من الواضح أن هناك اقبالا جيدا على الترشح لمنصب "اللامركزية" أو ما يعرف بعضو مجلس المحافظة في كافة أنحاء المملكة، ولولا تقزيم المكافئة الشهرية الممنوحة لهذا المنصب لتكون 500 دينار فقط للعضو لشاهدنا إقبالا منقطع النظير على الترشح لهذا المنصب لأن الوجاهة المتحصلة من هذا المنصب ليست مغرية كثيرا ولا تصل لتلك الوجاهة المتأتية من منصب النائب أو حتى منصب رئيس البلدية.
ومع ذلك، يبقى هذا المنصب مغريا لمن لا يود الخضوع للرقابة الشعبية او للمحاسبة على أداءه كما يحدث مع النواب أو رؤساء البلديات، وسيكون في منأى عن المتابعات الصحفية الناقدة لأداء هذا العضو أو ذاك كما يحدث مع النائب أو حتى رئيس البلدية، فالمحاسبة ستكون لمجالس المحافظات كجماعات وككل وليس كأفراد، ولذا أتوقع بأن يكتفي الأعضاء الفائزون بالتقاط أنفاسهم وأخذ "تعسيلة" طيلة الأربع سنوات.
كان أحد أهداف فكرة "اللامركزية" تخفيف العبء الواقع على النواب من ناحية تقديم الخدمات لناخبيهم بحيث يتفرغوا تماما لمهمتهم الأساسية في الرقابة والتشريع وأن يقوم أعضاء مجالس المحافظات بمهمة تقديم الخدمات للناس، لكن قانون اللامركزية قزم هذا لمنصب ولم يعطي عضو مجلس المحافظة السلطة أو الصلاحيات الكافية التي تمكنه من فعل ذلك وسيكون جهد هؤلاء الأعضاء فردي شخصي لا يلبي الحد الأدنى من الطموحات.
ولذا، أتوقع فشل أداء هذه المجالس وعدم قدرتها على تحقيق الأهداف المرجوة منها لكون المواطنين لن يعفوا نوابهم من تحقيق الخدمات لهم واسترجاع حقوقهم المسلوبة. وحتى لو اقتنعنا جدلا بأن عضو مجلس المحافظة المنتخب سيعمل على تحقيق الخدمات لناخبيه وحل مشاكلهم، فستكون حدود امكاناته ضمن حدود المحافظة التي ينتمي اليها وليس على مستوى الحكومة المركزية.
من هنا، أعتقد بأن قانون "اللامركزية" ليس موفقا بالقدر الكافي فيما يخص صلاحيات عضو مجلس المحافظة ومسؤولياته وقدرته على خدمة المواطنين في دائرته الانتخابية، وبالتالي فأن العضو الفائز سيكتفي بمناقشة ميزانية المحافظة والمشاريع التنموية المطروحة وابداء رأيه فيها إن تجرأ على ذلك، وسيكون بعيدا كل البعد عن تقديم الخدمات المرجوة منه لناخبيه كما كان مخططا له، وبذلك سيكون في مأمن وفي منأى عن أعين ناخبيه وبعيدا عن أي رقابة أو محاسبة شعبية من أي نوع كان، وستمضي الأربع سنوات بسهولة ويسر...وتيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي.