اكتفت وزارة التنمية الاجتماعية ببيان صحفي حول ملاحظات وردت اليها عن عمل الجمعيّات الخيرية التي تقوم بتوزيع مساعدات على المحتاجين في شهر رمضان وفي غيرة ، ثمّ تقوم هذه الجمعيّات وبعض الأفراد المتبرّعين بتصوير المستفيدين من ذوي الحاجة والأيتام وذوي الاعاقة وغيرهم ، ونشر صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة ، قاصدين بذلك اشهار عملهم الخيري بطريقة تتنافى مع مبادئ العمل الاجتماعي ، التي تركّز على مساعدة أفراد المجتمع لتمكينهم من مواجهة التحديات التي تعترضهم . والبيان جيّد ولكنّه لا يكفي ، لأنّ على الوزارة أن تجبر الجمعيّات خصوصا المرخصة من قبلها ، بعدم نشر صور المحتاجين والأيتام ، مما يشعرهم بالنقص والاهانة .
لا أحد ينكر أن الجمعيّات الخيرية تقوم بدور انساني في مساعدة المحتاجين لمواجهة ظروف الحياة الصعبة في ظلّ ارتفاع مستوى المعيشة ، وخصوصا في شهر رمضان ، لكن ما يجعل أعمالهم الخيرية رياء ، قيامهم بتصوير المستفيدين من مساعداتهم بحجّة التوثيق لعملية التوزيع ، لأن المتبرّعين يطلبون ذلك . ثمّ تقوم بنشر صورهم على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي ، وهذا أمر غير مبرر ولا يطاق ، وينتهك مشاعر المحتاجين . وقد نشرت جمعيّة صورا لتوزيع طرود على محتاجين مع صورهم في حفل كبير وعلى الملأ ، ثمّ أتبعت الحفل بوليمة على شرف المتبرّع وعدد من المسؤولين والوجهاء في مدينتها ، كلّف أكثر من ثمن كلّ الطرود التي وزّعتها ، ثمّ قامت بنشر الصور للحفل وللمحتاجين .
ألا يعتبر تصويرهم ثمّ نشر صورهم صدقة يتبعها أذى ، مما يجعل الأجر الذي كان يبتغيه القائمين على احتفالات التبرّع باطلا . وألا يعتبر الهدف من ذلك هو الظهور أمام وسائل الاعلام من أجل الشهرة . ولكن شهرتهم ليست أهم من مشاعر المحتاجين الانسانيّة . ان كان ولا بد من التصوير من أجل التوثيق فليكن ذلك بمعايير تحفظ كرامة المستفيدين من المساعدات العينية والنقدية ، والّا تنشر صورهم على مواقع التواصل المختلفة ، ولكن تبقى عند الجهة المتبّرعة للرجوع اليها اذا طلبتها الجهات الدولية الداعمة أو غيرها . وعلى من يتبّرع بدعم نقدي أو عيني أن يحتسب ذلك عند الله ولا يرجو الشكر والتقدير والشهرة في الحياة الدنيا .
صدقة السر خير عند الله من صدقة العلانيّة التي يتبعها أذى . وقد قيل في تفسير قول الله عز وجل : ( قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ) وقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ) . انّ القول الجميل ودعاء الرجل لأخيه المسلم وستر منه عليه لما علم من سوء حالته ، خير عند الله من صدقة يتصدّق بها عليه ، ثمّ يمنّ بها عليه ويؤذيه بسببها . وانّ جعل الصدقة سريّة أفضل عند الله من التباهي بها واظهارها ، لأنّها تصبح رياء وتصبح باطلة ان تبعها منّ وأذى . والاحاديث النبوية الصحيحة كثيرة في النهي عن المنّ في الصدقة .
سيكون من الأفضل لو أنّ وزارة التنمية الاجتماعية ألزمت الجمعيّات الخيرية والمؤسسات التي تعمل في مجال التنمية الاجتماعيّة والأفراد المتبرعين ، بعدم نشر صور المستفيدين ، من محتاجين وأيتام وذوي احتياجات خاصّة ، والتي يلتقطونها لهم في حفلات التبّرع التي يقيمونها ، ليراها عامّة الناس في المواقع المختلفة . هذا أمر ممكن ، وسيتمّ بعده تمييز الذي يعمل الخير لوجه الله تعالى ، من الذي يعمله للشهرة وليقول الناس عنه أنّه فاعل للخير .