زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - لا يتحمس الأردن الرسمي إطلاقاً لفكرة التحدث باسم النظام الرسمي العربي برمته خصوصاً في المرحلة الحالية.
لكن ذلك يتقاطع عملياً ويتعاكس مع متطلبات واحتياجات التحرك اردنياً باسم رئاسة القمة العربية خصوصاً لدى ادارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
عمان واثناء تحضيرات البحر الميت ناكفت قليلاً الاتجاه الأمريكي عندما طلبت رسمياً من موسكو إرسال مبعوث لها كضيف شرف رئيسي على القمة العربية.
لم يعجب الأمر الإدارة الأمريكية التي ابرقت تستفسر وتسأل وبعد نصيحة سعودية تقرر مبكراً مراسلة البيت الابيض ودعوة ممثل له إلى قمة البحر الميت وعلى هذا الاساس حضر هذه القمة مبعوثان للرئيسين الأمريكي ترامب والروسي فلاديمير بوتين.
مبكراً حاول الممثل الأمريكي وهو الممثل الشخصي للرئيس جيسون غرينبلات الايحاء بانه حضر بهدف المراقبة وعندما قابل الرئيس محمود عباس ابلغه بانه لا يريد الادلاء برأي وسيكتفي بالمراقبة والاستفادة من تجربة بوزن حضور قمة عربية.
الرئيس عباس بدا مرتاحاً لما قاله له غرينبلات لكن قدرة الأخير على الصمت والحياد دخلت في اختبار حقيقي عندما بدأت اجواء القمة تتحدث عن القضية الفلسطينية التي تدخل في نطاق مهام وصلاحيات الرجل نفسه.
في وقت لاحق تحدث جيسون غرينبلات مع وزير الخارجية المصري سامح شكري ومع مسؤولين فلسطينيين عن اجندة في المفاوضات تختلف في المعايير عن تلك التي كانت قد اعتمدتها صيغة وزراء الخارجية العرب في اجتماعات التحضير.
على كل حال انتهت القمة في الورقة الفلسطينية إلى ما انتهت عليه ووجدت عمان نفسها مضطرة بحكم الواقع الموضوعي اولاً والفراغ ثانياً لركوب موجة تمثيل القمة العربية. من هنا حصرياً ولدت فكرة تبكير زيارة كانت مقررة للملك عبد الله الثاني إلى واشنطن نهاية شهر نيسان/ابريل الحالي وبعد ان يلتقي بترامب في بداية الشهر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ثم الفلسطيني محمود عباس.
لم يعجب الأمر المصريين لأنهم كانوا يخططون للإنفراد بتمثيل معسكر الاعتدال العربي اثناء قمة ترامب السيسي لكن ذراع القمة العربية رفع اللاعب الأردني إلى جانبهم في هذا المربع الحساس فتغير جدول ترامب والعاهل الأردني وتم تنظيم اللقاء الذي يفترض ان يعقد اليوم الاربعاء في إطار السعي للتناغم الأمريكي العربي على الأقل في محور المعادلة الفلسطينية.
واضح تماماً ان ترامب يرغب في الانفراد بمصر والأردن قبل اللقاء المنتظر مع الرئيس عباس. والأوضح ان ادارة ترامب لديها مشروع وخطة بخصوص مشروع عملية السلام وان «التشبيك» مع مؤسسة القمة العربية ممثلة بالرئاسة الأردنية واللاعب المصري قد يكون الهدف لدمج تصورات جديدة تصل إلى تسوية في منتصف الطريق لها علاقة بمسألتي القدس والمستوطنات بصورة حصرية واساسية قبل الخوض بمشروع اعادة التفاوض واستئناف محادثات السلام. لقاءات السيسي وعبد الله الثاني بترامب يفترض ان تحدد وترسم هوامش المناورة والمبادرة امام القمة العربية والجانب العربي عموماً في سيناريو بقاء او ترحيل مشروع حل الدولتين. ترامب يبدو مهتماً ببصمة خاصة في هذا الاتجاه وفقاً لما تسرب من لقاء عباس وغرينبلات.
السيسي من جانبه مهتم أيضاً بلعب دور عراب التقارب العربي ـ الإسرائيلي عبر إعادة تسويق المبادرة العربية مع تعديلات يقترحها جيسون غرينبلات ايضاً ولم يعارضها الوزير شكري عندما التقاه.
الأردن يزاحم دوماً في محاولة لاستثمار وتوظيف رئاسته للقمة وعلى اساس تجنب دفن حل الدولتين لما يلحقه ذلك من آثار سيئة جداً على المصالح العليا للدولة الأردنية اقلها تمكين اليمين الإسرائيلي من العزف مجددًا على ارض الواقع وفقاً لنغمة وسيناريو الحل والتصفية على حساب الأردن.
عمان حضرت لها مبكراً فرصة تحدث للمرة الثانية مع ترامب بصفتها رئيسة للقمة العربية هذه المرة، الامر الذي تطلب عدم انتظار ترامب لنهاية الشهر الجاري حتى يلتقي ملك الأردن كما كان مقررًا.
على الهامش لدى الأردنيين أجندة موازية يعتبرونها هامش المناورة الأساسي لتحقيق مكاسب ومصالح لهم بعد قمة البحر الميت وهي البحث الجدي مع ترامب في ملف المنطقة العازلة جنوب سوريا عبر التقاط لحظة مواتية في التفكير الاستراتيجي الأردني.
تزاحم سلطة الرئيس عباس ولديها برنامج لكن أولوية ترامب بوضوح تقول بأن الإصغاء لعباس يأتي بعد الاستماع للأردن ومصر، هنا تبدو فرصة مزاحمة القرار الفلسطيني اقل نسبياً.
في المحصلة نتحدث عن زحام عربي في الاسبوع الحالي بقيادة معسكر الاعتدال في مربع القرار بالبيت الابيض فيما تقف السعودية وهي تراقب المشهد بحرص ولا تريد تقديم تنازل من وزن الموافقة على عودة المفاوضات بدون شروط او من وزن تعديل مبادرة العربية قبل ان ينجلي المشهد تماماً لصانع القرار فيها وتلمس المقايضة السياسية بالموضوع. زمنياً الزحام العربي على عتبة الرئيس ترامب حصل بعد قمة البحر الميت، بلغة المراقبين والمحللين السياسيين هذا المشهد سينتهي بشيء محدد.
القدس العربي