كلنا معك يا ملك القلوب وكلنا شركاء في الوطن تحت مظلتك

لقد اسعدني خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني رعاه الله عز وجل في تركيزه على المصلحة الوطنية مما يعزز مفهوم المواطنة الصالحة , وسيادة القانون . فلقد نقلنا من أصداف وتقوقعات رسمت في خرائط الذهن الوهمية إلى واقع أكثر . تأملا ً وحنكة وحكمة من تيارات تذهب با لمواطن في مهب الرياح . زاد في وعينا الثقافي بمفاهيم إنسانية العدالة الكفاءة والديمقراطية ( فالوطن متنوع متعدد إنما مظلته واحدة ) ومصلحة الوطن تتقدم على مصلحة الفرد ولكن لاتذيب قدرته وكفاءته بل تشجعه وتدعمه .

فبوركت يا جلالة الملك عبد الثاني وبورك خطابك يا مليك القلوب توحدنا معك سمشا وظلاً . لقد صدقت الوعد كما عهدناك صدقت الوعد وصنت العهد للوطن الحبيب وفاءك كان فخر الطيب لنا صدقت الوعد بعزم كعزم البتراء على الزمان صدقت الوعد يا فخر الرجال توحدنا معك ومع الاردن سيف الحق فيه هو الاردن يهتف من مؤتمر ام قيس عام 1920 للدولة الحديثة هو الإردن يتلون بكل الأطياف والألوان والاديان هو الأردن شعاره كلنا شركاء في الوطن ونحن مع ابي الحسين لنا لواء .

ومن هنا أبدأ المصلحة الوطنية تعني شركاء الوطن وعناصر تنميته الشاملة ومقومات وجوده ليلحق بالركب الحضاري . التاريخ والتراث والتمازج الحضاري عبر العصور يعلن لنا أي وطن هو الإردن أي صخرة تحدت تحجرت العقول أو إرادات الإختزال فالبتراء أول صخرة تتقدم لتهدم عابري الطريق فألإردن احتضن الهاشميين قديما وحديثا واحتضن رفات عمالقة التاريخ بكل أطيافه . الاردن اتخذ عمان ( فيلادلفيا ) ومعناها مدينة الحب الأخوي . كالقلب مركز للجسد
الاردن مركزاً للتواصل الحضاري مع الشعوب . الأخرى قديما وحديثا وما يميزه التجانس والتمازج ما بين ثقافته وثقافة الجوار والدول المترامية .

فكان الأردن باباً رئيسياً للفتوحات الإسلامية، وكان ثراه حضنا ومسكنا ًللخالدين في التاريخ والديانات والحضارات ودليلي أماكن وشخصيات وأعلام وصخور أذكرها : كهف أهل الكهف (الأردن) الواقع إلى الجنوب الشرقي من عمّان، حيث ذكرت وقائع قصة أهل الكهف في القرآن الكريم، إضافة إلى أنها معروفة في التاريخ المسيحي. وعلى الأرض الأردنية تقع الكثير من الأماكن المقدسة للديانة المسيحية، ففي مدينة مأدبا الواقعة جنوبي عمّان، توجد أرضية الفسيفساء النادرة التي تعود إلى العهد البيزنطي في كنيسة الروم الأرثوذوكس، وفيها يستطيع الزائر أن يشاهد أقدم خريطة في العالم للأرض المقدسة. وإلى الجنوب من مأدبا تقع قلعة مكاور التي سجن فيها النبي يحيى بن زكريا عليه السلام، وفي القلعة قطع هيرودس رأسه وقدمه على طبق هدية للراقصة اليهودية سالومي. أما إلى الغرب من مأدبا، فيقع جبل نبو المطل على البحر الميت والغور ، وهناك من يعتقد أن النبي موسى عليه عليه السلام دُفن في هذا الجبل الذي أقيم على قمته بناء لحماية لوحات الفسيفساء الرائعة التي تعود إلى القرنين الرابع والسادس للميلاد. وإلى الشرق من نهر الأردن، يقع المغطس في منطقة وادي الخرار التي سميت قديماً ببيت عبرة، ويقال إن السيد المسيح عليه السلام وقف، وهو ابن ثلاثين عاماً، بين يدي النبي يحيى بن زكريا عليه السلام لكي يتعمد بالماء، ويعلن من خلال هذا الطقس بداية رسالته للبشرية. ويوجد في المكان آبار عدة للماء وبرك يُعتقد أن المسيحيين الأوائل استخدموها في طقوس جماعية للعمّاد. وقد قامت دائرة الآثار الأردنية بترميم الموقع الذي زاره قداسة البابا يوحنا بولس الثاني وأعلنه مكاناً للحج المسيحي في العالم مع أربعة مواقع أخرى . عبر اثار جدار ام قيس و قلاع الصليبيين في عجلون والكرك ومدرجاتهم في جرش وعمان وقبل كل ذلك في البتراء التي بناها الانباط الذين اسسوا دولتهم على هذه الارض قبل خمسة الاف عام 5000 عام . ولعل المقامات والأضرحة تذكرنا بالإردن عبر التاريخ وتمايزه وتمازجه مع الفكر الحضاري ففي مدينة السلط، يقع مقام النبي أيوب عليه السلام في قرية بطنا. كما يوجد مقام النبي شعيب عليه السلام في منطقة وادي شعيب القريبة من السلط، وضريح النبي يوشع بن نون قرب السلط أيضاً، وضريح النبي هارون على جبل هارون في البتراء .
في الأردن، أرض أدوم، ومؤاب، وعمّون، وجلعاد، الكثير من الأضرحة والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية،. وعلى الأرض الأردنية دارت بعض المعارك التاريخية الكبرى، ومن أهمها معركة مؤتة ومعركة اليرموك ومعركة طبقة فحل.. ولتخليد ذكرى الشهداء والصحابة، أقيمت المساجد والأضرحة والمقامات، التي تُبقي مكانة الاردن التاريخية حية في الذهن المعاصر، ففي قرية مؤتة يوجد ضريح جعفر بن أبي طالب، ومقام زيد بن حارثة، ومقام عبد الله بن رواحة رضي الله عنهم. أما وادي الأردن (الغور) فيحتضن عدداً من مقامات الصحابة الأجلاء ومنها: مقام ضرار بن الأزور ومقام أبو عبيدة عامر بن الجراح، ومقام شرحبيل بن حسنة ومقام معاذ بن جبل، ومقام سعد بن أبي وقاص.

هذا الدليل التراثي والديني والثقافي من التاريخ يعلن نفسه على ارض الإردن من خلال التزاوج والتداخل والفتوحات الإسلامية والمعالم المسيحية , من خلال دماء زكية سالت على أرض الإردن من خلال صخور البتراء وام قيس . يعلن حقيقة لنا الآن من مفكرة التاريخ كيف هؤلاء وأسمائهم وشخصياتهم صهرت نفسها في بوتقة الإردن من قبل 5000 عام عربية وإسلامية ومسيحية توافقت وتراضت لترسخ امامنا تاريخ يحمل العبرة وليس النظرة . فالتاريخ للإردن عميق ويدعونا للتوحد لمصلحة الوطن وحمايته فالإردن ليس مكانا طارئا على التاريخ او حالة بل هوأصالة وامتداد إنساني وثقافي ومجتمعي وشرائح متنوعة علينا أن نحتفظ على مصلحته .

وسأضرب مثلا عن دولة في القرن الإفريقي نيجيريا وكيف نظرت لإدواتها الثقافية برغم التنوع والتعدد بينهم : اتبعت نيجيريا التي تتألف من أكثر من 50 ألف مجموعة سكانية (عرقية ، دينية ، عشائرية ، إقليمية ...... الخ) أسلوب ، الاهتمام بالمتاحف التراثية لنيجيريا، فرغم أن بعض المتاحف لا يمثل سوى واحد بالمائة من السكان ، إلا أنه يساهم في إحساس الفرد النيجيري أنه ذو تاريخ موحد وعريق ، وهذا له دور إيجابي في تحقيق الوحدة الوطنية في الدولة والعمل للمصلحة الوطنية .

أليست أمريكا واستراليا ..شرائح متنوعة من شعوب واقليات واديان ولغات ...الخ فكيف تصدرت العالم اول مباديء الصدارة دعمت الصدارة في النفوس على رقعة المكان والزمان وأظلت الجميع بالمصلحة الوطنية متخطية ما تفرع من الشخص وطبقت مفهوم الشعب هم السكان بمظلة وطنية امريكية مما ساهم يالإنتماء الجماعي فالجميع مع الوطن وللوطن حتى ان العربي اصبح يستميت للحصول على الجنسية الامريكية فلماذا ؟؟ وهنا برز دور امريكا الإيجابي كنجيريا واستراليا . .

الكاتبة وفاء عبد الكريم الزاغة كلنا معك يا ملك القلوب وكلنا شركاء في الوطن تحت مظلتك