زاد الاردن الاخباري -
خاص وحصري - كشفت وثائق سرية مسربة لمحضر اجتماع طارئ عقد في مقر المخابرات العامة الفلسطينية يوم 25-8-2017 ، وذلك بعد لقاء رسمي مع وفد امريكي ، عن الكثير من الخبايا بعلاقة حركة المقاومة الاسلامية حماس بقطر ودورها في تراجع هيبة السلطة الوطنية الفلسطينية.
وكشفت الوثائق التي حصلت عليها "زاد الأردن" ، والمكتوبة بخط اليد ومروسة باسم "دولة فلسطين - المخابرات العامة - ديوان رئيس الجهاز" ، تفاصيل الاجتماع الفلسطيني الامريكي المعقود بين الطرفين ، حيث بينت الوثائق ان خطة الجانب الامريكي ترتكز على دعم الجانب الامني والاقتصادي الفلسطيني اولا ، تمهيدا للدفع بالخطة السياسية.
كما كشفت الوثائق طلب الجانب الفلسطيني من الجانب الامريكي تحديد واعلان موقفهم من حل الدولتين و وقف الاستيطان ، مؤكدة (اي الوثيقة) على ان هذه المطالب قد عرضت على الجانب الامريكي على مدار اكثر من 20 اجتماع ، فيما كان الرد الوحيد من الجانب الامريكي هو طلب المزيد من الوقت .
كما بينت الوثائق عن حجم الضعف داخل السلطة الفلسطينية ، حيث اشارت الى ان دور السلطة يتراجع وقد تنهار في أي لحظة ، مبرزة الدور الخفي للمؤامرات الاقليمية والاهمال والتراجع الامريكي والدولي.
ورفعت الوثائق النقاب عن دور بعض الدول العربية في اضعاف السلطة الفلسطينية من خلال التعاون مع اشخاص وحركات سياسية بعيدا عن السلطة.
وشددت الوثائق على خطورة استمرار هذا النهج بتهميش واضعاف السلطة الفلسطينية ، مطالبين بالتدخل السريع و وقف ما اسمته بـ" هذه المهازل" .
وانتقدت الوثائق التدخل الامريكي بالوضع في غزة : "تحدثوا عن الوضع الانساني في غزة وكأنهم حريصين على غزة اكثر مننا ... شرحنا لهم الحقائق وبالارقام وفي النهاية وعدوا بأن يبلغوا كل هذه الاطراف ان لا اجراءات جوهرية بدون التنسيق مع السلطة الفلسطينية والرئيس ابو مازن" .
وافصحت الوثائق عن طلب السلطة الفلسطينية بإعادة التنسيق الامني مع اسرائيل ، والتي كانت قد توقفت إبان العدوان الصهيوني على المسجد الاقصى المبارك ، الا ان الاسرائيليين قد رفضوا واعربوا عن اكتفائهم بالتنسيق الامني غير المباشر مع الامريكان.
وفجرت الوثائق مفاجآت من العيار الثقيل ، لخصتها بثلاث نقاط جوهرية ، رفعت فيها النقاب عن مستقبل امريكا واسرائيل القريب ، وكذلك عن الوضع داخل حركة المقاومة الاسلامية حماس.
* النقطة الاولى : رحيل ترامب :
حيث جاء في الوثيقة : "حقبة ترامب لن تطول وهو ذاهب بقدميه للعزل ونتخلص من صهره و..... ، الذين ليس لهم مهمة سوى الضغط علينا فقط ، والحديث مع هذا الفريق اكثر صعوبة من الحديث مع الاسرائيليين انفسهم" .
* النقطة الثانية : رحيل نتنياهو :
وجاء فيها : "كل المؤشرات وتقديرات الموقف تقول ان نتنياهو لن يستمر حتى فبراير القادم ، وقضايا الفساد لا مفر له منها ، ........... ، واليسار الاسرائيلي سيكون وضعهم افضل على حساب الليكود وليبرمان" .
* النقطة الثالثة : التأثير السلبي على حماس :
وتحدثت هذه النقطة عن الوضع الداخلي في حماس وامكانية التأثير السلبي فيه خلال نفس الفترة ، مبينين ان التعامل مع هذا الموضوع يحتاج الى عبقرية ، داعين الى افكار "من خارج الصندوق".
وكشفت الوثائق عن عدم الرضا العام عن قائد حماس الجديد يحيى السنوار ، خاصة بعد وضع يده بيد القائد الفتحاوي محمد دحلان ، واصفة اياه بعدو كل حلفاء حماس والممولين لها ؛ قطر وتركيا وايران والاخوان المسلمين.
كما كشفت الوثائق عن مخططها بالتعامل مع السنوار بعد اكتشافها انه "يلعب معها على المكشوف" ، موضحة ان "العامل النفسي" بفتح المجال لاعضاء حماس انفسهم لمهاجمته ، مشيرة الى ان جزءا كبيرا من "الحمساويين" يشعر ان السنوار يحاول ان يفرض قراره على الجميع دون احترام تاريخهم ومكانتهم ، فما كان من المخابرات الفلسطينية الا ان عززت هذا الشعور لديهم .
وتطرقت الوثائق الى الدور الكبير الذي تلعبه قطر بتمويل حركة حماس ، فقد بينت الوثائق ان قطر ترفض انفتاح حركة حماس على مصر بعد كل ما فعلته مصر بالاخوان المسلمين ، إبان ازاحة محمد مرسي عن كرسي الحكم ، وقامت قطر بعدها بحماية الاخوان المسلمين التي هي بمثابة "الام" لحركة حماس .
واضافت الوثائق ان قطر لن تتحمل قيادات حماس في الدوحة اذا لم يتحركوا ، كاشفة عن خوف قيادات حماس على استفاداتهم الشخصية من قطر ، حيث يتعدى راتب القيادي الواحد منهم شهريا (وليس سنويا) لاكثر من 30 الف دولار ، عدا عن مصروف منازلهم ورسوم جامعات ابنائهم وغيرها من المصاريف.
كما فجرت الوثائق مفاجأة اخرى من العيار الثقيل تتمثل بتوظيف قطر لقيادات الاخوان في شركة وهمية ، لم تبين الهدف منها ، الا انها اكدت ان جميع هذه الامتيازات لن ترضى قيادات حماس بخسارتها .
وبينت الوثائق المسربة عن مكالمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع امير قطر الشيخ تميم لشرح الوضع مع حماس من ناحية السلطة الفلسطينية ، مطالبا اياه بالتحرك ، ولكن يبدو ان امير قطر قد ابدى تحفظا على تحريك جماعته في موضوع حماس ، خاصة بعد ادراج الاخيرة على قوائم الارهاب ابان الازمة الخليجية مع قطر ، وخوفا من استغلال الموضوع من قبل الدول المقاطعة لقطر ، فانتدب عنه وزير خارجيته محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ، ليأتي الرد من قبل خالد مشعل "باردا" وان الوضع الانساني في غزة صعبا ، ملقيا اللوم على الاجراءات الصارمة التي اتخذها عباس بحق اهل غزة.
وجاء الرد من الرئيس عباس لمشعل باعتبار كل الاجراءات لاغية ، مقابل حل حكومة حماس الادارية بغزة وتمكين الحكومة الرسمية واجراء انتخابات ، مبديا استعداده لاي تحرك من تركيا وليس من قطر فحسب، وبالفعل تدخلت تركيا وعقدت لقاءات مباشرة مع رئيس المخابرات الفلسطيني والرئيس التركي رجب طيب اردوغان.
كما فضحت الوثائق الدور المصري برعاية لقاءات "السنوار - دحلان" ، رغم نفيهم المتكرر وزعمهم انهم "لا يمنعوا اي فلسطيني في مصر بالالتقاء مع فلسطيني اخر طالما لا يمس الامن المصري" ، وتأكيدهم الرسمي بأنهم لا يتعاملون الا مع القيادة الشرعية ، قبل ان تكشف المخابرات الفلسطينية دورهم المسؤول والمشرف على لجنة التكافل ، حيث تنقل الامارات الاموال الى مصر لتنقلها الاخيرة الى غزة .
كما تعهدت الوثائق المسربة بخلق ازمات جديدة وضغط شعبي ، لإجبار حماس على الموافقة على مبادرة عباس والتي تتمثل بثلاث نقاط اساسية : حل حكومة حماس الادراية بغزة ، تمكين الحكومة الحالية ، واجراء انتخابات ، او المصالحة بشروط السلطة الفلسطينية وليس بشروط دحلان التي وصفته بـ"القرد الذي باع كل شيء ... حتى دم الشهداء باعه" .
واوضحت الوثائق ان استراتيجية السلطة تتمثل بالعودة الى غزة بحكومة تمارس صلاحياتها دون خوف من ميليشيا او من احد او من سلاح ، مشددة على ان السلاح سيكون واحدا فقط هو سلاح السلطة الفلسطينية .
وافشت الوثائق خطة جهاز المخابرات الفلسطينية بالاطاحة بالسنوار كقائد لقيادة حماس ، حيث جاء فيها : "الان السنوار له موقف ، وحماس الخارج موقف ، والضفة موقف ، وهنا يأتي دورنا (اي المخابرات الفلسطينية) في تعزيز التباعد والشرخ بين المواقف لذلك تواصلنا مع حماس بقطر ، وانا (اي رئيس المخابرات الفلسطيني) اتصلت شخصيا بهم وقلت ان قصة السنوار ليست قصتنا ولكنها قصتهم ، وفي نفس الوقت تواصلنا مع السنوار وتياره وايضا فتحنا حوارا مع الضفة ، ويكون الرهان الاساسي على أزمة داخلهم تخرج للعلن بين تيار السنوار من جهة وتيار مشعل هنية ويساندهم تيار الضفة من جهة اخرى" .
واظهرت الوثائق محادثة تمت بين مدير العلاقات الدولية في المخابرات الفلسطينية وبين رئيس الجهاز ، حيث وجه الاخير سؤالا للأول على لسان ما اسماهم "الاشقاء والاصدقاء" ، حول "عقد المجلس الوطني والهدف من ذلك ، ومتى واين ، وعن مشاركة الفصائل" ، واجاب مدير العلاقات الدولية على سؤال رئيس الجهاز بأن "المجلس سيتم عقده في رام الله وبأسرع وقت وبمن حضر ولن ننتظر احدا هذه ثوابت لكن المستفيد من سيحضر؟".
وتابع : "فتح والنضال وفدا وحزب الشعب والمبادرة العربية الفلسطينية ، موافقون على الحضور وفي الطريق غيرهم مثل الديمقراطية ....." .
واوضح رئيس المخابرات ان الهدف من عقد المجلس الوطني هو "تعزيز شرعية القيادة ، ورسالة للجميع اننا نعمل باستمرار على تعزيز الديمقراطية في المؤسسات الفلسطينية ، ونجري الانتخابات اينما امكننا ذلك ، ولكن الانقسام وظروفا قاهرة تمنعنا من اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية ، وهذا ما يجب ان نقوله لكل الاصدقاء".
كما كشفت الوثائق عن طلب متكرر لرئيس المخابرات الفلسطينية الى مدير العلاقات الدولية في المخابرات الفلسطينية ، بتخفيف الزيارات واللقاءات مع مسؤولين سواء بمكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس او في الحكومة او اللجنة المركزية وغيرهم ، مشيرا الى انه " ما حدا رح يستفيد اشي لا على الصعيد الشخصي ولا العملي ، بل العكس صحيح" ، مناشدا اياه بالتركيز على عملهم والابتعاد عن حلقات النقاش الفارغة.