زاد الاردن الاخباري -
حين تشعر أن سيارتك "خربانة" فاول من يخطر ببالك هو أن تقوم بإصلاحها، وهذا يقودك للتفكير في الذاهب إلى "الميكانيكي"، هل هذا صحيح؟
سنقرأ الفكرة بطريقة عكسية، وهي انك إذا قمت بإرسال سيارتك إلى "ورشة" مختصة، وقال لك "الميكانيكي" المسؤول أن السيارة بحاجة إلى الإصلاح، وأنه سيسعى بكل جهده لإصلاحها، فهذا يعني، ببساطة، ان سيارتك "خربانة".
الحكومات ترث الحكومات، وأول ما تدعيه، حين تصبح في موقع السلطة التنفيذية، أن البلد بحاجة إلى الإصلاح، وانها ستسعى وتجتهد للإصلاح السياسي والإقتصادي وغيره، وحيث يبرز الحاح الحكومات على الإصلاح وتدعي قدرتها على أن تفعل ذلك، لكن الشعب لا يشعر بأي تغيير إيجابي، سيظهر إنطباع عميق أن بلدنا "خربانة"، فهل هذا صحيح أيضاً؟
قبل ان نجيب على التساؤل الأخير، سنعود إلى سيارتك،، فحين تتأكد من أن السيارة معطلة ويصعب إصلاحها، ويكون "الميكانيكي" قد حاول عدة مرات إصلاحها لكنه فشل، فإن الأسباب الحقيقية التي قد تمنع هذه السيارة من أن تعمل مرة اخرى هي ثلاثة أسباب، لا رابع لها:
فإما ان تكون أنت (صاحب السيارة) لا تمتلك المال الكافي والإمكانيات لإستبدال القطع "الخربانة"... أو أن السيارة "نفسها" قد إنتهى عمرها الإفتراضي وغير الإفتراضي وأنه لا مجال لإصلاحها حتى لو كان "الميكانيكي" متخصص ويحمل خبرة من الشركة المصنعة، ولديه إمكانيات إستثنائية نظرية وفنية ليس لها مثيل... والإحتمال الأخير هو أن "الميكانيكي" الذي يتولى مسألة الإصلاح لا يعرف كيف يفعل ذلك، لأنه لا يعرف سبب وحجم "الخراب" الحقيقي، أو لأنه، ببساطة، جاهل في الإصلاح..!
الإحتمال الأول، الذي يقول أن مواردنا وإمكاناتنا وقدراتنا لا تكفي للإصلاح، غير صحيح، فنحن نمتلك أفضل مصنع بشري في الوطن العربي على مستوى القدرات البشرية وينتج الكفاءات المتعلمة والمثقفة والخبيرة، ولأن العقول أهم من البترول وغيره من الموارد، ولأن دولا مثل سنغافورة وإمارة مثل دبي تميزت بدون موارد طبيعية، فإن هذا الإحتمال، غير صحيح.
الإحتمال الثاني الذي يقول أن بلدنا "خربانة" إلى حد يستحيل فيها إصلاحها؟ هو إحتمال بائس وغير صحيح على الإطلاق، فهناك بلدان كثيرة نهضت من لا شيء كانت تحت وطأة الفقر والفساد والتردي والحرب والخراب، وناضلت حتى أصبحت من كبرى بلدان العالم إقتصاديا وسياسيا، واليابان ليست بمثال واحد على ذلك، إذن سنستبعد هذا الإحتمال ، حسب نظريات التقييم الحديثة، ونعقد الأمل أن بلدنا الغالي، بعزم سيده ومليكه، وحب أبناءه وولاءهم، يمكن إصلاحه، ويمكن أن يصبح أفضل من اليابان، وهذا ليس بكثير.
بقي إحتمال واحد فقط...
هو ان "الميكانيكي" الذي يقوم بعملية الإصلاح، والمكلف بهذه المهمة، والذي تقع على عاتقه مسؤوليتها، والذي يقال عنه انه الأفضل، قد تبين أنه غير مؤهل ليفعل ذلك، فهو لم يستطع إكتشاف حجم ونوع "الخراب" في سيارتك، وصار " يلاخم" ، فمرة يقول لك "الروديتر.. وروح شغل"، ومرة يقول لك "الصبابات" ومرة يقول لك "مش عارف أيش" ...
هذه الإحتمالات وتطبيقها ونتائجها على أرض الواقع، تتفق مع أي فكرة أخرى، فإذا كنتُ مريضاً لا قدر الله، وأمتلك المال والقدرة على العلاج ، لكني أبقى مريضا أعاني الآم المرض، ولأنني ما زلت حيا ولست بميت بعد، فإن الإحتمال الوحيد الذي عليّ ان أضعه امامي، وأفكر به ملياً هو أن الطبيب الذي إخترته، او أوصى به أحدهم، لم يفحص حالتي بشكل دقيق وشامل، أو ان خبرته الضعيفة في التشخيص، جعلته يظن أنني أعاني من "السرطان" بينما كل ما لدي هو الرشح.
بلدنا فيها "قليل" من الرشح... وكثير من "الهوس" أنه قد يكون سرطان...
...
- بلدنا ليست خربانة.