هل يمكن لصانع القرار الأردني أن يطوّر مقاربة سياسية للتعامل مع المتغيرات المتسارعة من حولنا في الإقليم؟
دوليا ينقصنا الغطاء السياسي، لا نحن ولا غيرنا في العالم يفهم على الإدارة الأميركية كيف تفكر. مراكز صناعة القرار في واشنطن متضاربة ومتناحرة، ولم تنجح حتى الآن بتطويع الرئيس ترامب. الرئيس الشعبوي اختار "تويتر" طريقا لصنع السياسات ولا يأبه بالمؤسسات.
علاقات الأردن مع إسرائيل متوترة جدا. حادثة السفارة في عمان خلّفت غصة في الحلق، وإسرائيل ليست مستعدة على ما يبدو للاستجابة لطلبات الأردن. نتنياهو يفكر بالانتخابات وعينه على أصوات اليمين المتطرف.
ربما في وقت قريب يطرح ترامب مبادرة للحل السلمي في المنطقة. الأردن ملتزم بالتجاوب معها في حدود مصالحه ومصالح الأشقاء الفلسطينيين. هل سيضطر حينها لمراجعة موقفه من إسرائيل ليضمن لنفسه دورا في العملية الدبلوماسية، أم سيحافظ على قدرته بالفصل بين المسار الثنائي والمسار السياسي الخاص بعملية السلام؟
عين الأردن على الداخل أيضا، فبعد أن بلغنا هذه النقطة من التصعيد مع إسرائيل لا يمكننا النزول عن الشجرة بدون ثمن يرضي الشارع الأردني.
وعلى الجانب الفلسطيني، ثمة حاجة لمعرفة دور حماس في السلطة الفلسطينية بعد المصالحة، تحديدا في الضفة الغربية. كيف يمكن التوفيق بين استئناف المفاوضات مع إسرائيل وانخراط حركة حماس بمؤسسات السلطة الفلسطينية؟
علاقاتنا مع دول الخليج مبهمة بسبب التغيرات التي تشهدها السعودية ودول أخرى، والأزمة التي تضرب بمكونات مجلس التعاون الخليجي.
طوال الأشهر الماضية وقف الأردن على خيط رفيع بين الفريقين المتصارعين، وكان وما يزال يحاول المحافظة على توازنه. لكن الأزمة تتفاقم وتتسع دائرتها لتشمل دولا أخرى.
الخلاف بين السعودية وإيران يكبر، وينتقل للساحة اللبنانية. أين نحن من هذا الخلاف؟ هل نساند الحريري في قراره أم نلتزم بدعم الشرعية القائمة في لبنان، المهددة بمشروع سعودي مدعوم أميركيا لرفع الغطاء عنها؟
لسنا على وفاق مع حزب الله، ولنا تحفظات كثيرة على سلوك إيران في المنطقة، لكن الأردن كان من أشد المؤيدين للاتفاق النووي، وفضل الحل الدبلوماسي على خيار الحرب.
خلال الفترة الماضية سعى الأردن للإبقاء على علاقة حذرة مع إيران رغم موقفه من دورها في سورية والمنطقة، لكنه فقد هذا الهامش بعد أزمة طهران مع السعودية، فاضطر لسحب سفيره من إيران.
التصعيد الأميركي الأخير ضد إيران قطع الطريق على استعادة الزخم الدبلوماسي معها. هل نكتفي بهذا القدر أم سنكون أمام استحقاقات أكبر في حال دشنت دول في المنطقة تحالفا ضد إيران، يقول البعض إنه البديل للتحالف ضد الإرهاب الذي أوشك على إنجاز مهمته.
نجح الأردن في تعزيز علاقاته مع بغداد، ويراهن على مجموعة من المشاريع الحيوية، هل من ضمانات أن لا نخسر هذا الرهان في ظل التصعيد الجاري ضد إيران؟
سورية لن تشهد تصعيدا عسكريا أكثر من الذي شهدته في السنوات الأخيرة. في أسوأ الظروف "حالة الستاتيكو" القائمة ستستمر إلى أن يتبلور تصور روسي أميركي مشترك حيال مستقبل الحل السياسي في سورية.
كان الأردن أول الرابحين من دول الجوار السوري؛ اتفاق عمان لوقف إطلاق النار ضَمن مصالحه. لكن ذلك لا يكفي للمستقبل، البلاد محاصرة بالأزمات من كل الجهات، ولا بد من فتح ثغرة.
يبدو الأمر ليس بهذه السهولة حاليا، وقنوات الاتصال الثنائي بين عمان ودمشق ما تزال محدودة ولم ترقَ للمستوى السياسي.
أصحاب القرار في وضع لا يحسدون عليه، لكن الاستمرار في دور المراقب على المدى الطويل، يزيد من خسائرنا.