زاد الاردن الاخباري -
تتناول التعديلات الدستورية المقترحة في الاستفتاء التركي، المقرر اليوم الأحد، جميع السلطات، بدءاً من السلطة التنفيذية ومروراً بالسلطة التشريعية وانتهاءً بإعادة تنظيم عمل السلطة القضائية، لتبدو وكأنها كتابة دستور جديد، المشروع الذي فشلت القوى السياسية التركية بالتوافق عليه لسنوات. وكان انفتاح زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهجلي المفاجئ، في نهاية العام الماضي،
على "تشريع وضع الأمر الواقع الحالي"، بحسب تعبيره، بمثابة كلمة السر التي فكت هذا الاستعصاء. وبعد أشهر من المفاوضات التي انحصرت بين "العدالة والتنمية" والحركة القومية، تقلّصت التعديلات المقترحة من 20 إلى 18 مادة، سيدخل غالبيتها حيز التنفيذ، بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستجري في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، باستثناء المادة التي تمنح الرئيس التركي حق الانتماء الحزبي، وتلك التي تقر ضرورة انتخاب الهيئة العامة للقضاة والمدعين العامين خلال شهر من الموافقة على التعديلات، التي سيتم بموجبها إلغاء منصب رئيس الوزراء، وتحويل جميع صلاحياته إلى رئاسة الجمهورية بعد توسعتها.
وبحسب التعديلات، سيتم رفع عدد النواب في البرلمان التركي من 550 إلى 600 نائب، وسيتم تخفيض سن الترشح إلى البرلمان من 25 عاماً إلى 18، على أن يتم انتخاب البرلمان ورئاسة الجمهورية في يوم واحد لخمس سنوات لكل منهما بعدما كانت أربع سنوات. أما عن صلاحيات البرلمان، فسيتم تنظيمها كالتالي: "وضع القوانين وتغييرها وإزالتها، مناقشة الميزانية والمحاسبة عليها وقبولها أو رفضها، إقرار طباعة أوراق نقدية وإعلان الحرب، إقرار العفو العام بموافقة ثلاثة أخماس البرلمان بما لا يتعارض مع القوانين والاتفاقيات الدولية، واستخدام باقي الصلاحيات الموجودة في الدستور الحالي، وإنشاء لجان تحقيق في المواضيع التي تنظمها القوانين والحصول على إجابات خطية عن جميع التساؤلات التي يطرحها البرلمانيون بشكل مكتوب من نواب الرئيس والوزراء بمدة لا تتجاوز 15 يوماً".
تعديلات السلطة التنفيذية
سيتم إلغاء منصب رئيس الوزراء وتحويل جميع صلاحياته إلى رئاسة الجمهورية، بينما سيتم إلغاء المادة الدستورية التي تفرض على الرئيس التركي قطع جميع صلاته الحزبية. وستفرض التعديلات الدستورية الجديدة على الرئيس عدم تولي أكثر من ولايتين رئاسيتين. كما سيتولى "رئيس الدولة"، بحسب التعبير المستخدم في التعديلات الدستورية، تمثيل "وحدة الجمهورية والأمة التركيين وتطبيق الدستور وإيجاد التنسيق والتوافق في العمل بين مختلف مؤسسات الدولة، وفي حال رغب الرئيس يحق له أن يلقي خطاباً في البرلمان في اليوم الأول من بداية السنة التشريعية الجديدة، وأن يوجه الرسائل فيما يخص السياسة الداخلية والخارجية للبلاد".
وفيما يسمح الدستور الحالي للرئيس بإعادة القوانين التي أقرها البرلمان للمناقشة مرة أخرى، ستمنح التعديلات الجديدة الرئيس حق رفع دعوى قانونية ضد أي قانون يقره البرلمان لدى المحكمة الدستورية العليا. أكثر من ذلك، ستمنح التعديلات الدستورية الرئيس حق تعيين نوابه والوزراء وكبار موظفي الدولة وأيضاً إقالتهم من مناصبهم، وذلك بموجب مرسوم تشريعي رئاسي، من دون الحاجة لموافقة البرلمان، على أن تسمح للرئيس بكسر التقاليد السياسية التركية واختيار الوزراء من خارج البرلمان، وفي حال كانوا من البرلمانيين ستسقط عنهم عضوية البرلمان بمجرد توليهم الحقائب الوزارية. كذلك سيتمتع الرئيس بصلاحية تحويل القوانين الخاصة بالتعديلات الدستورية إلى الاستفتاء الشعبي في حال رأى ضرورة في ذلك، وسيتولى، أيضاً، تحديد سياسات مجلس الأمن القومي واتخاذ الخطوات الكفيلة بتطبيقها.
وسيكون من حق الرئيس إصدار مراسيم تشريعية تخص سلطاته التنفيذية، على ألا تتدخل هذه القرارات بالحقوق والحريات الأساسية وتلك السياسية، وألا تتعارض مع أي قانون صادر عن البرلمان. وفي حال أصدرت الرئاسة مرسوماً تشريعياً يتعارض مع أي قانون أقره البرلمان، سيتم تطبيق القانون، وفي حال أصدر البرلمان قانوناً في ذات الموضوع الذي أصدر به الرئيس مرسومه، سيعتبر الأخير لاغياً. وستنتقل صلاحية إعلان حالة الطوارئ وفق القوانين الحالية من رئاسة الوزراء إلى رئاسة الجمهورية على أن تكون بمدة أقصاها ستة أشهر وتدخل حيز التنفيذ بعد موافقة البرلمان الذي يحق له تقصير وتمديد حالة الطوارئ إن رأى ذلك مناسباً. كما يحق لرئيس الجمهورية طلب تمديد حالة الطوارئ لمدة لا تتجاوز أربعة أشهر، إلا في حالة الحرب إذ ستكون المدة مفتوحة، وعلى البرلمان أن يناقش المراسيم التشريعية التي يصدرها الرئيس بموجب حالة الطوارئ ويقرها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدورها، وإلا ستعتبر لاغية بمجرد انتهاء المدة، إلا في الحالات الإجبارية وحالات الحرب التي تمنع انعقاد البرلمان.
صفات وطريقة الترشح للرئاسة
يجب أن يكون المرشح لرئاسة الدولة قد أتم الأربعين عاماً وكذلك تعليمه العالي، ويتحلى بالصفات التي وضعها القانون للترشح للنيابة في البرلمان، على أن يكون مواطناً تركياً فقط، بعدما تمت إزالة مواطناً تركياً بالولادة بسبب اعتراضات من "العدالة والتنمية" باعتبار ذلك تعبيراً عنصرياً. وتقوم الأحزاب الموجودة في البرلمان بتقديم مرشحيها للرئاسة. ويحق للأحزاب التي لم تتجاوز العتبة البرلمانية أن تتقدم بمرشحها للرئاسة، إذ تم تخفيض نسبة الأصوات التي يجب أن تحصل عليها هذه الأحزاب مجتمعة من 10 في المائة في المسودة الأولى إلى 5 في المائة، مع إضافة شرط الحصول على توقيع 100 ألف ناخب.
وعن القوانين الناظمة لعملية انتخاب الرئيس، يتولى منصب الرئاسة الحاصل على غالبية الأصوات، وفي حال فشل أي من المرشحين بالحصول على غالبية الأصوات، تجرى الانتخابات مرة أخرى بين الحاصلين على النسبة العليا من الأصوات في أول يوم إثنين بعد الجولة الأولى، وفي حال انسحب جميع المرشحين ولم يبق سوى مرشح واحد للرئاسة، يتم تحويل التصويت إلى استفتاء شعبي، وفي حال لم يحصل المرشح على غالبية 50 في المائة، سيتم إعادة انتخابات رئاسة الجمهورية من دون إعادة الانتخابات التشريعية، على أن يستمر الرئيس المنتهية ولايته بإدارة شؤون البلاد لحين انتخاب الرئيس الجديد.
محاسبة رئاسة الدولة
تضع التعديلات الدستورية الجديدة قيوداً شديدة على محاسبة رئاسة الجمهورية، إذ تسمح باقتراح محاسبة الرئاسة في حال ارتكبت جرماً بمجرد موافقة غالبية جميع أعضاء البرلمان، على أن تتم مناقشة الأمر خلال مدة لا تتجاوز شهراً واحداً. ويتم تشكيل لجنة للمحاسبة في البرلمان بموافقة ثلاثة أخماس أعضاء البرلمان، بالتصويت السري، ويتم تشكيل اللجنة بحسب نسبة أعضاء كل حزب في البرلمان على أن تكون مكونة من 15 عضواً، وأن تقدم تقريرها لرئاسة البرلمان في مدى لا يتجاوز شهرين، على أن يتم تمديدها لمرة واحدة ولشهر واحد. وتقوم رئاسة البرلمان بتوزيع التقرير خلال عشرة أيام من تسلمه. وإن اجتمع البرلمان مرة أخرى خلال عشرة أيام من تاريخ توزيع التقرير، يتم تحويل الرئيس إلى المجلس الأعلى للدولة للمحاسبة بموافقة ثلثي أعضاء البرلمان، إذ يقوم المجلس بإنهاء محاكمة الرئيس في مدة أقصاها ثلاثة أشهر، لا يتم تجديدها إلا لمرة واحدة لمدة ثلاثة أشهر إضافية. ولا يحق للرئيس خلال هذه الفترة، الدعوة إلى انتخابات مبكرة. ويحق للرئيس حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة، وكذلك يحق للبرلمان حل نفسه، وفي كلتا الحالتين يجب إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية معاً.
السلطات القضائية
تم إلغاء المحاكم العسكرية باستثناء محاكم الانضباط الخاصة بالقوات المسلحة، باستثناء حالات الحرب. وتم تخفيض عدد أعضاء المجلس الأعلى للقضاة والنواب العامين إلى 13 شخصاً يكون وزير العدل ومستشارو وزارة العدل أعضاء تلقائيين فيه، ويتم انتخابهم من البرلمان، كما تم تخفيض عدد أعضاء المحكمة الدستورية العليا إلى 15 عضواً بعد إزالة ممثلي المحاكم العسكرية.