زاد الاردن الاخباري -
"الخليج لم يعد زي زمان"، بهذه العبارة يبرر الشاب الأردني أسامة (30 عاما) سبب عودته من المملكة العربية السعودية.
وجاءت عودة أسامة بعد أن عمل لمدة ثلاث سنوات محاسبا في شركة مقاولات بمدينة الرياض، حاول خلالها الادخار من أجل شراء منزل في الأردن والزواج، لكن دون جدوى، كما يقول.
بدأت الحياة تضيق على الشاب الأردني، الباحث عن حلم "العمل والعيشة الرغيدة" في عام 2015، بعد أن قامت السلطات السعودية برفع أسعار المشتقات النفطية بنسب وصلت إلى 60 في المئة، لترتفع معها تكلفة كافة مستلزمات الحياة"، وفق قوله.
إلا أن القشة التي قصمت ظهر البعير، حسب الشاب، "فرض السعودية رسوما على الوافدين"؛ ما دفعه لينهي عمله هناك في حزيران/ يونيو الماضي؛ تخوفا من ضرائب مستقبلية.
أما المهندس احمد الصقور، الذي تخرج في عام 2016 من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، فلم يكن أفضل حالا، بعد أن وقع في شرك مكاتب التوظيف والوعود الزائفة، إذ استجاب أحمد لأحد إعلانات شركات المقاولات في جدة، في أيلول/ سبتمبر 2016، بعد أن طالت البطالة صفوف المهندسين في الأردن.
اتفق المهندس مع مكتب التوظيف على أن يحصل على راتب 7000 ريال، بالإضافة إلى سكن تابع للشركة، إلا أن الواقع لم يكن كما كتب على الورق.
يقول الصقور: "بداية الصدمة كانت في الراتب الذي تقلص إلى 4500 ريال، وسكن جماعي لا تتوفر فيه أدنى المقومات الضرورية"، وفق قوله.
ولم يعد الأمر مجديا بالنسبة للشاب الأردني، الذي اضطر إلى استئجار سكن منفصل (غرفة ومرافقها) في وسط جدة بقيمة 1000 ريال، وينفق ما تبقى على مستلزمات الحياة اليومية المرتفعة، ليتخذ قراره في عطلة عيد الفطر الماضي بأن "الغربة لم تعد تجد نفعا".
وقررت السلطات السعودية فرض ضرائب ورسوم على الوافدين المقيمين والزائرين لأراضي المملكة، اعتبارا من تموز/ يوليو الجاري، بواقع 100 ريال عن كل مرافق، التي تستهدف توفير مليار ريال في نهاية العام، على أن تتضاعف هذه الرسوم عدة مرات على مدى السنوات القادمة.
معاناة الوافدين
ففي عام 2018، سيتم تطبيق رسوم على الأعداد الفائضة عن أعداد العمالة السعودية في كل قطاع، بواقع 400 ريال شهريا عن كل عامل وافد، فيما ستدفع العمالة الأقل من أعداد العمالة السعودية 300 ريال شهريا، كما سيفرض على كل مرافق للعامل 200 ريال شهريا، في خطوة تهدف لتحصيل 24 مليار ريال في 2018، ضمن برنامج المقابل المالي للعمالة الوافدة.
وأثار القرار مخاوف اقتصاديين أردنيين من انعكاس ذلك على العمالة الأردنية في السعودية، التي تقدرها أرقام وزارة الخارجية الأردنية بـ430 ألفا من أصل 945 ألف مغترب أردني، حسب ما قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأردنية، صباح الرافعي، لـ"عربي21".
وتشكل حوالات المغتربين الأردنيين مصدرا مهما للاحتياطي الأجنبي في الأردن، حسب إحصائيات البنك المركزي الأردني، حيث بلغت تحويلات العاملين الأردنيين في الخارج، في الربع الأول من هذا العام، 1.168 مليار دولار، مقارنة مع نحو 1.140 مليار دولار للفترة ذاتها من 2016.
مخاوف على مستقبل العمالة الأردنية
ويتخوف مدير المرصد العمالي الأردني، أحمد عوض، على مستقبل العمالة الأردنية في الخليج، بسبب الأوضاع السياسية، وبرامج إحلال العمالة المحلية مكان الوافدة.
ويقول عوض إن كثيرا من العاملين الأردنيين المغتربين في دول الخليج بدأوا يعانون من مشكلات كبيرة تدفعهم لإعادة النظر في الاستمرار في العمل هنالك، ومن ذلك انخفاض معدلات أجورهم، وسياسات إحلال العمالة المحلية مكانهم، "وعدم استقرار ظروف العمل؛ بسبب الأزمات المتلاحقة التي تحدث بالخليج، والتي آخرها الأزمة الخليجية التي نتج عنها حصار قطر من بعض الدول الخليجية"، على حد تعبيره.
وحسب عوض، "تشير مختلف التقديرات إلى أن العمالة الأردنية في دول الخليج العربي المختلفة تقارب 700 ألف أردني، يعملون في عدد كبير من الوظائف المتوسطة والعليا من حيث الترتيب المهني، وهم الأكثر تأثرا بالأزمات المختلفة التي واجهتها دول الخليج، سواء الأزمات السياسية أو الاقتصادية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية".
وأكد أن "هؤلاء العاملين يقدمون خدمات كبيرة للاقتصاد الأردني، من خلال تحويلاتهم المالية الكبيرة التي لا تقل عن ثلاثة مليارات دولار سنويا، تساهم في تدعيم الحساب الجاري لميزان المدفوعات من جهة، وتزيد الطلب على السلع والخدمات من جهة أخرى"، بالإضافة إلى أن "هذه الأعداد الكبيرة من العاملين في دول الخليج تخفف من الضغوط المحلية في الطلب على الوظائف، وبالتالي تساهم في تخفيض معدلات البطالة" في الأردن، على حد قول عوض.
وحسب دائرة الإحصاءات العامة، يبلغ معدل البطالة 18.2 في المئة في الربع الأول من العام الجاري، مقابل 15.8 في المئة في الربع الأخير من 2016، إلا أن خبراء اقتصاديين مستقلين يشككون في الأرقام الرسمية، ويقولون إن أرقام البطالة تتجاوز ذلك بكثير.
الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت، من جهته، يعزو الإجراءات السعودية بحق العمالة الوافدة إلى أسباب عديدة، منها "العجز الكبير في موازنتها؛ بسبب انخفاض أسعار النفط، والثاني النفقات العسكرية الضخمة"، كما قال.
ويقول: "هناك تراجع كبير في اقتصاد دول الخليج، ما يدفعها للاستغناء عن نسبة غير قليلة من العمالة، بالإضافة إلى أن هذه الدول فرضت ضرائب ورسوما على تصاريح العمل والتأشيرة، وبالتالي لم تعد هذه الدول مصدرا هاما لتوفير فرص عمل للأردنيين، ما يترك آثارا سلبية على معدلات البطالة، التي تقدر نسبتها نحو 18 في المئة، وفق الأرقام الرسمية".
إلا أن مصدرا حكوميا أردنيا قلل من شأن توقعات الخبراء الاقتصاديين بعودة كبيرة للأردنيين من السعودية؛ عقب تطبيق نظام الضرائب.
وقال المصدر: "قد تكون هناك حالات بسيطة، لكن لم نلمس عودة كبيرة للأردنيين من السعودية عقب فرض ضرائب على الوافدين، كما أن قضية سعودة سوق العمل في السعودية ليست بالأمر الجديد"، وفق المصدر.
عربي 21