زاد الاردن الاخباري -
فيما أدت الضربات الموجعة التي تلقتها عصابة "داعش" الإرهابية في معقليها الرئيسيين في مدينتي الموصل العراقية والرقة السورية، إلى منح الاستراتيجية الأردنية الخاصة بمكافحة الإرهاب مزيدا من الشمولية، وفتح مزيد من الآفاق أمامها، يرجح خبراء وجود مخاوف أردنية حقيقية من تمدد فلول "داعش" والعصابات المتطرفة باتجاه حدوده.
يجيء ذلك أيضا خصوصا بعد النجاح الذي حققه الجيش السوري، بالالتفاف حول الخطوط الأميركية الحمراء، التي رسمتها واشنطن في منطقة التنف في المثلث الأردني السوري العراقي، وتمكن قواته من الوصول إلى الحدود العراقية، تحت أعين أجهزة الرصد والتعقب الأميركية.
ويجمع خبراء عسكريون على أن التطورات الميدانية الحالية على جبهات الجنوب السوري تختصر مسارات الحرب على الصعيدين السياسي والميداني، فضلاً عن الصراع المحتدم على مناطق النفوذ بين غالبية القوى المنخرطة في الصراع على الأرض السورية.
وبحسب اللواء المتقاعد فارس كريشان، يدور في الجنوب السوري، وتحديداً من البادية الشرقية الى السويداء ودرعا والقنيطرة، مخطط ميداني ــ سياسي كبير، يرسم معه مستقبل التسوية السياسية والحرب على عصابة "داعش" وجبهة النصرة وغيرهما من تنظيمات مسلحة، فضلاً عن احتمالات انتشار قوات روسية على نطاق واسع في الجنوب والجولان تمهيداً لرعاية التسوية السورية في مناطق تخفيف النزاع، ومستقبلاً لبحث مسألة الاحتلال الإسرائيلي للجولان.
وبين كريشان أنه "مع بدء نفوذ عصابة داعش بالانحسار شيئا فشيئا، بعد خسارته في الموصل (معقل العصابة الرئيسي في العراق)، وتمكن قوات سورية الديمقراطية من إكمال الطوق حول مدينة الرقة، ومحاصرتها بشكل كامل عبر السيطرة على كامل القرى المقابلة لها جنوب نهر الفرات، يدفع العصابة الى تعزيز نفوذها في الجنوب السوري، خاصة وأنه قد ظهرت عدة مؤشرات توحي بذلك".
وقال إن جبهة الجنوب السوري تسيطر عليها فصائل في الجيش السوري الحر، مع حضور قوي نوعا ما لجبهة فتح الشام (النصرة سابقا)، خاصة في محافظتي القنيطرة ودرعا المجاورتين للحدود الأردنية، دون إغفال وجود بعض التنظيمات التي تدين بالولاء لعصابة داعش التي تمكنت من توحيد صفوفها في إطار ما سمي بجيش خالد بن الوليد.
وبحسب كريشان "يتشكل هذا الجيش الداعشي من لواء شهداء اليرموك، فرقة حمزة أسد الله الغالب، حركة المثنى الإسلامية، جماعة المجاهدين، تجمع أنصار الأقصى، بعد أن نجح في استغلال استكانة الجبهة الجنوبية لاستقطاب المزيد من الشباب الغاضب من طريقة تعاطي بقية الفصائل السورية مع ما يجري في الشمال".
بدوره، لا يخفي العميد المتقاعد حافظ الخصاونة، بعد هذه المتغيرات، "مخاوف الأردن من تمدد داعش"، مرجحا أن "للأردن مخاوف حقيقية من أوضاع الجنوب مع شدة الضربات على عصابة "داعش" وتقهقرها باتجاه الجنوب السوري وتقدم الجيش العربي السوري باتجاه الحدود الأردنية ومحاصرته لتنظيمات مسلحة أخرى".
وقال الخصاونة إن "هذا الأمر يشكل تحديا أمنيا في ظل مخاوف من إمكانية انتقال مخاطر تلك التنظيمات إلى داخل الحدود الأردنية، سواء عبر تفجيرات وعمليات تسلل كما حصل العام الماضي في الجهة المقابلة لمخيم الركبان، أو عبر امتداد الاشتباكات في منطقة حوض اليرموك الحدودية إلى داخل الأراضي الأردنية".
وأضاف: "بات واضحا اليوم دخول الجنوب السوري مطلع هذا العام في دوامة من التحولات الميدانية والسياسية، لمصلحة أطراف داخلية وخارجية، خاصة في ظل انكسارات عصابة داعش في العراق والشمال السوري، الأمر الذي يدفع مسلحي العصابة نحو الجنوب السوري ومحاولة إيجاد أرض خصبة للتشدّد وإقامة منطقة نفوذ لهم".
من جهته يقول اللواء أديب الصرايرة إن الأردن "سبق وأن وجه رسائل تحذيرية إلى الأطراف المتحاربة في الجنوب السوري، مفادها ضرورة الابتعاد عن حدوده مسافة كافية لضمان أمنه، خاصة مع تصاعد الضربات على عصابة داعش وتلقيها خسائر في الموصل والرقة وعدد كبير من مناطق كانت خاضعة لسيطرتها، الأمر الذي شدد الخناق عليها وحصرها بين الجنوب السوري والحدود الأردنية".
وأضاف أن "بعض التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش، تحاول إيجاد موطئ قدم لها في جنوب سورية، الأمر الذي اقتضى التعامل أردنيا معه في وقت مبكر، إذ استعدت له القوات المسلحة باتخاذ إجراءات أمنية صارمة في تلك المنطقة، وتفعيل قواعد أكثر تشددا للاشتباك مع أي تهديد، أهمها أن القتال يجب أن يبتعد مسافة كبيرة عن الحدود إلى الداخل السوري، وإلا فإنه سيتم استخدام الخيارات المتاحة للدفاع عن سلامة حدود المملكة وقواتها المسلحة".
وبين أن الأردن "يتفق مع دول التحالف في محاربة الإرهاب والتطرف، وضرورة حماية السلام وتحقيق الاستقرار في المنطقة"، موكداً ثقته العالية بقدرة القوات المسلحة الأردنية على معالجة كل التجاوزات على الحدود مع سورية، في حال شهدت المنطقة الجنوبية تطورات عسكرية ميدانية، خاصة أن الأجهزة الأمنية على دراية تامة بما يجري في المنطقة.
الغد