نعم ستنجح القمة العربية وأكثر من أي وقت مضى، وسيكون الاردن وكما كان مهدا للوفاق والاتفاق وعرينا وملاذا آمنا لكل العرب كما كان ابدا، فالكل في الوطن العربي من محيطه لخليجه شعوبا وحكاما يستشعرون الخطر الذي داهم كل كيان وكل فرد في كل بقعة أو تراب، ففئات الضلال والهدم والقتل لم تعد فئات او عصابات بل كيانات منظمة وامتدادها ليس جغرافيا او قطريا فقط، بل ايدولوجيا قميئا ومتطرفا متعطشا لروائح الدم والبارود والقتل والتشريد.
ستنجح القمة لان اقتصاديات دول الوطن العربي بات منهكة ولم يعد عنوان ميزانياتها الرفاهية والسعة، فحتى الدولة الشقية الكبرى والجارة التي طالما مدت يد العون للكل وللاردن بشكل خاص، باتت المملكة العربية السعودية تعيد حساباتها في اجراءات اصلاحية داخلية وخارجية مستشعرة حجم المشكلات الاقتصادية التي تمر بها ،وان الاولويات يجب ان يعاد ترتيبها لضمان السير على خطى صحيحة ودقيقة تؤمن عيشا كريما لمواطنيها وتدرء اخطارا تهددها من ثغرة الاقتصاد، والحال ينسحب على كل الدول العربية النفطية منها وغير النفطية التي عصفت ببعضها حروب ضروس مزقت لحمة جسدها وافرغتها من محتواها القطري والقومي.
ستنجح القمة العربية لان سياسات العالم ومواقفها تتغير وتتبدل تبعا لمصالحها القطرية الضيقة وهي تنظر للوطن العربي ككيانات منهكة وضعيفة وكعكة يجلسون على طاولات علنية وسرية لتقاسمها والنهش منها بأية طريقة وبأي اسلوب يضمن لها بقاءها وعظمتها وسيادة استعمارها القديم الجديد، فكل ماتبحث عنه في وطننا العربي هو غاية مطلبها وهدف رؤيتها.
ستنجح القمة العربية لان المواطن العربي لم يعد لديه مايخسره، فقد خسر العرب هيبتهم وقوتهم ومكانتهم حتى استقوت عليهم اصغر كيانات الارض ليس الا لان مشاريع كبرى خطط لها بعناية ودقة لتفتيت وتمزيق وطننا دولة دولة وقطر بقطر، ليسهل علىهم الافتراس والسيطرة المطلقة، ولعل هذا ما اصبح يعرفه الصغير قبل الكبير ومواطن الشارع قبل السياسي.
ستنجح قمة البحر الميت لان الاردن مبارك وليس له اجندات خارجية ولم يكن يوما سببا في الفرقة او التشرذم، بل كان حاضرا لكل وفاق او اتفاق ومعينا على كل سبيل من شأنه رأب اي صدع في أي جزء من وطننا العربي الكبير، ولعل قيادة هاشمية على رأس هذ البلد هي بيضة الميزان في كل الصراعات التي عصفت في الوطن العربي الكبير ، فكان الاردن ومازال وسيبقى هو الاصبع الحاني والمعقم الذي ان وضع على جرح بين اقطار العرب جميعا قطع نزيفه وحنى عليه وامده بترياق الشفاء، فلوسطية واعتدال سياسة الاردن مع كل الاشقاء موضعا ليس الا يعرفه القادة والزعماء ويعرفون اكثر ان هذا البلد الصغير بامكاناته وشح موارده كبيرا وكبيرا جدا في لم الشمل ورتق الثقوب ووزن الامور واعادتها الى الطريق السوي المعتدل.
د. عبدالناصر العكايله
استاذ الاحصاء التحليلي المساعد