زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - يقف برلماني وقانوني ناشط من وزن مبارك ابو يامين على واحدة من الإشكالات الأساسية التي لم تدرس بعناية عندما تقررت موجة رفع الأسعار الأخيرة التي لا زالت تثير الجدل للأسبوع الرابع على التوالي في الحالة الأردنية.
ابو يامين تحدث بإسهاب في ظهوره الأخير على شاشة محطة الجزيرة عن التأثير السلبي لرفع الأسعار والضرائب على قطاعات حيوية وأساسية.
وشرح على هامش نقاش المسوغات التي قدر بأنها لم تدرس جيداً حيث توجد تأثيرات سلبية لارتفاع كلفة الإنتاج وحيث لا يمكن تعويض عجز الميزانية بتقنية الرفع فقط وفي كل الاتجاهات بعيدا عن التنمية الاقتصادية الحقيقية.
يلمح ابو يامين لانخفاض محتمل في واردات الخزينة من قطاع الاتصالات بسبب خمول محتمل ينتج عن غلاء الأسعار وسياسات التقشف الاضطرارية وترشيد الاستهلاك في هذا القطاع التي سيتبعها المواطن.
يتحدث أيضاً عن التأثيرات العكسية لرفع الأسعار على مدخلات الإنتاج في القطاع الزراعي حيث توقف الأردني عن الزراعة واصبح القطاع عاطلاً عن العمل بصورة غير مسبوقة ليس فقط بسبب انخفاض الصادرات وإنما ايضاً بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطن والمستهلك ومؤشرات السوق.
و لمس مباشرةً في جولة مع نخبة من كبار المزارعين حجم الشكوى في الإنتاج الزراعي حيث لا يعمل صغار المزارعين وقلص كبارهم أعمالهم. يقال ان منسوب التضخم وغلاء الأسعار تسبب حتى الآن بانسحاب نحو 2000 منشأة تجارية وصناعية وزراعية صغيرة.
طبعا هذه الأرقام ليست رسمية والحكومة لا تقر بها وطاقمها الاقتصادي يرفض التسليم بالنظرية التي تحذر منها مثلاً وزيرة الاتصالات مجد شويكه بعنوان انخفاض الواردات جراء رفع كلفة الاستهلاك وتقلص محتمل في القطاع.
يبدو ان حملات المقاطعة الشعبية للسلع والخدمات التي ارتفع سعرها أسس لثقافة جديدة في الشارع… هذه ثقافة لم تتكرس بعد لكنها حسب المهنـدس الناشط في مجال المقاطعة الاستهلاكية محمد رشـيد دخـلت وسـتدخل في سـياق «التدبيـر المنزلي» وهـنا مكمـن الخـطر المحتـمل على واردات الخـزينة في رأي ابو يـامين.
الوزيرة شويكه كانت لمحت لضرورة أخذ مسألة النشاط المحتمل للقطاعات قيد الدراسة والبحث وزملاء لها في الطاقم الاقتصادي لا يستعجلون التوصل لاستنتاجات من اي نوع قبل نهاية الربيع الحالي لوضع تقييم دراسة حالة.
وزير المالية عمر ملحس يصر على ان الإجراءات ضرورية جداً للحالة الوطنية وللتأهل للمعايير الدولية في مجال الإصلاح الاقتصادي، يسانده في ذلك وزير التخطيط عماد فاخوري ولا يعارضه وزيرا الطاقة والتجارة والصناعة. ومن الملموس ان الرئيس الدكتور هاني الملقي يخضع لمثل هذا المنطق تحت عنوان ضرورة اتخاذ إجراءات.
ومن الملموس بالتالي ان سؤال «هل نرفع اسعار الخبز؟» لم يعد ملائماً لتبرير جملة من الإجراءات الخشنة لأن كل شيء يوضع في رغيف الخبز او يؤكل معه بالنتيجة ارتفع سعره في السوق بعد رفع اسعار المحروقات وبالتالي اسعار النقل التي ستعوض فوارقها عبر كمية السلعة أو جودتها او سعرها.
الناشط رشيد يضرب مثلاً لتقريب هذه المفارقة ، فسعر عبوة مادة أساسية ويومية للمواطنين ملازمة دوماً للخبز هي «اللبنة» ارتفع قسراً في السوق وبدون قرار حكومي لأن من يصنع هذه المادة ينقلها للسوق بشاحنات تستعمل محروقات زاد سعرها ببساطة ولأن ضريبة المبيعات تضاعفت على العبوة البلاستيكية المستعملة في تغليف المادة.
وكذلك جمـيع مـواد الإنتـاج وأهـمها مـادة «الخمـيرة» التـي شمـلتها الـضرائب الجـديدة فارتفـع سـعر أنـواع كثـيرة من الـخبز تلقـائياً كـما صـرحت نقـابة المخـابز.
فريق آخر لا علاقة له بالملف الاقتصادي من الوزراء يظهر بعض التحفظ في الاجتماعات الداخلية التقييمية على أساس ان معالجة الخلل المزمن في عجز الميزانية لا يمكن فقط عبر سياسات تعويض العجز برفع الأسعار والضريبة بل عبر التأسيس لجذب استثمارات وتنشيط التنمية الاقتصادية وتوسيع التجارة والزراعة.
احد الوزراء سأل نفسه : ماذا سنفعل لتعويض العجز في عام 2018.. هل نرفع الأسعار التي رفعناها مجدداً؟ السياسات التبريرية لرفع الأسعار داخل الحكومة لا تريد التوقف عند هذا السؤال ليس فقط لأنه صعب ومعقد وعابر لحكومة الملقي فقط ولكن لأنه سؤال «سياسي بامتياز» يتعلق بالإرادة السياسية في الإصلاح أصلا وبالقدرة الفعلية على تنفيذه عمليًا.
القدس العربي