زاد الاردن الاخباري -
أبدى المركز الوطني لحقوق الإنسان على لسان مفوضه العام د.موسى بريزات تحفظه على وصف الانتخابات النيابية للمجلس الثامن عشر الماضية بـ"حرة ونزيهة"، رابطا بين ذلك وبين تأخر المركز بإطلاق تقريره حول هذه الانتخابات.
ونوه بيريزات، في مؤتمر صحفي عقده امس بالمركز، واطلق خلاله التقرير، الى أن التأخر بإصدار هذا التقرير لأسباب خارجة عن إرادة المركز، "فلقد كان الجزء الاكبر من المعلومات الواردة فيه (95 % منها) جاهزة للنشر بعيد انتهاء العملية الانتخابية وإعلان قرار محكمة الاستئناف بشأن الطعون التي تقدم بها عدد من الأشخاص؛ إلا أن غياب المعلومات الكاملة حول ما حدث في عدد من مراكز الاقتراع والفرز في دائرة بدو الوسط، وما شابها من خلل وعبث كحدث ابرز في تلك العملية الانتخابية "اضطر المركز لتأخير إطلاق مثل هذه الوثيقة، في وقت مبكر، آملاً بالحصول على معلومات موثقة تكشف ملابسات ما حدث في هذه الدائرة".
ورأى أن "النظام الانتخابي تشوبه شبهات دستورية، فيما شاب العملية الانتخابية العديد من الاختلالات"، منتقدا اسلوب "تعامل الحكومة مع المال السياسي"، معتبرا انها كانت "مقصرة" في ذلك.
وأكد أنه من اجل ذلك كله "تطلبت عملية التحقق من كل ذلك انتظار فترة طويلة اقتضتها محاولات متكررة للاتصال بالأشخاص الرسميين المسؤولين في الدائرة الانتخابية، وكذلك أولئك الذين كان لهم دور الاشراف على الصناديق التي طالها العبث، وغيرهم ممن قد يكونون شهوداً محايدين".
إلا ان "غالبية المعنيين"، بحسب بريزات "احجموا عن الإدلاء بأي معلومات عن ادوارهم، وبالتالي عدم اتضاح ما حصل بشأن تلك الصناديق"، إضافة الى عدم تعاون الجهات المعنية "بالشكل المطلوب مع طلب المركز مقابلة مثل هؤلاء المسؤولين والاستماع اليهم لاستكمال عملية التحقق والرصد".
وسجل المركز في تقريره عددا من الملاحظات على نظام الدوائر الانتخابية الصّادر بموجب قانون الانتخاب منها ان "الدستور لم يمنح الصّلاحية القانونيّة للسّلطة التنفيذيّة لإصدار الأنظمة التفويضيّة، وقصر صلاحيتها على إصدار الأنظمة التنفيذيّة وفقاً لنص المادة (31) من الدستور، والأنظمة المُستقلة وفقاً لنص المادة 45/ب، 114، 120 من الدستور".
وأشار التقرير الى وقوع العديد من المخالفات يوم الاقتراع في عدة مراكز ودوائر انتخابية ذكر منها "قيام رؤساء لجان الاقتراع والفرز بفتح صناديق أمام المراقبين، وعدّ اوراق الاقتراع، وتدخل عدد من رؤساء وأعضاء لجان معينة بالاقتراع والفرز في خيارات الناخبين، واستمرار الدعاية الانتخابية أمام مراكز الاقتراع وداخلها، والتصويت العلني، ومنع مراقبين من ممارسة دورهم بالمراقبة".
وأوضح أنه "باستثناء حالات محدودة"، فإن هذه المخالفات والتي تمثل "انتهاكات صارخة" من قبل رؤساء واعضاء لجان انتخابية محددة، بقيت بشكل عام دون متابعة أو حسم من قبل الهيئة المستقلة للانتخاب"، رائيا أن موقف الهيئة من ذلك "لم يرقَ إلى تطبيق الحد المطلوب من المساءلة والمحاسبة لهؤلاء، واكتفت باستبعاد عدد من هؤلاء دون اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها بالقانون".
وأكد بريزات ان المركز الوطني تابع باهتمام ما رصده المراقبون وما تداولته وسائل الاعلام والناشطون ووسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، في 21 ايلول (سبتمبر) الماضي "من صور وفيديوهات تظهر صناديق اقتراع في دائرة بدو الوسط أجزاؤها مكسورة، وأوراق ومحاضر اقتراع مبعثرة، وظهور عدد من الأشخاص وهم يعبثون بها في يوم الاقتراع ما شكل في حينه إرباكاً واضحاً لسير العملية الانتخابية، وشكوكاً بشأن سلامتها"، معتبرا ان "تصريحات الهيئة حول صناديق دائرة بدو الوسط كانت متضاربة".
وبحسب التقرير، شكلت الطعون القضائية الخاصة بالدائرة الانتخابية لبدو الوسط أعلى عدد من الطعون الانتخابية على مستوى المملكة، حيث استقبلت محكمة استئناف عمان 8 طعون بنتائج انتخابات هذه الدائرة، والتي أعلنتها الهيئة المستقلة، خاصة بعد تأكيدها بموجب قرار مجلس المفوضين إلغاء نتائج الصناديق ذوات الارقام (49، 92، 107، 108) والتي بلغ عدد المقترعين فيها 1127 مقترعاً، من أصل 34572 مقترعاً بالدائرة.
وأشار بهذا الخصوص الى قرار محكمة استئناف عمان "أن الاعتداء على الصناديق الاربعة يعتبر سلوكاً مداناً ومجًرماً بمقتضى المواد (55، 75/أ،60) من قانون الانتخاب، وأن هذه المحكمة لا تختص بالنظر بهذا السلوك المدان بل يقتصر اختصاصها بأمر الطعون وفق أحكام المادة 71 من الدستور".
واستند التقرير الى الحكم القضائي لمحكمة الاستئناف في وصف "الإخلال والعبث بالصناديق بأنه كان جسيماً وبما يؤثر على إرادة الناخبين"، رائيا (التقرير)، أن قرار "الهيئة إلغاء نتائج الصناديق كان سديداً وفي محله"، لكن مجلس المفوضين لم يقم بإعمال الفقرة الأخيرة من المادة 49 من قانون الانتخاب والتي تقضي "بإعادة عمليتي الاقتراع والفرز في تلك المراكز في الوقت والكيفية التي يراهما مناسبة".
وأشار التقرير الى ان المركز الوطني لحقوق الإنسان قام بعملية تقصٍ وتحقق بهدف معرفة حقيقة ما جرى للصناديق الاربعة ذوات الارقام (49، 92، 107، 108) في دائرة بدو الوسط في مرحلة ما قبل الطعون القضائية، وتحديداً حادثة الاعتداء والعبث بهذه الصناديق، واستمع لهذه الغاية لعدد من المرشحين في الدائرة ولمواطنين محايدين كانوا خارج وداخل حرم مراكز الاقتراع المذكورة وفي غرف الاقتراع التي تم استبعاد أوراق الاقتراع فيها.
وأوضح، "تبين أنه تم تسليم نتائج فرز الصندوق 92/ مدرسة الذهيبة الشرقية الثانوية للبنات، من قبل رئيس لجنة الاقتراع الى مركز الجمع النهائي"، علماً بأنه وحسب إفادات هؤلاء المواطنين "لم تكن هناك أسباب موجبة تدعو لإلغاء أوراق الاقتراع في هذا الصندوق، حيث سلم بشكل سليم الى لجنة الانتخاب من قبل المسؤولين عنه".
وبحسب التقرير "دخلت مجموعة من المواطنين بلباس مدني الى مدرسة رجم الشامي الغربي الثانوية للبنات بهدف تعطيل عملية الفرز التي كانت في مراحلها النهائية في الصندوق رقم 109، فيما كانت لجنة الفرز على وشك الانتهاء من فرز الصندوقين (107، 108)، لكن مواطنين لم ترُقْ لهم النتائج التقريبية فقاموا بكسر الصندوقين ورمي أوراق الاقتراع في الطرقات".
وفيما يتعلق بالصندوق (92) بمدرسة الذهيبة الشرقية الثانوية للبنات، أشار التقرير الى تصريحات الهيئة نفسها بأنه "ما زال مفقوداً ولم يتم العثور عليه، لكنها (الهيئة) لم تفصح عن مكان وجود هذا الصندوق، ولم تزود محكمة استئناف عمان بأي وثائق عن هذا الصندوق سواء أوراق الاقتراع المتعلقة به أو بيان واقع حال الصندوق المذكور".
ولفت التقرير الى مقابلات أجراها مندوبو المركز للتحقق مما حصل لهذه الصناديق حيث اكد شهود من غير الرسميين : "أن عملية السطو المسلح كما وصفها مسؤولو الهيئة والتي حدثت في دائرة بدو الوسط تهدف لفرض نتائج انتخابية في الدائرة على النحو الذي يريده (العابثون ومَن خلفهم)، لأنهم كانوا يعتقدون أن أصوات الوسط المجتمعي التي دخلت تلك الصناديق قد تؤدي الى فوز أشخاص لا يريدون لهم ذلك وفشل من يؤيدون".
غير أن الروايات التي حصل عليها المركز "لم تمكنه من التثبت من هذه الحقيقة، وبالتالي الوصول الى حكم أو تصور نهائي حول حقيقة ما جرى، ومسؤولية كل من الاطراف المعنية"، ومن أجل "يعلن المركز عن اعتذاره عن إصدار أي رأي أو موقف في هذا المجال أو نتيجة وكشف هوية المسؤولين عن الخلل والعبث في هذه الصناديق، كما يعرب عن أسفه لعدم تعاون الجهات المعنية في عملية التحقق، ويخلي المركز مسؤوليته عن أي معلومات إضافية مهمة قد تظهر مستقبلاً تفيد بنتائج جديدة".
لكن التقرير أكد أن "خللاً حصل في عملية الانتخاب في دائرة بدو الوسط وعبثاً بإرادة الناخبين، وثبت ذلك مادياً وأكدته تصريحات المسؤولين في الهيئة، وكذلك قرار المحكمة المختصة"، مشيرا الى "تقصير الهيئة المستقلة للانتخاب وعدم إعمال نص المادة 49 من قانون الانتخاب والتي تنص على "إذا تبين للمجلس وقوع خلل في عملية الاقتراع أو الفرز في أحد مراكز الاقتراع والفرز من شأنه التأثير في أي من النتائج الأولية للانتخابات في الدائرة الانتخابية فله إلغاء نتائج الانتخاب في ذلك المركز حسب مقتضى الحال وإعادة عمليتي الاقتراع والفرز في ذلك المركز في الوقت والكيفية التي يراها مناسبة".
الغد