زاد الاردن الاخباري -
تحدثنا كثيرا، وتحدثت الحكومة، طالبنا بتغيير القانون واستمرت الحكومة في طريقها لإجراء الإنتخابات بقانونها "المتوحد"، وظهرت حركات المقاطعة، بعضها بنوايا طيبة وبعضها بالنوايا اللئيمة، بعضهم يريد نهضة الوطن والآخر يريد إضعافه وكسر شوكته، اليوم، نحن والحكومة ودعاة المقاطعة، وعلى مسافة قريبة من بوابات الإقتراع، علينا جميعاً ان نتوقف هنا، وعلينا أيضاً أن نترك لكم فرصة اتخاذ القرار، ولكن تذكروا أن امامكم ثلاث إمتحانات في ورقة واحدة.
الإمتحان الأول، عليك أن تضع كل ما قلناه وما قالته الحكومة وما يقوله المقاطعون خلفك، وتبدأ بالتفكير لوحدك، هل أريد حقاً أن أشارك في هذه الإنتخابات؟ هل مصلحة الوطن ومصلحتي تتفق مع المشاركة أم مع المقاطعة؟ وهل إجراء الإنتخابات وإنعقاد المجلس التشريعي، ووجود نواب للشعب، أختارهم بنفسي، يمكن أن يكون ذات فائدة كبرى لوطني، وأنه قد تنتج الإنتخابات مجلسا يمكنه مقارعة ومراقبة الحكومة وإقرار القوانين التي فيها مصلحة لوطني ولي ولأبناء شعبي، أم أنني غير متأكد من أن يكون المجلس المنتخب قادرا على ذلك، وسيكون ضعيفا كسابقه؟ ولو كان كذلك فهل عليّ أن أقبل وأشارك فقط لإستمرار الحياة النيابية في بلدي أم عليّ ان أتوقف واتأمل وأراقب؟ أم أن عليّ أن أذهب وأشارك وأضع ورقة بيضاء؟ لاحظ ان القرار في النهاية هو لك، وليس هناك قوة في الأرض تجبرك على المشاركة، لا رئيس حكومة ولا وزير داخلية، كما أنه ليس هناك قوة أخرى تجبرك على المقاطعة أو تعبث بأفكارك وأحلامك ومصالح وطنك وأبناءك وامتك.
الإمتحان الثاني، إذا قررت المشاركة، عليك أن تقرر من تختار، ويكون قرارك حكيما وموضوعيا، فيه مخافة الله عزوجل، وفيه الأمانة التي في عنقك، والمسؤولية تجاه شعبك، وصحيح ان "فلان" ابن عمك الآخر ابن عشيرتك و"فلان" لديه حملة إنتخابية كبيرة ومشجعين كثيرين، و"فلان ابن حلال" ولا ينسانا، وآخر محسوب على "جماعتنا" والآخر على جماعة "ناس" آخرين، ولكن الأمانة أشدّ من ذلك بكثير، وأخطر، فعليك أن تدرس كل المرشحين، دراسة حقيقية، وتختار من تأمل أن يكون كما في الإمتحان الأول، في الشق الأول، ذلك المرشح الذي يشكل مع باقي الأعضاء مجلسا قوياً حقيقياً، يمكنه أن يساهم في نهضة الوطن، وبث روح العمل والإنجاز، وأن لا يكون ممن يكرسون الواسطة والمحسوبية، ويتلهفون على مراكز القوى، ويسعون للحصول على الإمتيازات.
الإمتحان الثالث، وهو الإمتحان الأهم، وهو أنه في يوم الإنتخاب، تأكد انك لا تجلس في البيت، بإعتباره عطلة، وتقرر أن لا تفعل شيئا، فأنت جزء فاعل ومهم جداً من هذه الحكاية، وأنت طرف رئيسي فيها، لذلك عليك أن تهتم في كل الأحوال، فإذا قررت المشاركة، فشارك وإذا قررت المقاطعة فراقب وتأمل ولكن دع أيضا غيرك يقرر، ومن المهم جدا أن لا تجلس في البيت غير آبه بالموضوع كله، أو أن تقول هذا الموضوع لا يعنيني، إنه يعنيك أكثر مما تتخيل، إنها أيام هامة وحاسمة تمر بالوطن، وفي النهاية، ومهما حدث، ستصب النتائج في مصلحتك، فالحكومة -التي لا نحبها ولا نريدها- هم أبناء الوطن ولديهم وجهة نظر يرون خلالها أنهم يسعون إلى مصلحتك، وكذلك المقاطعين، لديهم وجهة نظر أخرى، ويرون أنها أيضا تصب في مصلحتك، ولا يعني أنك إذا قاطعت الإنتخابات فإن قرارك كان خاطئاً كما لا تعني مشاركتك أنك تناصر الحكومة على المعارضة، اما الخطأ الإعلامي "العقيم" الذي إرتكبته هذه الحكومة، حين دفعت الناس للظن والإعتقاد أن هذه الإنتخابات تصب في مصلحة سمير الرفاعي وفريقه الوزاري وليس في مصلحة الوطن والناس! فلا تضعه نصب عينيك، ولا تدعه يقلقك، فهم لدينا يعرفون كل شيء، لكن احدا منهم لا يعرف كيف يضع مخططاً إستراتيجياَ إعلامياَ صحيحاَ.
المهم، ليس عليك أن تفكر كما يفكر رئيس الحكومة ووزير التنمية السياسية، وكذلك لا تنسخ ما يقوله الإخوان المسلمين وغير المسلمين، بل فكر بانك أردني، وأن لك حقا مثلهم جميعا، وأنك صاحب قرار، وأن قرارك جاء من دراستك وبحثك وقناعتك، وأنه لا سلطة عليك حين تقرر، وتذكر أن الأمانة شيء عظيم.