زاد الاردن الاخباري -
أثار إقرار مجلس النواب تعديلات على المادة 73 من قانون العقوبات تعتبر "النشر الإلكتروني من الوسائل العلنية الخاضعة للقانون" مؤخرا، تساؤلات وانتقادات في الوسط الصحفي، خاصة نقابة الصحفيين.
وفيما رأت النقابة في التعديل "قيدا جديدا على حرية التعبير"، اعتبره آخرون من خارج الوسط الصحفي تطورا في التشريعات لـ "الحد من خطاب الكراهية وتهديد الأمن عبر وسائل التواصل الاجتماعي".
وتصدت النقابة للتعديل في بيان لها ذاهبة الى التأكيد ان "إضافة النشر بوسائل الكترونية الى الوسائل الإعلامية الخاضعة لقانون العقوبات من شأنه تقييد حرية الإعلام وإعطاء السلطة القضائية صلاحيات أوسع في توقيف وحبس الصحفيين".
وطالبت مجلس الأمة بشقيه "الأعيان والنواب" بإضافة نص إلى قانون العقوبات "يستثني المطبوعة كما عرفها قانون المطبوعات من مشروع القانون المعدل لقانون العقوبات لسنة 2017"، معتبرة أنه "كان الأولى بمجلس النواب الاستعجال بمناقشة وإقرار قانون الحصول على المعلومات والذي ما زال يراوح مكانه منذ أعوام".
وأشارت بهذا الخصوص الى ان "التدفق الحر للمعلومات يحصن المجتمع ويرتقي بالخطاب الإعلامي الرسمي والأهلي المدعم بالمعلومات الدقيقة ومن مصادرها الموثوقة، ومن شأن ذلك زيادة الثقة بمؤسساتنا الإعلامية الرسمية والخاصة، داعية الى فتح النقاش حول المادتين 118 و 150 لـ "مخالفتهما وتعارضهما مع المادة 42 من قانون المطبوعات والنشر، كونهما قيدا على حرية التعبير".
وبينت أن "فرض المزيد من القيود وبقوة القانون على حرية التعبير سيأتي بنتائج عكسية" على دور الإعلام كشريك استراتيجي في التنمية المستدامة، وبصفته خط الدفاع الأول عن الدولة ومقدراتها وإنجازاتها، ويؤدي بالمحصلة الى تراجع الأردن على مؤشرات حرية التعبير الدولية.
وأوضحت ان "إعطاء مساحات تعبير أوسع للرأي، والرأي الآخر له دور أساسي ومهم في محاربة الإشاعات وخطاب الكراهية ودحض الهجمات الإعلامية المعادية بالحجة والمعلومة الدقيقة وبالتوقيت المناسب دون خوف او تردد من الملاحقات القانونية والتي يتقدمها التوقيف المرفوض للصحفيين بصفته عقوبة مسبقة وسالبة للحرية لقضية ما زالت في طور التحقيق".
من جانبه، انتقد عضو مجلس النقابة خالد القضاة اعتبار مجلس النواب النشر الإلكتروني من الوسائل الخاضعة لقانون العقوبات، موضحا عبر صفحته الخاصة على "فيسبوك" أن "حصانة المجتمع تأتي بمزيد من الحرية وبقانون عصري لتدفق المعلومات، وبالعكس من ذلك فإن القيود تفضي بالضرورة إلى تعزيز خطاب الكراهية، وتحصين المفسدين ودفع الناس للتعبير عن آرائهم بالشارع".
وأضاف، إن "مجلس النواب لم يراع في ذلك الصالح العام بل كان الهدف منه التغطية على ممارسات النواب ومواقفهم الشخصية، والإطاحة بخصومهم ومنتقديهم بقوة قانون العقوبات".
بدوره، عبر المدير التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين الزميل نضال منصور عن مخاوفه من أن تؤدي تعديلات المادة 73 من قانون العقوبات "الى توسيع التجريم ما يثير تساؤلات حول مفهوم العلنية"، رافضا أن "تكون مواقع التواصل الاجتماعي من الوسائل العلنية؛ اذ ان أغلب حسابات "الفيسبوك" مثلا حسابات مغلقة وليست صفحات عامة، فكيف يتم اعتبارها وسائل علنية؟".
وأشار الى أن هذا الموضوع يحتاج لدراسة متأنية ودقيقة ومعرفة الآثار المترتبة على حرية الرأي والتعبير، مشيرا الى أن وحدة المساعدة القانونية "ميلاد" التابعة للمركز ستعد قراءة قانونية على تعديلات هذه المادة.
إلا أن رئيس الجامعة الأردنية د. عزمي محافظة رأى في التعديل "خطوة ايجابية وإصلاحية"، موضحا أن "الفضاء الإلكتروني أتاح لكثيرين فرصة إبداء الآراء ومناقشة الأفكار دون قيود أو محددات؛ الأمر الذي يجعل الحاجة ملحة لضبط وتنظيم هذا النشر من التلاعب والابتزاز واغتيال الشخصيات واستغلال مساحة الحرية على غير النحو الذي وجدت من أجله".
وقال محافظة "نؤمن بالدور الكبير لوسائل الإعلام في الإصلاح وتقويم المسار، لكن من خلال نشر الحقائق المستندة إلى وقائع ووثائق واضحة ومعلومة المصادر"، موضحا أن التعديل الجديد سـ "يكون رادعا لمن يستغل الفضاء الإلكتروني في نشر ما من شأنه تضليل الرأي العام واستمالته بغية تحقيق أهداف ومآرب شخصية".
وتعليقا على ما إذا كانت الحسابات الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي علنية أم لا، علق المحامي خالد خليفات على ذلك بقوله، ان الشخص "بمجرد أن تصبح له صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي فإن كل ما ينشره يعتبر علنيا سواء قلّ متابعوه أم كثروا"، مستبعدا أن تكون تعديلات المادة 73 "مقيدة لحرية الرأي والتعبير ويرى أن الهدف منها هو حماية حياة الناس الخاصة".
الغد