لقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة الفيس بوك الشغل الشاغل لكافة شراائح المجتمع العمرية وخاصة فئة الشباب. فقد دخلت هذه الوسائل وبشكل فاعل الى كافة نواحي الحياة وأصبح الأفراد يمسون ويصبحون وحتى قبل رقادهم يتواصلون عبر هذه الوسائل، لدرجة أصبح الأفراد فيها مدمنون، فاقدي الارادة أمام استخدام هذه الوسائل التي لاشك أن لها ما لها وعليها ما عليها، فقد أصبحت سلاح ذو حدين في حياتنا وفي واقعنا المعاصر.
ومن ايجابيات وسائل التواصل الاجتماعي أنها اختصرت المسافات بين سكان العالم في التعارف وتبادل المعلومات النافعة والتثقيف وردم الهوة بين الحضارات والامم والشعوب أو بين مواطني الدولة الواحدة. كما عملت هذه الوسائل على زيادة قدرة المواطن على التعبير عن آرائه وافكاره وقناعاته في كل شؤون الحياة.
ولقد نجحت شبكات التواصل الاجتماعي في دفع الشباب بالذات للانغماس في قضايا الوطن من خلال تمكينهم من التعبير عما بداخلهم من مشاعر وآراء وأفكار حتى لو خرجت أحيانا عن المألوف متأثرين بثقافة العصر والانفتاح على الثقافات العالمية.
ومن جانب آخر، فلوسائل التواصل الاجتماعي أثارا سلبية عديدة اذا ما اسيئ استخدامها من غير حسيب ولا رقيب، حيث أصبحت أداة خطرة لتراجع منظومة القيم الاجتماعية وخاصة عندما يتم تزوير الوقائع وفبركة الأحداث ونشر الاشاعات ذات الأثار السلبية على الفرد وعلى المجتمع المحافظ وعلى عاداته وتقاليده وقيمه الاجتماعية.
ولعل من أبرز وأخطر تداعيات سوء استخدام هذه المواقع هو تهديدها للأمن الوطني من خلال التأثير على الوحدة الوطنية وزعزعة مفاهيم المواطنة، فنشر أفكار وآراء خاصة بالتفرقة الاجتماعية بين شرائح المجتمع من خلال هذه الموقع أصبح بضاعة سهلة وميسرة ويمارسها مع الأسف الكثيرون، وخير دليل على ذلك ما حدث خلال فترة الانتخابات التي مرت بنا وما شاهدناه من اشاعات واخبار ملفقة هدفت الى خلق الفتن والاضرار ما امكن بالنسيج الاجتماعي المتماسك.
وختاما. فلا بد من أن يتحمل الجميع ابتداء بالاسرة وانتهاء بالمجتمع ومؤسساته المدنية والدولة بكافة مؤسساتها المسؤولية الأخلاقية والقانونية للحد من اساءة استخدام شبكات التواصل الاجتماعي من خلال الرقابة وسن القوانين وفرض الجزاءات. كما يجب تدريب الشباب بالذات على كيفية مواجهة المد الخطير المثير للفتنة والتخاصم والعداء. كما ينبغي توجيه الجميع من كافة شرائح المجتمع وتدريبهم على كيفية تلافي كل أنواع الابتزاز كالتهديد باستهداف السمعة او التهديد بالمال او بالقتل حيث لم تحد الوسائل التي وفرتها تقنية وسائل التواصل الاجتماعي من خطر الابتزاز والتحكم بالخصوصيات.
د. المعتصم أحمد الدرايسه