زاد الاردن الاخباري -
ماجد توبة - تتفق الاحزاب السياسية الأردنية، التي قاطعت الانتخابات النيابية الاخيرة وتلك التي شاركت فيها، على المطالبة بتعديل قانون الانتخاب، وضرورة تجاوز نظام الصوت الواحد، المعتمد منذ انتخابات العام 1993، وباتجاه اعتماد نظام الانتخاب المختلط، الذي يجمع بين التصويت للقائمة النسبية على مستوى المحافظة او الوطن والتصويت لمرشح الدائرة الانتخابية.
نتائج الانتخابات الاخيرة، التي كانت قاسية على الاحزاب السياسية، بعد ان فشلت اغلب قوائمها "المعلنة" في الانتخابات لصالح مرشحي العشائر والمستقلين او شخصيات البيروقراط المتقاعدة، او ذوي النفوذ المالي والاقتصادي، أعادت الى الواجهة مطالب الأحزاب بضرورة تعديل قانون الانتخاب، اذ تلتقي على هذه الرؤية السياسية مختلف الاحزاب، وسطية ومعارضة، ومن مختلف الأطياف السياسية والفكرية.
ومنيت قوائم الاحزاب والإئتلافات الحزبية، التي رشحت ودعمت 86 مرشحا ومرشحة، بخسارات فادحة، لم ينجح منها سوى نحو 17 مرشحا ومرشحة، بعضهم فازوا بدعم عشائري اساسا، او عبر كوتا المرأة، بخاصة بعد غياب الاسلاميين بقوتهم النيابية المعتادة، عن المجلس الجديد.
وخسر الانتخابات كل مرشحي قائمة احزاب المعارضة القومية واليسارية، المشاركة بالانتخابات (وعددهم سبعة)، باستثناء مرشحة واحدة فازت وفق كوتا المرأة.
اما عن حزب التيار الوطني، الذي طرح أكبر قائمة (32 مرشحا ومرشحة) فخسر اغلبها، ولم يفز منها سوى سبعة، تبرأ اثنان منهم من قائمة الحزب ودعمه.
في حين خسر كامل مرشحي القائمة المعلنة لحزب الجبهة الموحدة الوسطي (9 مرشحين)، بينما فاز نائبان من خارج الحزب كان أعلن دعمه لهما. اما قائمة المجلس الوطني للتنسيق الحزبي (5 احزاب وسطية) فخسر معظم مرشحيها، باستثناء واحد.
الخسارة، ذات الوقع الاقوى حزبيا، هي خسارة ائتلاف حزبي الوسط الاسلامي والرسالة (21 مرشحا ومرشحة)، والتي لم ينجح منها سوى مرشحين، ما أصاب الحزب بصدمة قوية، دفعت قيادته الى التلويح بحله، احتجاجا على قانون الانتخاب وإدارة الحكومة للانتخابات، وما اسماه بـ "عدم إيمان الدولة والحكومة بالحياة الحزبية".
ولم تكن الخسارة الحزبية الواسعة في الانتخابات الاخيرة بمنقطعة عن سياق الخسارات الحزبية في الانتخابات منذ عودة الحياة الديمقراطية العام 1989، وان كان غياب الاسلاميين، بقوتهم النيابية المعتادة عن المجلس الجديد، فاقم من هذه الخسارة. ما تجمع معه هذه الاحزاب على تحميل قانون الانتخابات المسؤولية الاساسية عن هذا الوضع.
كما تكاد تجمع هذه الأطياف السياسية والحزبية على ان المدخل الحقيقي لاي اصلاح سياسي، يبدأ من تعديل قانون الانتخاب باتجاه اعتماد التمثيل النسبي كنظام انتخابي بديلا لنظام الصوت الواحد، ما يهيئ لانتخابات برامجية على أسس سياسية، تنتج برلمانا سياسيا برامجيا، تتنافس فيه الكتل السياسية، وصولا الى الشكل الأمثل من الديمقراطية النيابية التي ينص عليها الدستور الأردني، والمتمثلة في مبدأ تداول السلطة.
ويشكل التعهد الحكومي الاخير بإعطاء قانون الانتخاب المؤقت صفة الاستعجال والأولوية في الطرح امام مجلس النواب الجديد، فرصة مواتية لاعادة النظر بالقانون، باتجاه تطوير النظام الانتخابي المتمثل حاليا في الصوت الواحد، برغم تواضع حجم التوقعات بحدوث مثل هذا التغيير والتطوير الجوهري على القانون، في ظل التركيبة الحالية للمجلس النيابي، كما يرى مراقبون.
ويستند المطالبون بتعديل وتطوير قانون الانتخاب، المعتمد اساسا على نظام الصوت الواحد، على توصيات لجنة الاجندة الوطنية العام 2005، والتي شددت على ضرورة تعديل القانون ونظام الانتخاب، لتجاوز "عقدة" الصوت الواحد، وضرورة اعتماد نظام الانتخاب المختلط.
الى ذلك، يرى مراقبون ومحللون ان اجراء الانتخابات النيابية الاخيرة، وفق نظام جديد لتقسيمات الدوائر الانتخابية، باعتماد نظام الدائرة الفرعية (الوهمية)، ترافق مع انتقادات سياسية وقانونية واسعة لهذا النظام، الذي مكن نحو 25 نائبا من الفوز في الانتخابات، برغم تحصيل مرشحين آخرين في الدائرة الانتخابية الأم ذاتها، عددا اكبر من الاصوات، وصل في بعض الحالات الى الضعف.
الانتقادات لنظام تقسيمات الدوائر الفرعية لم تقتصر على اغلب الاحزاب السياسة، المشاركة والمقاطعة والعديد من المرشحين الخاسرين للانتخابات، بل تعداها الى انتقادات قانونية وجهها المركز الوطني لحقوق الانسان، اهم جهة محايدة راقبت الانتخابات ومختلف مراحلها القانونية.
ولم يتردد المركز الوطني، في تقرير أصدره عشية يوم الاقتراع للانتخابات، وأعاد التأكيد عليه في تقاريره اللاحقة، عن المطالبة بالتراجع عن فكرة الدوائر الفرعية بصيغتها الحالية، وهي مطالبة لا يتوقع لها ان تمر من دون تأثير واستجابة، بحيث أحدثت تقارير المركز في مراقبة الانتخابات الحالية والسابقة، آثارا واضحة، وكانت تجد صدى رسميا لافتا.
ودعا المركز الوطني الحكومة الى إعادة النظر في مسألة الدوائر الفرعية، لعدم استنادها على أسس واضحة، ولم تراع ضمان المساواة النسبية بينها، من حيث عدد السكان والمساحة الجغرافية والبعد عن العاصمة.
ورأى المركز أن الدوائر الفرعية انتقلت بالانتخابات من عملية تنافسية مفتوحة كما يجب أن تكون، الى عملية توزيع نفوذ وتفاوض سياسي، والتي تعتمد على الحظ في اختيار الدائرة الفرعية التي سيسهل الفوز بها.
كذلك تساءل المركز عن عدم إفصاح الحكومة عن اسماء مرشحي الدوائر الفرعية معتبرا أن ذلك "يتنافى مع مبدأ علنية الترشح، الذي يهدف الى حماية تنافسية وشفافية عملية الترشح، كما يتناقض مع مبدأ المساواة بين المرشحين في الحصول على فرص متساوية للوصول الى المقاعد البرلمانية".
الغد