زاد الاردن الاخباري -
في الوقت الذي قد يحتفي بعض الناس بطفل لمجرد أنه استطاع أن يكتب موضوعا إنشائيّا جيدا، تمكنت الطفلة الجزائرية "ريمة حسين لقرع" (13 عاما) من أن تحصد لقب أصغر أديبة في بلادها، وربما أيضًا في العالم العربي، بعد أن طرحت مؤخرا أولى مجموعاتها القصصية التي كتبتها قبل أكثر من عام. ورغم أن المجموعة التي تحمل عنوان "البنات الثلاثة" موجهة بالأساس للأطفال، فقد أبانت صاحبتها عن قدرة سردية ولغوية لافتة، قد تنتزع من خلالها مكانة بين الكبار عندما تنضج تجربتها وتكتب لهم. وعن هذه التجربة الأدبية، تقول الكاتبة الصغيرة لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية: "شعرت وأنا أقرأ كثيرا من قصص الأطفال أنني أستطيع كتابة مماثلة، فبدأت أكتب، وحينما أطلعت أبي عليها، فوجئ وشجعني على مزيد". ومضت في القول: "أول شيء كتبته في حياتي هو هذا الكتاب (البنات الثلاثة)، وكان ذلك في أواخر 2008 وأنهيته في يناير/كانون الثاني 2009 وطبع في سبتمبر/أيلول من نفس العام". وتوضح أن: "الكتاب يحتوي على 9 قصص قصيرة للأطفال، بعضها مستمد من الواقع مثل "نزهة في الثلج" و"نزهة ممتعة في الحديقة"، وبعضها الآخر من الخيال، مثل "السارق الجبان" وبعضها مستوحى من التراث؛ حيث استحضرت قصة سيدنا سليمان مع المرأتين اللتين تتنازعان على أمومة رضيع وأسقطتها على تنازع ولدين على لعبة في قصة "حكمة أحمد"، وعمومًا فإن المجموعة تدعو إلى مكارم الأخلاق كالصدق وحسن المعاملة ومساعدة الآخرين." "الوعد المنسي" وبعد أن لاقت المجموعة الأولى ردود فعل مشجعة، شرعت ريمة في كتابة مجموعة قصصية أخرى للأطفال بعنوان "الوعد المنسي" وأتمت منها 6 قصص إلى حدّ الساعة. لكن والدها أراد هذه المرة التريث وطلب منها التركيز على دراستها وامتحاناتها، لا سيما أن المقررات الدراسية مكثفة وتتطلب كثيرا من الجهد للحفاظ على التفوق. سليقة لغوية من جانبه يؤكد والد ريمة حسين -وهو إعلامي معروف بالجزائر- أن ابنته: "أظهرت تميزا واضحا منذ سنواتها الأولى. فهي تمتلك سليقة لغوية غير عادية، لا تتوفر حتى عند الذين هم أكبر منها سنّا". ويوضح أنها في السنوات الأولى من التعليم الابتدائي، كانت تكتب المواضيع الإنشائية التي تطلب منها، بأسلوب مشوق ولغة سليمة قليلة الأخطاء، مشيرا إلى تفوقها الدراسي أيضا. وحصلت ريمة على شهادة التعليم الابتدائي في يونيو/حزيران 2008 بمعدل 9.40 من 10، وكانت بذلك من بين الأوائل الذين حصلن على هذه الشهادة في الجزائر. ويستطرد والدها بالقول: "عندما أدركت موهبتها، عزمت على تنمية هذه الموهبة من خلال التوجيه والنصح، فبدأت أجلب لها قصص الأطفال والجرائد والمجلات، الجزائرية والعربية، الخاصة بعالم الطفولة، على ندرتها، كما حرصت على أن أوجهها لمتابعة البرامج التلفزيونية الهادفة والرسوم المتحركة في القنوات المخصصة للأطفال، وكذلك بعض الأعمال التاريخية، وهذا لتنمية لغتها وخيالها وثقافتها العامة". كان هدف والدها من ذلك هو تنمية موهبتها ومساعدتها على التفوق الدراسي، لكنه فوجئ بعد ذلك برغبتها في كتابة قصص قصيرة من باب محاكاة ما قرأَته. وعن هذا يقول: "لم آخذ الأمر بمأخذ الجد في البداية، ولكني لم أرغب في تثبيط عزيمتها، فنصحتها بإعمال خيالها وتفادي الاقتباس من القصص التي قرأتها. وشرعت ريمة فعلا في الكتابة على مراحل وفي أوراق متناثرة، فأثارت انتباهي بسلامة لغتها وجودة أسلوبها وكأني أمام قاص معروف يتوجه بكتاباته إلى الأطفال منذ زمن، فطلبت منها إعادة كتابتها في دفتر بقصد عرضها على دور النشر لاحقا، من هنا تشكلت هذه المجموعة القصصية الجديدة معلنة ميلاد أصغر كاتبة جزائرية وربما عربية لحد الآن". وعندما أتمت ريمة عملها يعتبر الوالد أن "الأمر كان تحديا كبيرا؛ لأن الناس لن يصدقوا بسهولة أن طفلة في مثل هذا العمر يمكن أن تكتب قصصا للأطفال وهم الذين تعودوا أن يكتب الكبار فقط للصغار". ويتابع قائلا: "بعد قراءتي لقصص ريمة التسع أدركت أن الصغار قادرون على مخاطبة بعضهم أيضًا، بل ربما فهموا كتابات بعضهم بشكل أفضل، ومن ثم عزمت على إصدار هذه المجموعة تشجيعا لها على مواصلة الدرب، مع الحرص على نشر أخطائها كما هي وتصحيحها على هامش كل قصة، للحفاظ على المصداقية، وحتى يطلع القراء على أسلوبها ومستواها كما هو دون تدخل مني. وهي أخطاء سيلاحظ الجميع أنها بسيطة مقارنة بصغر سنها". mbc.net