زاد الاردن الاخباري -
لم تنتظر إمارة أبوظبي، التي تقود دول الحصار الأربع على قطر، في الحملة ضد الدوحة، الردّ الرسمي القطري على لائحة المطالب الـ13 "غير القابلة للتنفيذ" بحسب ما أعلنته قطر.
كما لم تحترم أبوظبي مهلة الأيام الـ 10، التي قدمتها في لائحة المطالب، التي أجمعت دول ومنظمات دولية حقوقية، على عدم قانونيتها وعدم شرعيتها، فسارعت عبر وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أنور قرقاش، بتهديد الدوحة بالفراق، إن لم تنصع للائحة المطالب التي قدمت عبر الوسيط الكويتي الخميس الماضي.
الوزير الإماراتي الذي اتهم قطر بدعم التطرف والإرهاب في مؤتمره الصحافي، يوم السبت الماضي، قال إنه "في حال لم تقبل قطر قائمة المطالب التي قدمتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر، لاستعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بعد قطعها في وقت سابق من الشهر الحالي، فسيكون البديل الفراق".
وأضاف في المؤتمر الذي عُقد في وزارة الخارجية والتعاون الدولي في دبي، أن "الدبلوماسية هي أولوية لحل الأزمة مع قطر إلا أن الأمر يتطلب من قطر أن تغير سلوكها واتجاهها القائم على دعم الإرهاب والتطرف"، حسبما نقلت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية "وام".
وفي وقتٍ لم يوضح قرقاش في المؤتمر الصحافي طبيعة "الفراق"، الذي يقصده، فإن مراقبين خليجيين اعتبروا هذا التصريح، سعياً إماراتياً لتجميد عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي، وعضوية قطر في جامعة الدول العربية، رغم صعوبة تحقيق هذه الرغبة، في حالتي مجلس التعاون والجامعة العربية.
وقد أدرك أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، خطورة الأزمة السياسية الخليجية، على مستقبل مجلس التعاون الخليجي، في تصريحاته الصحافية، بعد جولته الخليجية، التي زار فيها أطراف الأزمة حين اعتبر "أن إزالة الخلافات بين الأشقاء هو أمر واجب لا يستطيع التخلي عنه"، مضيفاً أنه "صعب علينا نحن الجيل الذي بنى مجلس التعاون الخليجي قبل 37 عاماً أن نرى بين أعضائه تلك الخلافات، والتي قد تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه". ما يفهم منه خشية كويتية على مصير المجلس. وليس خافياً أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية، قد انقسم في هذه الأزمة السياسية، انقساماً عمودياً، كما حصل في أزمة 2014، مع مسارعة السعودية والإمارات والبحرين، إلى سحب سفرائها من الدوحة، فيما فضّلت الكويت وسلطنة عمان، عدم اتخاذ هذا الإجراء، وهو الموقف نفسه الذي اتخذته العاصمتان الخليجيتان في الأزمة الجديدة.
ووفقاً للمادة السابعة من النظام الأساسي لدول المجلس، فإن "المجلس الأعلى هو السلطة العليا لمجلس التعاون ويتكون من رؤساء الدول الأعضاء وتكون رئاسته دورية حسب الترتيب الهجائي لأسماء الدول. ويجتمع المجلس في دورة عادية كل سنة ويجوز عقد دورات استثنائية بناء على دعوة أي من الأعضاء وتأييد عضو آخر، ويعتبر انعقاد المجلس صحيحاً إذا حضر ثلثا الدول الأعضاء"، أي أربع دول من الدول الست المشكلة للمجلس. إلا أن المادة التاسعة من النظام الأساسي توضح أن "قرارات المجلس الأعلى في المسائل الموضوعية تصدر بإجماع الدول الأعضاء الحاضرة المشتركة في التصويت وتصدر قراراته في المسائل الإجرائية بالأغلبية". ولكل عضو من أعضاء المجلس صوت واحد، ما يؤكد صعوبة مهمة الإمارات في جمع تأييد خليجي لتجميد عضوية قطر، في حال طلبها دعوة المجلس الأعلى للمجلس للانعقاد على مستوى القمة، لأن كلاً من الكويت وسلطنة عمان لن يصوّت إلى جانبها.
وفي الوقت الذي أتاحت فيه المادة 20 من النظام الأساسي، حق أي دولة عضو في طلب تعديل النظام، فإنها اشترطت أن يقدم طلب التعديل للأمين العام الذي يتولى إحالته إلى الدول الأعضاء وذلك قبل عرضه على المجلس الوزاري بأربعة أشهر على الأقل، ولا يصبح التعديل نافذ المفعول إلا إذا أقره المجلس الأعلى بالإجماع. واللافت في هذا الشأن أن دول الحصار الخليجية الثلاث، لم تطلب خلال اجتماع القمة الخليجية التشاورية، في شهر مايو/أيار الماضي، في الرياض، تطبيق المادة العاشرة من النظام الأساسي، بتفعيل هيئة تسوية المنازعات التي تتبع المجلس الأعلى، ويتولى تشكيلها في كل حالة على حدة حسب طبيعة الخلاف، بل افتعلت دول الحصار الخليجي، الأزمة مع قطر بعد يومين من انتهاء القمة. ما يؤكد النوايا المبيتة لافتعال المشكلة. واللافت أيضاً أن هيئة تسوية المنازعات، لم تفعّل من خلال مسيرة المجلس التي تتجاوز ثلث قرن، في العديد من الخلافات الخليجية – الخليجية ومنها الخلاف القطري - البحريني على جزر حوار، والذي انتهى باللجوء إلى محكمة العدل الدولية لحسمه.
صعوبة تجميد عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي، قد تدفع أبوظبي إلى السعي لعزل الدوحة عربياً وتجميد عضويتها في جامعة الدول العربية، وهو ما سعت إليه الدبلوماسية الإماراتية عربياً، من خلال الضغط على الدول العربية لإعلان قطع علاقتها مع قطر. وهي نجحت في ذلك مع بعض الدول، بعد انضمام جزر القمر وموريتانيا إلى إعلان مصر والسعودية والإمارات والبحرين واليمن وبرلمان شرق ليبيا قطع علاقاتها مع قطر، فيما خفضت الأردن وجيبوتي علاقاتها الدبلوماسية معها.
ووفقاً لقانونيين خليجيين، فإن "مثل هذه الخطوة تحتاج إلى سلسلة طويلة من الإجراءات، فالجامعة العربية لا يوجد في ميثاقها ما يسمّى تجميد العضوية، ولكن بعد توقيع مصر على اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، ظهر التجميد بشكل عرفي، حينما جمدت عضوية مصر، وبعدها جاء تجميد عضوية سورية. وتحتاج دول الحصار الأربع لاتخاذ مثل هذه الخطوة، الدعوة إلى اجتماع طارئ لمجلس وزراء الخارجية العرب، بناء على طلب من إحدى الدول، للأمين العام للجامعة العربية، لعقد جلسة لمناقشة الأزمة الخليجية، ومن ثم التصويت على مثل هذه الخطوة، التي ستلقى بالتأكيد معارضة عربية، خصوصاً من الدول التي رفضت الانصياع لضغوط دول الحصار.
العربي الجديد