زاد الاردن الاخباري -
فيما يناقش مجلس النواب في جلسته اليوم مسودة تعديلات قانون العقوبات، توافقت مؤسسات مجتمع مدني على التوجه لحضور الجلسة، للتعبير عن رفضها القاطع قرار اللجنة القانونية في مجلس النواب بالإبقاء على المادة 308 من القانون، التي تتيح للمغتصب الإفلات من العقوبة في حال زواجه من ضحيته.
وجاء هذا التوافق خلال اجتماع عاجل دعت له منظمات نسوية وحضره النواب ثامر بينو، وخالد رمضان، ووفاء بني مصطفى ورسمية الكعابنة.
كما حضر الاجتماع ممثلون عن اللجنة الوطنية لشؤون المرأة، واتحاد المرأة، ومجموعة ميزان للقانون، ومؤسسة تمكين، وجمعية الأسر التنموية، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، وجمعية الحقوقين الأردنيين، والشبكة القانونية للنساء العربيات.
وأكد النواب الأربعة على موقفهم الداعم لإلغاء المادة بشكل تام، فيما قال النائب بينو إن "موقف كتلة الإصلاح النيابية التي ينتمي إليها، كان يميل نحو الإلغاء التام للمادة، لكن بعد قرار اللجنة القانونية بإبقائها فلم يتم بحث الموضوع داخل الكتلة".
وتابع بينو: "من المهم أن تتوفر قاعدة بيانات حول مصير الزيجات التي تمت وفقا للمادة، وكنواب يمكن أن نطالب بمراجعة النص الأصلي كما ورد بعد توصيات اللجنة الملكية أو التأجيل لبحث المادة بشكل أوسع".
بدورها أكدت كل من بني مصطفى والكعابنة على موقفهما الرافض للمادة وجهودهما لحشد أكبر عدد من النواب، وتحديدا السيدات منهن، لرفض التعديلات التي أقرتها اللجنة القانونية.
أما رمضان فألمح إلى أن عودة المادة 308 "ليست سوى تسوية نيابية حكومية"، مضيفا أن "الحكومة لا تستطيع رفض قرار اللجنة الملكية التي أقرت الإلغاء للمادة، لذلك جاء التنسيق الحكومي مع النواب للإبقاء عليها".
وشدد على موقفه الثابت مع الإلغاء التام للمادة، قائلا إنه "موقف عدد من النواب الآخرين"، لكنه في ذات الوقت ذاته لم يبد تفاؤلا بالإلغاء.
وخلال اللقاء، أكدت مؤسسات المجتمع المدني موقفها الثابت بضرورة إلغاء المادة باعتبارها "تشجع على العلاقات الجنسية بين القاصرين، ولا تحقق الردع العام".
كما حضر الاجتماع الذي أقيم في مقر مجموعة ميزان أسر لفتيات ضحايا للمادة 308، إذ تحدثت العائلات للنواب عن ما لحق ببناتها من ضرر نتيجة هذه المادة.
وفي هذا الصدد تحدثت إحدى الأمهات عن قضية ابنتها التي تعرضت لاعتداء جنسي من قبل شاب من ذوي الأسبقيات في قضايا المخدرات والسرقة.
وقالت الأم: "تعرفت ابنتي على الجاني وهي في الثالثة عشرة من عمرها، وكان يبلغ من العمر 19 عاما، فعمل على استدراجها، ومن ثم هددها بتبليغ والدها ونشر قصتها ما لم توافق على مطالبه، وفي سن 15 حملت ابنتي من الشاب".
وتتابع: "اصطحب الجاني ووالدته ابنتي لإدارة حماية الأسرة، وكانت المسألة صادمة بالنسبة لنا كعائلة، ورفض والدها تزويجها، واتفقنا أن ينال الجاني عقوبته التي تصل حد السجن لمدة 25 عاما، خصوصا أنه صاحب سجل جرمي وغير كفؤ للزواج".
وتضيف: "أردنا اخراج ابنتي من دار رعاية الفتيات، لكن الحماية أخبرتنا أن السبيل الوحيد لإخراجها هو تزويجها من الجاني والإ سيتم الحكم بإيداعها مدة عام كامل في دار الرعاية، وأمام الضغوطات رضخنا للأمر الواقع وتزوجت ابنتي من الجاني".
وتضيف: "اتضح لنا لاحقا أن الإجراء لم يكن سوى لإخراج الجاني من السجن، فيما خسرت ابنتي كافة حقوقها، وبقيت شهرا في بيت عائلة زوجها، وخلال تلك الفترة كانت عائلة الجاني تعاملها بقسوة دونية وعدم احترام، كما أنه أساء معاملتها، وبعد شهر طلقت ابنتي من الجاني".
وتزيد: "وقت الولادة رفض الجاني الحضور الى المستشفى ومشاهدة طفله، والمادة 308 لا تضمن النسب للطفل كما اتضح لاحقا".
وتختم الأم حديثها بالقول: "الجاني الآن طليق، أما ابنتي فخسرت مقعد الدراسة بعدما رفضت المدرسة عودتها، كما خسرت مستقبلها وحياتها".
وفي الجلسة ذاتها تحدث شاب عن قضية شقيقته ذات الإعاقة الذهنية التي تعرضت لاعتداء جنسي، فيقول: "أتلقى اتصالات يومية من الحاكم الإداري والأشخاص المحيطين بالجاني لتزويج شقيقتي من الجاني، لا أحد يهتم فعلا لمصلحة شقيقتي، ما يهمهم فقط أن يخرج الجاني من السجن".
وفي رسالة مكتوبة من إحدى العائلات التي فضلت عدم الحضور شخصيا، تحدثت عن "تعرضها للابتزاز والاتهامات الكيدية من عائلة الشاب للرضوخ للأمر الواقع وتزويج ابنتهم منه".
وبحسب الرسالة، فإن "الفتاة وهي قاصر كانت على علاقة بالشاب، وبعد رفض العائلة تزويج ابنتهم له أقام علاقة مع الفتاة لوضع الأسرة تحت الأمر الواقع، وبعد توقيف الشاب بتهمة المواقعة بالرضا رفضت العائلة محاولات التوسط لتزويج ابنتهم منه، الأمر الذي دفع عائلة الشاب إلى اختلاق قضايا كيدية ضد أشقاء الفتاة ونشر محاضر القضية عبر تطبيقات الهاتف، بغرض الإساءة للفتاة وعائلتها".
مديرة ميزان المحامية إيفا أبو حلاوة قالت إن "هذه القضايا ليست سوى نماذج واقعية للمعاناة التي تعيشها الفتيات وأسرهن نتيجة للمادة 308"، مبينة أن "الزواج بهذا النص لا يكفل وجود علاقة صحية بين شريكين، والنهاية الحتمية لها إما الطلاق أو الإساءة أو استغلال الفتيات في الدعارة والأعمال غير المشروعة".
من ناحيتها، قالت المستشارة القانونية لاتحاد المرأة المحامية هالة عاهد، إن "التعديلات المقترحة من البرلمان لا تحقق الحماية التي أرادها قانون العقوبات للضحايا؛ فحين جرم العلاقات الجسدية الرضائية مع قاصر إنما لأن إرادة القصر لا يمكن الاعتداد بها في هذا النوع من الأفعال؛ وهم في هذه الحالة أطفال مغرر بهم وينبغي توفير الحماية لهم ؛ وهذا لن يحققه الزواج".
وزادت: "على العكس سيكون الزواج سببا في استمرار العنف، فكيف يستقيم عدم الاعتداد بالإرادة في علاقة جسدية ونقبله في الموافقة على الزواج؟".
وحذرت من أن هذا التعديل "سيفتح المجال أمام قصر يرفض أهلهم زواجهم لسلك طريق المواقعة بالرضا، لإجبار الأهل على الزواج".
أما الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة سلمى النمس، فقدمت رسالة اللجنة لمجلسي النواب والأعيان، وقالت: "لا يمكن اعتبار المواقعة مع القاصر رضائية بأي حال من الأحوال، فهي ضحية، وما وقع عليها يعتبر جريمة وعلينا حمايتها، فضلا عن عدم توفر إرادة صحيحة سليمة لعقد الزواج، لعدم أهلية الفتاة القاصر، وعدم توفر الرضا الحقيقي لدى المجرم، لأنه لو فعلا أراد الزواج لما انتظر وصوله للمحاكمة".
وأشارت الى ان "الزواج لا يضمن نسب الطفل، إذا وقع حمل قبل الزواج؛ لأن قانون الأحوال الشخصية يعترف بالنسب فقط، إما بإقرار الأب أو بفحص الـDNA المقترن بفراش الزوجية، وبالتالي قد يتم الطلاق دون إقرار بالنسب ويذهب الطفل إلى دور الإيواء".
الغد