام سلبية تفسد كل تقدير ايجابي.
والاقتصاديون في الوطن يدركون لابل يعرفون ان حل العجز في موازنة الدولة عن طريق خفض النفقات الرسمألية وحتى الجارية سيوفر تغطية كاملة لهذا العجز بنسبة 10% والتي تعني وفرا يقدر بنحو 893 مليون دينار وهو رقم اكبر من عجز موازنة الدولة بحوالي 66 مليون، ولن ادخل القاريء في التفاصيل الدقيقة للحسابات الا ان ما ماعنيته هو ان خفض النفقات الجارية والرأسمالية بنسب لاتتجاوز مقدار عجز الموازنة سيكون آمن الف مرة ومرة من الاستمرار في النهج الضريبي وترحيل العجز الى السنة القادمة.
وربما يتسائل البعض عن هذا الخفض وتأثيره المالي على الدولة والاجابة هي بمثال بسيط يقرب الفكرة، فصيانة دورية لمصنع ما على سبيل المثال في شركة تملكها الدولة بمقدار 1000 دينار لن يتأثر اذا خفضت قيمة الصيانة الى 900 دينار فالفارق ليس كبيرا مابين الرقمين الا انه يعني الكثير لموازنة الدولة ، وهذا تقريب لما يعنيه خفض النفقات الرأسمالية للدولة، وهي نصيحة لمتخذ القرار في الدولة ان ينظر في الامر بهذه الطريقة التي ستعيد التوازن الى بنود موازنة الدولة وتخفف الضغط والعبيء على المواطنين.
د. عبدالناصر العكايله
استاذ الاحصاء التحليلي المساعد