زاد الاردن الاخباري -
وافق كثيرون على تأكيدات جيرمي كوربين، القائلة بأن التدخل العسكري الخارجي هو ما تسبب في تزايد خطورة الهجمات الإرهابية. أكد العديد من أعضاء المجتمع الدبلوماسي والأمني والدفاعي في بريطانيا، أن الهجمات الإرهابية في المملكة المتحدة تزداد بعد أي تدخل عسكري في دول الشرق الأوسط.
لا نحتاج للذهاب بعيدًا للتأكيد على ذلك، ففي ليلة غزو توني بلير والرئيس الأمريكي جورج بوش للعراق في 2003، كانت لجنة الاستخبارات المشتركة للحكومة حادة في تقييمها للعواقب المحتملة لحرب العراق. اعتُبر هذا التقييم سريًا للغاية، لكن كُشف عنه مؤخرًا كجزء من تحقيق “تشيلكوت” بشأن حرب العراق.
جاء في التقرير أن “التهديد القادم من القاعدة سيزداد مع بداية أي أعمال عسكرية ضد العراق. سيتم استهداف قوات التحالف وغيرها من المصالح الغربية في الشرق الأوسط، ومن المحتمل الهجوم على المصالح الأوروبية خارج الشرق الأوسط أيضًا، وخاصة في أمريكا والمملكة المتحدة”.
أضاف التقرير أن ” التهديد في العالم من الجماعات المتطرفة الأخرى والأفراد سيزداد بشكل كبير، ويمكن أن يحاول أعضاء القاعدة أو المتعاطفين معهم القيام بهجمات كيميائية أو بيولوجية في الخليج ضد أهداف مدنية بريطانية هناك، في حالة الحرب مع العراق. بينما أن الهجمات التي يقوم بها أفراد قد تكون على نطاق ضيق، إلا أنها ستكون كثيرة وستسبب أزمة”.
في الواقع، وقعت أكبر هجمة إرهابية منفردة حدثت في بريطانيا في يوليو 2005، واعتبر البعض أن قرار بريطانيا بالانضمام إلى غزو العراق تم استخدامه في هذه الهجمات، وغيرها من الهجمات الإرهابية كعذر لقتل المدنيين.
من الصحيح أيضًا أن العمليات العسكرية البريطانية في الخارج، ومن بينها تلك التي في ليبيا، استخدمها المتطرفون لتبرير مذابح أخرى ضد المدنيين في المملكة المتحدة.
لكن منتقدي كوربين قالوا إن ذلك لا يعني أن التدخلات العسكرية البريطانية كانت خاطئة ولكن كان لها عواقب. قالوا إن تصريحات كوربين، حتى لو لم تكن مقصودة، تعتبر مُتبلدة الشعور في هذا التوقيت، ويبدو أنها تعطي بعض العذر لأحداث مانشستر، رغم إنكاره لذلك.
يأخذنا هذا النقاش، حول الربط بين التدخلات العسكرية والعمليات الإرهابية، إلى توقيت بداية التدخلات العسكرية البريطانية، وتدخل توني بلير، من خلال سياسته الخارجية كرئيس وزراء، أولًا في سيراليون، ثم في كوسفو – الذي حظي بتأييد شعبي كبير – لحماية المدنيين ومنهم المسلمين من القتل الجماعي.
كان نفس الدافع ما أوضحه ديفيد كاميرون، والرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي؛ لشرح تدخلهم ضد القذافي في ليبيا، لكن الجماهير حينها انقسمت حول الموافقة. نفس الشيء حدث أثناء غزو العراق.
مثل كوربين، انتقدت ماي في خطابها، في يناير الماضي، التدخل العسكري في عهد بلير وكذلك كاميرون في ليبيا، حيث قالت إن “هذا لا يعني العودة إلى السياسات الفاشلة الماضية، الخاصة بتدخل أمريكا وبريطانيا في سيادة الدول الأخرى، في محاولة لإعادة صنع العالم من منظورنا. انتهت هذه الأيام، لكن أيضًا لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي عندما يكون الخطر حقيقي، من مصلحتنا التدخل”. بالتالي لم تستبعد ماي وجود تدخل عسكري مستقبلي، لكنها اعترفت بوجود فشل في الماضي.
بالاستنتاج من كل الأحداث الماضية، جاء التطرف والإرهاب من كرد فعل لأي تدخل عسكري بريطاني حديث في الدول، وخاصة أفغانستان والعراق وليبيا، حيث تقتل القاعدة المدنيين منذ منتصف التسعينات، وحققت سمعتها العالمية بقتل المئات في تفجير عام 1998 في نيروبي ودار السلام.
من الدلائل أن التدخلات العسكرية لا ترتبط بزيادة الهجمات الإرهابية. رغم عدم تدخل بلجيكا وألمانيا في أي دور قتالي كبير في أفغانستان والعراق وليبيا، لكن ذلك لم يمنع وقوع ضحايا نتيجة عمليات إرهابية في هذه الدول.
اعتبر البعض أن التصريحات التي آثارها كوربين معقدة، واتهمه آخرون بالبساطة والانتقاء في تحليله، بجانب خطأ توقيته، الذي جاء في أعقاب هجمات مانشستر، حيث قرر فتح باب النقاش في أحد أكثر المواضيع تعقيدًا في السياسة الخارجية، لكن في وقت حساس للغاية.
BBC