زاد الاردن الاخباري -
بعد تضييق الخناق على من اشتهروا برعاة المال السياسي في الانتخابات النيابية فإن في أعين الأردنيين بريق أمل يرنو إلى المستقبل لطي صفحة الماضي التي حملت كل شوائب الدهر ولعنات السياسة على مر تاريخ الاردن الحديث.
الاردنيون يعتبرون هذه الانتخابات مقياسا للمستقبل في المشاركة بالعملية الديمقراطية ، وأنها ستكون مفصلا حقيقيا في النظر الى أي انتخابات مستقبلية.
ان محاربة الحكومة لشراء الأصوات قد خفف من الظاهرة وأسس لشيء مستقبلي قد يقضي عليها تماما ، حيث أن هذه الانتخابات لم تخلُ من الاختراقات هنا وهناك لكن صعوبة إثبات الدلائل على مستخدمي هذه الوسيلة العفنة في الوصول الى البرلمان ادت الى انفلات البعض عن تطبيق القانون عليهم.
إن اختفاء أصحاب "المال السياسي" يعني بالضرورة احجام العديد منهم عن الترشح لأي انتخابات مقبلة اذا ما انكشفوا او تجاوزهم الوطن ويساعد في دفع النخب السياسية والمالية والمفكرين والمثقفين وأصحاب الاختصاص للترشح في المرات القادمة.
مراقبون يعتقدون أنه قد تحدث مفاجئات تقلب طاولة الانتخابات على من استخدم المال وسيلة للوصول الى مجلس النواب ويبقى الرهان هنا على ذكاء المواطن وحرصه على الوطن وضميره في اختيار من يمثله تحت قبة التشريع والرقابة.
يعلم الكثيرون كم هم الذين ابتعدوا عن الترشح خشية سيطرة المال السياسي في الانتخابات الحالية ، ومن المؤمل ان تجاوز هذه المحطة العبثية ستؤسس لأرضية خصبة لارتفاع المشاركة في اي انتخابات مقبلة سواءً من حيث الترشح أو التصويت.
على الأردنيين ألاّ يفوتوا الفرصة في هذه الانتخابات للمشاركة في تأسيس أرضية صلبة لاي انتخابات مقبلة ، وليدركوا ان صوتهم سيقلب المعادلة كثيرا.
وسط اجواء النزاهة التي رددتها الحكومة ووجدها الأردنيون على أرض الواقع تشجع على المساهمة بالانخراط في انتخابات اليوم ، لتكون جسر عبور الى افراز مجلس نواب قوي تبعد أصحاب الأهواء الشخصية عن مقاعد البرلمان حتى يبقى ممثلا حقيقيا للشعب.
الرقم المنخفض في المشاركة بالترشح للانتخابات جذوره تمتد لانتخابات م2010 وان الابتعاد عن صناديق الاقتراع سيُبقي الحال على ما هو عليه بل سيزيد الطين بلة من حيث سيطرة من ليس لهم في العملية السياسية لا ناقة ولا جمل ، والمشاركة تعني بالضرورة المساندة في ادارة التغيير.
إن وجود نواب من أصحاب رؤوس المال يثري مجلس النواب بالطبع كما وجود أي شريحة أخرى في المجتمع وهم غير مدانين على الاطلاق لكن من يصل عبر المال الى مجلس النواب ومن خلال شراء الأصوات فانه المستهدف ويجب اسقاطه لانه سيؤدي الى لوثة تصيب الحياة التشريعية في الاردن.
يأمل الاردنيون بذهاب دون عودة لمشتري الأصوات ومروجيها وسمسارة المال السياسي بعد أن اُرهق وجودهم الحكومة على مدار 3 سنوات ، ما بين مجلس تربع سادة المال على عرشه لمدة سنتين ، وسنة آخرى للتحضير للانتخابات تمسح سوءات سابقتها.
تكاد تنسحب موجة "المال السياسي" ليبحر مجلس نواب جديد بالاردن نحو بر الأمان الذي تتلاطم الامواج الاقليمة من حوله ، فأشخاص قادرون على حمل هموم المواطنين وتطلعاتهم المستقبلية والحفاظ على البلد وهويته أفضل ما يمكن انجازه في هذه المرحلة.
يتحتم على مجلس النواب النهوض بالبرلمان الاردني وإزالة ما علق به من شوائب في ذهن الأردنيين الذين اطاحوا بالمجلس الخامس عشر الذي شكل وجوده غضبا عارما بسبب اداء غالبية اعضائه على مختلف الصعد.
ينتظر المجلس قدوم رجالات وطنية تحافظ على سمعة مؤسسة البرلمان التي مسها الأذى وكانت في مهب الريح ومتناول كل ناقد.
الإدانة السياسية لمجلس النواب السابق تؤكد على العثرات التي طفت على سطح قبة البرلمان فانخفضت الثقة بين المواطنين وممثليهم حتى تهاوت الى مستوى متدن.
الخيفة التي توجس منها المثقفون والنخب الاردنية قد تنقشع في المستقبل ويتحفز عقبها الكثيرون اذا ما استطاع مَن ترشح منهم هذه المرة الوصول الى مجلس النواب مبعدين "حيتان المال" الذين يستخدمونه بشكل سيىء لغايات انتخابية ، وما هذه التجربة الديمقراطية الحالية التي تتجه نحو الشفافية في التعاطي مع قانون الانتخابات وملاحقة المتورطين من أرباب المال السياسي إلا دليل على دفن الصورة المرتجفة التي رسمها عدد ممن جعل أصوات المواطنين سلعة للبيع والشراء.
انحدر التعاطي مع الانتخابات في العام (2007م) حتى أمسى بيع الاصوات في شوارع وأزقة المدن والارياف والمخيمات من قبل مترشحين لا يعرفون للوطن مساحة في فكرهم ، فـ"براغماتيتهم" جعلتهم يلهثون وراء تمرير مصالحهم وحسب ، وما شعاراتهم إلا منصة للعبور إلى مجلس ينفعهم واقرباءهم وخلاناهم مبتعدين عن هموم من أرهقتهم الحياة.
ينهض الأردنيون اليوم وهم يتطلعون لغد مشرق الثلاثاء لإفراز نواب حقيقيين يمثلونهم في تشريع القوانين ومراقبة آداء الحكومات ومحاسبتها إن قصرت ، يساندون الحكومة ويكونون عونا لها في قضايا الوطن.
يعتقد مراقبون ان البرلمان قد لفظ الكثير من نواب سابقين مع احترامه لمن اخلص في عمله لله وللوطن وللمليك. والاردنيون اليوم أكثر إصرارا على التفوق ويطمحون لأن تتحقق المفاجآت بل الآمال في إقصاء إي شخص لا يستحق أن يمثل الامة تحت سقف مجلس الشعب.
غدا سيدفن الاردنيون تاريخا جرحه غائر في القلب يمثل ذكريات احداث تفجيرات عمان ليؤكدوا عزمهم وإصراراهم على المضي نحو التقدم والإصلاح.
ان الوطن يستحق ان يبني "طوبة طوبة" نحو مستقبل مشرق بعيدا عن المخاطر التي تحدق به من كل حدب وصوب.
الدستور