زاد الاردن الاخباري -
يعود رئيس الحكومة سعد الحريري في الساعات المقبلة إلى بيروت بعد نحو ثلاثة أسابيع من استقالته المفاجئة في الرياض، فيما ينتظر المشهد السياسي في لبنان سيناريوهات عدة حول خطواته المقبلة.
وبعد تساؤلات أحاطت بالاستقالة "الملتبسة"، يشارك الحريري الذي انتقل إلى باريس السبت الماضي في احتفال عيد الاستقلال اللبناني اليوم، على أن يطلق بعدها مواقفه السياسية ازاء ظروف استقالته.
ولم يقبل الرئيس اللبناني ميشال عون رسميا حتى الآن استقالة الحريري التي أعلنها في الرابع من تشرين الثاني(نوفمبر)، بانتظار عودته للاستماع اليه لـ"يُبنى على الشيء مقتضاه".
ويقول الخبير الدستوري إدمون رزق إنه بحسب الدستور "تعتبر الحكومة مستقيلة إذا قدم رئيسها استقالته"، من دون تحديد شكل تقديم الاستقالة.
وما أن يقبل رئيس الجمهورية باستقالة الحكومة تتحول إلى حكومة تصريف أعمال، لتبدأ الاستشارات النيابية لتكليف رئيس وزراء جديد.
لكن استقالة الحريري المفاجئة من خارج لبنان تعد سابقة في الحياة السياسية اللبنانية، إذ يقضي العرف بأن يتسلم رئيس الجمهورية الاستقالة من رئيس الحكومة بصورة خطية خلال لقاء يجمع بينهما.
كما اقتضت العادة أن يقدم رئيس الحكومة استقالته بالتوافق مع رئيس الجمهورية ليسارع إلى قبولها، بعكس ما حصل مع استقالة الحريري التي فاجأت الفرقاء اللبنانيين كافة.
ودعت الظروف التي فرضتها استقالة الحريري، الرئيس عون إلى التريث وعدم اعتباره مستقيلا إلى حين عودته والاستماع إليه.
وكان عون صرح أنه "لا يجوز أن تعلن الاستقالة من الخارج وفقا للاصول والقواعد".
ومنذ إعلانه الاستقالة، تم التداول بإشاعات وسيناريوهات متعددة حول وجود الحريري في "الاقامة الجبرية" أو توقيفه في السعودية، ما دفع دولا خارجية عدة إلى التعبير عن قلقها.
ووصل الأمر إلى اتهام عون السعودية بـ"احتجازه"، قبل أن تقود فرنسا وساطة أثمرت مغادرة الحريري إلى باريس السبت.
ومن المتوقع أن يلتقي الحريري رئيس الجمهورية ميشال عون اليوم الاربعاء اثر مشاركته في احتفال الاستقلال.
وفي حال أصر الحريري على استقالته، لن يجد رئيس الجمهورية خيارا سوى القبول بها واصدار مراسيم حول بدء حكومة تصريف أعمال، التي من واجبها متابعة الأعمال الملحة والضرورية فقط.
ويقول رزق "لا يستطيع رئيس الجمهورية أن يُرغم رئيس الحكومة على الاستمرار" في مهامه، مضيفا "حين يأتي رئيس الحكومة ويقول أنا مستقيل، من الطبيعي أن يقبل الرئيس الاستقالة".
يبدأ رئيس الجمهورية بالنتيجة مشاوراته مع كافة الكتل النيابية، ويكلف رئيسا جديدا للحكومة وفق نتائج هذه الاستشارات.
في حال انتهت المشاورات النيابية باختيار الغالبية للحريري مجددا، يعيد رئيس الجمهورية تكليفه مرة أخرى تشكيل حكومة جديدة.
وقد يتيح هذا الخيار للفرقاء السياسيين الفرصة للتوصل إلى تسوية جديدة، من شأنها أن تبعد لبنان عن التوتر المتصاعد بين القوتين الاقليميتين : ايران والسعودية.
ويقول رزق "إذا انتهت الاستشارات بتسمية الحريري مجددا، يُكلف حكومة جديدة. وبالتالي يكون ذلك مخرجا" للأزمة.
ولطالما كان تشكيل الحكومات في لبنان أمرا صعبا، لا سيما خلال السنوات الأخيرة مع الانقسام العميق السائد خصوصا بين فريق الحريري المدعوم من السعودية وفريق حزب الله المدعوم من إيران. كما أن تقاسم الحصص الطائفية وتوزيع المناصب هو دائما محور خلافات وتجاذبات.
وكان الحريري وصل إلى سدة رئاسة الحكومة في تشرين الأول(نوفمبر) العام 2016 بموجب تسوية بين الفرقاء اللبنانية أتت بعون، حليف حزب الله الأبرز، إلى سدة رئاسة الجمهورية بعد عامين ونصف العام من الفراغ الرئاسي.
ومن بين السيناريوهات المتاحة أيضا وقد تكون الأبسط، أن يتراجع الحريري عن استقالته بعد لقائه عون.
وحمل الحريري خلال استقالته على إيران وحزب الله، الشريك في الحكومة، متهما الأخير بفرض الأمر الواقع وعدم الالتزام بمبدأ النأي بالنفس عن النزاعات في المنطقة.
وخلال مقابلة تلفزيونية في 12 تشرين الثاني (نوفمبر)، ربط الحريري تراجعه عن الاستقالة "باحترام النأي بالنفس والابتعاد عن التدخلات التي تحدث في المنطقة".
وفي خطاب متلفز الإثنين الفائت، أبدى الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله مرونة واستعدادا للتفاهم مع الحريري. وقال "بالتأكيد نحن جميعا في لبنان ننتظر عودة رئيس الحكومة، وهو بالنسبة لنا ليس مستقيلا" مضيفا "عندما يأتي سنرى ونحن منفتحون على كل حوار وكل نقاش يجري في البلد".
وإذا كان رئيس الجمهورية لا يريد الحريري أن يستقيل، وفق رزق، فعليه أن يعمل للتوصل إلى تفاهم معه قبل أن يأتي لتقديمها مباشرة له.
ويضيف "سيأتي الحريري ليرى رئيس الجمهورية إذا اسفر اللقاء عن تفاهم تُعتبر الاستقالة معلقة ولا يُعمل بها".
ا ف ب