زاد الاردن الاخباري -
من لاجئة درعاوية في مخيم الزعتري، إلى سفيرة للنوايا الحسنة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، تروي مزون المليحان حكايتها في النضال من أجل تعليم الفتيات السوريات، وهو نضال استحقت أن تكون معه أصغر سفيرة وأول شخص يحمل رسميّاً صفة لاجئ، ويصبح سفيراً لـ"اليونيسيف".
تقول مزون خلال زيارتها إلى الأردن، إن تمسكها بالتعليم يعود لكونه طوق النجاة الوحيد لأبناء جيلها من الأطفال السوريين، و"سورية تحتاج أبناءها متعلمين لإعادة بنائها".
بعد عامين من الحرب في سورية قرر والدها، مدرس المرحلة الابتدائية راكان المليحان، الهرب بعائلته المكونة من زوجته وأبنائه الأربعة إلى الأردن في 27 شباط (فبراير) 2013.
يقول الأب الذي يرافق ابنته بزيارتها للأردن: "لم تكن الأوضاع الأمنية مستقرة، لم أعد قادرا على الذهاب إلى عملي الواقع في بلدة أخرى، كما أن غياب أبنائي عن المدرسة تكرر بسبب سوء الأوضاع، وكان همي أن أضمن تعليم أبنائي، لذلك قررت اللجوء للأردن".
وعند وصولها الأردن، أقامت العائلة في مخيم الزعتري، وتم تأمينها بخيمة، تقول مزون "التحديات كانت كثيرة، والعيش في خيمة كان مختلفا كثيرا عن العيش في سورية، كنا 6 أفراد نقيم بخيمة واحدة ندرس بها ونعمل ونستقبل الضيوف، ولم يكن لدينا وقتها كهرباء، وكنا نضطر أن نذهب لمكان بعيد للحصول على الماء".
ولم تكن هذه التحديات هي الأكبر أمام مزون، بل كان همها الأساسي الالتحاق بالمدرسة، إضافة إلى المخاوف من عدم قدرتها على تشكيل صداقات جديدة، كما كان الحال في مدرستها السابقة.
تقول: "كانت العودة همي الأكبر، وعندما وصلت علمت عن افتتاح مدرسة سعودية قريبة من خيمتنا، وصلنا في شباط (فبراير)، وباشرت المدرسة العمل في آذار (مارس)، وكنت حينها طالبة في الصف التاسع، وقررت إعادة الصف".
لم يكن اختلاف المناهج تحديا بالنسبة لمزون: "رغم الاختلافات بين النظام التعليمي في سورية والأردن، لكنهما متشابهان إلى حد بعيد، ولم تشكل المناهج بحد ذاتها تحديا، لكن ما فاجأني حينها العدد الكبير من الفتيات في سني وأصغر، اللواتي اخترن عدم الالتحاق بالمدرسة، والبقاء في المنزل أو انتظار الزواج باعتباره حلا أفضل".
ومنذ ذاك الحين، أطلقت مزون حملة لتشجيع الفتيات والفتيان على الالتحاق بالمدرسة: "كنت أتكلم مع الفتيات في أي مكان التقي بهن فيه، وتحدثت إلى الآباء والأمهات عن ضرورة التعليم، وواجهت رفضا من البعض، فيما كان آخرون يقولون لي (هذا ليس من شأنك أن تنصحينا حول ما نفعله مع أبنائنا)، لكن رغم ذلك لم أتوقف عن الحملة".
ونجحت مزون في حملتها بإقناع الكثير من الأطفال والأهالي بأهمية إعادة أبنائهم إلى المدرسة، تقول: "علمت من (اليونيسيف) أن الحملة حققت هدفها، إذ ارتفع عدد الأطفال الملتحقين بالمدارس في المخيمات".
وبحسب آخر إحصائيات صادرة عن "اليونيسيف"، يقدر عدد الأطفال في سن المدرسة الملتحقين بالتعليم في مخيم الزعتري بنحو 78 % من أطفال المخيم.
وبعد عام وثلاثة شهور قضتها عائلة المليحان في مخيم الزعتري، قرر الأب الانتقال إلى مخيم الأزرق الذي كان قد تم افتتاحه حديثا، وهنا توضح مزون: "الزعتري كان حينها مخيما مكتظا، رأى والدي أن مخيم الأزرق سيوفر فرصة أفضل للعيش وأكثر هدوءا".
وفي حزيران (يونيو) 2013، انتقلت العائلة إلى مخيم الأزرق، وهناك واجهت مزون ذات التحديات المتعلقة بتعليم الفتيات والفتيان كما الحال في "الزعتري"، وهنا قررت الاستمرار بحملتها لتشجيع الأطفال على التعليم.
تقول: "ذات التحديات وذات الفرص، شعرت أنني تمكنت من إقناع كثيرين بأهمية التعليم، وخلال إقامتنا بـ"الأزرق" حصلت عائلتي على فرصة اللجوء إلى بريطانيا، كنت أرغب في البقاء في "الأزرق"، لأني كنت أشعر أن هناك مهمة علي القيام بها، وهي تشجيع الأطفال على العودة إلى المدارس، لكن رأي المحيطين بي أن سفري الى بريطانيا سيمكنني أيضا من نقل القضية والنضال من أجل التعليم".
في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، انتقلت العائلة إلى المملكة المتحدة، وهناك التحقت مزون بالتعليم الثانوي واستمرت في مشاركتها بالمؤتمرات والندوات للتوعية بأهمية التعليم، ودعوة صناع القرار لدعم حق أطفال سورية بالعودة للمدارس.
تقول مزون: "خلال إقامتي في "الزعتري"، تعرفت على الفائزة بجائزة نوبل للسلام الناشطة الباكستانية في مجال حق الفتيات في التعليم ملالا يوسف زاي، وتكونت صداقة بيننا، كما شاركت معها في عدد من المؤتمرات واللقاءات، لتسليط الضوء على حق الفتيات في التعليم".
وفي حزيران (يونيو) 2017 قررت "اليونيسيف" تعيين مزون سفيرة نوايا حسنة لها، لجهودها في دعم التعليم، وكانت سافرت قبل ذلك الى تشاد لتسليط الضوء على معاناة الفتيات هناك وحرمانهن من التعليم.
حاليا، تحضر مزون لامتحان الشهادة الثانوية البريطانية، وتأمل أن تتمكن من الالتحاق بالجامعة بتخصص العلوم السياسية والعلاقات الدولية، إلى جانب استمرارها بنشاطها لدعم حق الأطفال في التعليم.
وفي زيارتها إلى الأردن، التقت مزون بمجموعة من الأطفال في مراكز "مكاني" التابعة لـ"اليونسيف"، كما التقت مع عدد من الطلبة في مدرسة تستقبل اللاجئين السوريين في عمان، وتأتي زيارتها ضمن برنامج لحث الأطفال على الالتحاق بالمدارس.
وبحسب أرقام "اليونيسيف"، يبلغ عدد الأطفال السوريين في سن المدرسة (6 إلى 17 عاما) بالمملكة نحو 26732 طفلا، منهم 21 الفا ملتحقون بالمدارس، أكثر من نصفهم من الإناث، فيما يبلغ عدد الأطفال خارج المدارس 5774.
وفيما تبلغ معدلات التسرب المدرسي 22 %، يتلقى نحو 8361 طفلا خدمات الدعم التعليمي عبر مراكز "مكاني".
وبعد تعيينها سفيرة لـ"اليونيسيف"، فإن مزون تساهم أيضا برفع الوعي بأهمية التعليم لجميع الأطفال، وتحديدا اللاجئين من كافة الجنسيات وليس الأطفال السوريين فقط.
عالميا، يقدر عدد الأطفال المحرومين من الذهاب للمدارس الابتدائية والثانوية في مناطق النزاع في العالم، بنحو 25 مليون طفل. أمّا بالنسبة للأطفال الذين يعيشون كلاجئين، فإن نصفهم فقط يلتحقون بالمدارس الابتدائية، ويلتحق أقل من ربعهم بالمدارس الثانوية.
الغد