زاد الاردن الاخباري -
لم يسجل أي تراجع في مواقف فرقاء أزمة الخليج، بينما تراجع الحديث عن وساطات جديدة، إضافة إلى إعلان هيئات الطيران المدني في الإمارات والسعودية والبحرين، أن الحظر الجوي المفروض على قطر منذ بدء الأزمة الدبلوماسية مع الدوحة يشمل حصرا شركات الطيران القطرية والطائرات المسجلة في قطر.
ولفتت بيانات الهيئات الخليجية الثلاث إلى أن "هذا القرار لا يشمل شركات الطيران والطائرات غير المسجلة في دولة قطر" أو في أي من الدول الثلاث "والراغبة في عبور أجواء (هذه الدول) من وإلى دولة قطر".
ويرى مراقبون أن الأزمة المتصاعدة بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة وقطر من جهة أخرى ضيقت هامش المناورة أمام الدول المعنية بهذه الأزمة وبات لزاماً عليها أخذ موقف واضح منها.
وقالوا إن التصعيد الخليجي المصري ضد قطر كان مفاجئاً إلى حد بعيد، ولم يكن هناك حدث معين أدى إلى انفجاره، إذ جاء مباشرة بعد القمة الأميركية الإسلامية التي عقدت في الرياض وشاركت فيها قطر.
في الاثناء، سارع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لبلاده علاقات جيدة مع طرفي الأزمة واتصل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأجرى محادثات مع المسؤولين الايرانيين إلى جانب أطراف الأزمة، في مسعى لنزع فتيل التوتر بين الجانبين كما استقبلت تركيا وزير خارجية البحرين لبحث الازمة دون ان تثمر جهود أردوغان عن شيء يذكر.
ولم تلق دعوة أردوغان الدول الخليجية إلى التهدئة ورفع الحصار الجوي والبري المفروض على قطر آذانا صاغية في الاوساط الخليجية، بل شنت بعض الصحف السعودية حملة على تركيا متهمة إياها بدعم قطر في إطار ما تصفه بدعم مشروع "جماعة الاخوان المسلمين"، ومثال على ذلك ما كتبته صحيفة "عكاظ" السعودية في السابع من الشهر الجاري تحت عنوان : مصادر لـ "عكاظ": مخطط إخواني مشبوه برعاية تركية لدعم قطر.
واعتبر المراقبون، أن أردوغان توصل إلى قناعة مفادها أن هامش المناورة أمام تركيا قد تضاءل إلى حد بعيد وأن عليه اتخاذ موقف واضح من الأزمة والوقوف إلى جانب احدهما، فاختار قطر، مخاطرا بالعلاقة مع السعودية التي شهدت تحسنا ملحوظا منذ تولي الملك سلمان الحكم بعد فترة من البرود بسبب التباين الصارخ في موقفي البلدين من الاطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي.
وقالوا ان مسارعة البرلمان التركي الى المصادقة على الاتفاق العسكري بين تركيا وقطر كانت بمثابة رسالة تركية الى القوى الاقليمية وأهمها السعودية، مفادها أن تركيا معنية بهذه الأزمة إلى حد بعيد ولن تقف مكتوفة الأيدي في حال تدهورت الأوضاع في المنطقة.
وينص القانون الذي أجازه البرلمان التركي في 7 حزيران (يونيو) على السماح بنشر قوات في قاعدة عسكرية تركية في قطر، وصادق عليه أردوغان بعد يومين وتبع ذلك تأكيده على ضرورة انهاء الحصار الذي فرضته السعودية والامارات على قطر : "يجب رفع الحصار تماماً، يجب ألا يحدث هذا بين الأشقاء".
وأضاف أن "البعض منزعج من وقوفنا إلى جانب إخوتنا في قطر، إلا أننا مستمرون في تقديم جميع أنواع الدعم إليها". وقال "نعرف جيدا الذين كانوا مسرورين في الخليج (دون تسمية جهة معينة) من محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، ونعرف جيدا ماذا فعل البعض ليلة محاولة الانقلاب".
وأمس الثلاثاء، اعتبر الرئيس التركي رجب طيب، أن العقوبات التي فرضتها دول خليجية على قطر "غير إنسانية ومخالفة للاسلام"، مضيفا انه سيجري محادثات هاتفية مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حول هذا الموضوع.
وقال اردوغان في خطاب بثه التلفزيون ان "العمل على عزل دولة في كل المجالات (...) غير انساني ومخالف للاسلام". واضاف ان قطر دولة "صدر بحقها نوع من حكم الإعدام".
واضاف "اليوم سنجري مكالمة هاتفية مع كل من رئيس فرنسا وامير قطر".
وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو أعلن في وقت سابق ان اردوغان سيبحث مسألة قطر مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب "في الايام المقبلة".
والخليج غارق في أزمة دبلوماسية خطيرة منذ 5 حزيران/يونيو حين قطعت السعودية والامارات والبحرين، الدول المجاورة لقطر، وكذلك مصر واليمن علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة لاتهامها "بدعم الارهاب".
وأغلقت الدول الخليجية الثلاث ايضا حدودها البرية والبحرية مع قطر وفرضت عليها قيودا مشددة في مجال الطيران.
وتقيم تركيا علاقات مميزة مع قطر الغنية بالغاز وتربطها بها علاقات تجارية مهمة.
ومنذ بدء الازمة برز اردوغان كمدافع عن قطر رافضا الاتهامات لها بدعم الارهاب.
وقال اردوغان الثلاثاء ان "قطر دولة تعتمد، على غرار تركيا، الموقف الاكثر حزما تجاه داعش" مضيفا "فلنوقف هذه الاكاذيب".
لكن رغم انه يدافع عن قطر، يتجنب اردوغان ان ينتقد السعودية التي تسعى تركيا الى تطوير علاقاتها معها.
وقال أردوغان "أعتقد أن على العاهل السعودي حل هذه القضية وان يبدي حسا بالقيادة".
أما في موسكو، فقد اعلن الكرملين ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث في اتصال هاتفي أمس الثلاثاء مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، الأزمة الخليجية وتداعياتها على المنطقة.
وقال بيان للكرملين إن الزعيمين بحثا الأوضاع في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج على خلفية الأزمة بين قطر وبعض الدول الخليجية، وأوضح أن موسكو تأسف لكون هذه الأزمة لا تساعد على توحيد الجهود في سورية ولمواجهة التهديد الإرهابي.
ويقول مراقبون ان موسكو تدرك دور السعودية وقطر في الأزمة السورية، وتخشى أن تلقي بظلالها السلبية عليها، لذا فهي تعمل على دعم مبادرة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح في محاولة للسيطرة على هذه الأزمة.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد أن بلاده تواصل اتصالاتها مع كل الأطراف المعنية بالأزمة الخليجية وهي مستعدة لمد يد العون، موضحا أن موسكو تدعم حل الخلافات على طاولة التفاوض وعن طريق الحوار القائم على الاحترام المتبادل.
وخلال استقباله نظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني السبت في موسكو، قال لافروف إن خطر الإرهاب هو الأهم لدول المنطقة وهو ما يستدعي تضافر الجهود لاحتوائه.