يزداد عبء اللجوء على الأردن سنة بعد سنة، ومثلما كان متوقعا منذ البداية فإن التزام المجتمع الدولي تجاه اللاجئين يتراجع بقوة. يقول وزير التخطيط والتعاون الدولي عماد الفاخوري إن نسبة تمويل خطة الاستجابة الإقليمية للأزمة السورية لم تتجاوز 39 %.
تراجع المجتمع الدولي عن التزاماته ينعكس بشكل كارثي على الموازنة التي بات ربعها تقريبا ينفق على اللاجئين. وأول من أمس ذَكّر الملك عبدالله الثاني العالم بتقصيره بحق الأردن، وما يعنيه هذا التقصير من نتائج سلبية على مستوى معيشة المواطن الأردني.
ليس متوقعا في الأفق المنظور أن تستجيب الدول المانحة للنداء الأردني، أو ترفع من مستوى استجابتها لقضية اللاجئين السوريين في دول المنطقة. على العكس من ذلك فمعظم الدول المانحة أصبحت تضغط من أجل تأمين فرص عمل للاجئين في الدول المستضيفة التي تعاني أصلا من البطالة، لتزيل عن كاهلها عبء المساعدات، والعمل على توطينهم في دول الجوار السوري.
أما خطط الإعمار في سورية والتي يمكن أن تسهم في تحفيز اللاجئين على العودة لديارهم، فباتت مرهونة من طرف الأوروبيين بشروط سياسية يصعب تحقيقها في هذه المرحلة.
إزاء هذه الأوضاع ينبغي على الأردن أن يضع ملف اللاجئين على رأس أولوياته، ويشرع في إعداد الخطة البديلة وتأمين متطلبات تنفيذها، ومقاربة السياسة الخارجية لخدمتها حتى لو أدى ذلك لصدام مع دول حليفة.
الخطة باختصار هي العمل على تأمين عودة أكبر عدد ممكن من اللاجئين لمنطقة خفض التوتر في الجنوب السوري، ولمناطق أخرى مشمولة في اتفاقيات وقف إطلاق النار.
لقد نجح الأردن في ضمان مصالحه الأمنية على الحدود مع سورية، وساعد الأشقاء السوريين من سكان المحافظات الجنوبية على التنعم بالهدوء ووقف مسلسل القتل اليومي من خلال اتفاق عمان. هذا عمل ممتاز دون شك، لكن مكاسب الاتفاق يجب أن تنعكس داخليا وعلى ملف اللاجئين تحديدا.
الخطوة الأولى في هذا الاتجاه، العمل بسرعة على فتح معبر نصيب الحدودي مع سورية، لتأمين طريق شرعي لعودة اللاجئين، ومن ثم بدء اتصالات مباشرة مع الحكومة السورية وبتنسيق مع طرفي اتفاق عمان؛ روسيا والولايات المتحدة، للاتفاق على جدول زمني لعودة اللاجئين ولتكن البداية بسكان المخيمات. والحصول على ضمانات سورية لسلامة العائدين لديارهم باستثناء من تورط بأعمال إرهابية قبل قدومه للأردن.
إن نسبة كبيرة من اللاجئين السوريين في الأردن هم من أبناء المحافظات الحدودية والمناطق الريفية، ولن تكلف عودتهم الحكومة السورية أو المنظمات الدولية أية مخصصات إضافية.
فصائل المعارضة المحسوبة على الأردن مطالبة بتسهيل المهمة، ومساعدة الأردن على تأمين عودة اللاجئين، ناهيك عن واجبها الوطني تجاه أبناء شعبها الذين شردتهم الحرب.
ليس هناك خيار أمام الأردن غير ذلك. المجتمع الدولي سيطوي بعد حين ملف اللاجئين السوريين نهائيا. وفي السنة المقبلة سينخفض معدل الاستجابة لنصف معدله الحالي، فيما تقفز كلفة اللجوء على الموازنة لأكثر من النسبة الحالية.
الوضع لايحتمل التسويف والتأجيل، فما من أحد سيتذكر كرمنا عندما نغرق.