زاد الاردن الاخباري -
رغم إعادة تأهيل مباني سجن الجفر بعد اغلاقه بقرار ملكي في منتصف كانون الأول (ديسمبر) من العام 2006 ليصبح مبناه مركزا للتدريب المهني، ثم قرية شبابية لاحقا، إلا أن المباني اصبحت خرابة تقبع تحت رمال الصحراء تعاني الاهمال والعبث والسرقة.
المركز الذي أريد له أن يكون منارة للتدريب يستفيد منها ابناء المنطقة التي تعاني هي أيضا الاهمال، بات خرابة ومكانا مهجورا يثير استياء السكان الذين علقوا آمالا بان يعود عليهم تحويل مبنى السجن إلى مركز تدريب مهني بالفائدة.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني قد أمر بإغلاق سجن الجفر الصحراوي وتحويل مبناه إلى مركز للتدريب المهني، ليطوي بقراره هذا ملف تاريخ السجن الذي أنشئ في العام 1953 للمعتقلين السياسيين والنشطاء في فترة الخمسينيات والستينيات وحتى منتصف السبعينيات.
وتبع القرار كالعادة نشاط حكومي اثمر بترميم المبنى وتحويله لمركز للتدريب غير أن النشاط كان مؤقتا ولم يأخذ صفة الاستمرارية وبدا من وجهة نظر العديد وكأنه ردة فعل على القرار الملكي، إذ ما لبث المركز أن تحول لخرابة.
وينتقد أهالي وفاعليات شعبية بالمنطقة ما آل اليه المركز وبقاء المبنى على حاله، مشكلا بؤرة بيئية ضارة ومخاطر حقيقية على السلامة العامة، نتيجة عدم الاكتراث من قبل الجهات المعنية.
وأشاروا أن الإهمال طال ساحات المبنى والحدائق العامة فيه، فيما جفت أشجاره وتعطلت انارته وأصبح مأوى للحيوانات الضالة والعديد من اقسامه مغلقة وخاوية، حتى قاطعها الأهالي وهجرها الزوار، رغم شكاوى السكان.
وتؤكد مصادر متطابقة في وزارة الشباب ومؤسسة التدريب المهني أن المؤسسة قد أعادة تأهيل وترميم مباني السجن القديم، بعد قرار ملكي بإغلاقه، بكلفة بلغت حوالي مليونين و500 ألف دينار.
وأشارت ذات المصادر أن اعمال التدريب قد فشلت لعدم إقبال أبناء المنطقة وعزوف غالبية الشباب عن الالتحاق بالعديد من دورات التدريب، التي كان يعقدها المركز آنذاك على مختلف المهن، الأمر الذي دعا مؤسسة التدريب المهني لتركه فترة من الوقت، وسحب الحراسة، ما جعله عرضة لعمليات السرقة والعبث والتخريب، وتردي المرافق والبنية التحتية فيه.
وبينت أنه وقبل 4 أعوام تم الاتفاق على تسليمه إلى المجلس الأعلى للشباب، حيث تقرر تحويله إلى قرية شبابية من قبل وزارة الشباب لخدمة القطاع الشبابي في المنطقة، لافته أنه جرى إعادة تأهيل وصيانة المباني مرة أخرى بهدف استغلالها كقرية شبابية وتجهيزها ورفدها بالأثاث والمعدات اللازمة بكلفة بلغت نحو 120 ألف دينار، وتعيين مشرفين وحراس وموظفين، مشيرة أن عمليات السرقة بقيت مستمرة، حيث تعرضت المباني للسرقة أكثر من ثلاثة مرات من قبل مجهولين.
وقالت المصادر إن المركز المهني أقيم ضمن مباني السجن القديم، والذي يتكون من 17 مبنى تشمل مشاغل حرفية ومباني إدارية وخدمات، ويقع المركز على مساحة تقدر بحوالي 35 دونما تصل مساحة البناء إلى 2500 متر مربع، حيث تم استغلال المساحات الأخرى بمسطحات خضراء وحدائق عامة ومتنزهات ومرافق ترفيهية لأهالي المنطقة، حتى أصبح مركزا مؤهلا لاستقبال المتدربين، وجعله منارة للعلم والتدريب.
وينتقد رئيس بلدية الجفر فواز النواصره بقاء مبنى مركز التدريب المهني وأكثر من 10 مباني تابعة له مهجورة وغير مستغلة، وعرضة للتخريب والعبث، رغم أنها تعتبر ذات قيمة تراثية للمدينة.
وأشار إلى أن تحويل السجن لمركز للتدريب المهني لم يجد نفعا، إذ أن أعمال التدريب من قبل مؤسسة التدريب المهني توقفت لعدة أسباب، أهمها أن غالبية الدورات التي تمت لم توفر أي فرصة عمل لأي خريج، وأن الدورات التي تلقاها الطلبة ليس لها مجال للتوظيف في الشركات الوطنية الكبرى المحيطة في المنطقة، ومنافسة العمالة الوافدة لهم، وبالتالي انتهى دور الحراس بعد تركه من قبل الجهات المعنية، ما جعل مرافقه عرضة للعبث والتكسير والتخريب من قبل مجهولين.
وطالب النواصرة بضرورة معالجة وضع المباني واستغلالها بما يعود على الجميع بالفائدة والنفع، والتي يعول عليها أبناء المدينة في تعزيز موقع الجفر على خريطة الاستثمار والمشاريع التنموية.
وتدعو عضو مجلس بلدية الجفر مها أبو تايه إلى ضرورة استغلال هذه المباني، والتي أصبحت اثر بعد عين وخاوية منذ عدة سنوات والتي كلفت ملايين الدنانير، حيث كانت عرضة للعبث والتخريب دون أن يتم الاستفادة منها واستغلالها بجذب الاستثمار التنموية نظرا لقرب منطقة معان التنموية لمدينة الجفر.
وأشارت أبو تايه أنه تم إعادة تأهيل وهندسة السجن وتجديد أجزاء كبيرة بداخله وتحولت مهاجع وعنابر السجناء إلى مشاغل فنية، وقاعات لتدريب الطلبة، والبعض الأخر منها مكاتب للإداريين والفنيين والمدربين، بينما تحولت الساحات الصغيرة إلى ملاعب واستراحات، واستحدثت أماكن للسكن الداخلي، ودورات مياه، لتبقى ذاكرة السجن في أعماق الماضي، حتى أصبحت باحة السجن متنفسا للطلاب، ولأهالي المنطقة.
وطالبت رئيسة مركز شابات الجفر منيفة أبو تايه، الجهات الحكومية المسؤولة باستغلال مباني مركز التدريب المهجورة منذ سنوات بمشاريع تنموية واستثمارية واستقطاب المستثمرين بهدف تشغيل الشباب المتعطل عن العمل في منطقة الجفر والتي تعتبر من مناطق جيوب الفقر في المحافظة.
من جهته، قال الناطق الإعلامي باسم وزارة الشباب عمر العزام بأن مركز التدريب المهني تم تشغيله لفترة من الوقت، إلا أن عدم إقبال أبناء المجتمع المحلي في تلك المنطقة أدى إلى توقف أعماله.
وأشار العزام أن ملكية المباني آلت إلى وزارة الشباب، حيث تحول المركز من تدريب مهني إلى قرية شبابية في المنطقة، مبينا أنه تم إعادة تأهيله وصيانته وتأثيثه ورفده بالمعدات والأدوات بعد استلامه من مؤسسة التدريب المهني.
إلا أن العزام يؤكد أن المبنى تعرض لسرقة موجوداته أكثر من مرة وتحطيم زجاج نوافذه من قبل مجهولين، لافتا أن ما تبقى من الأثاث والمعدات تم التحفظ عليها لدى مستودعات الوزارة والبعض الأخر تم سرقته، ما أعاق من استمرارية تنفيذ القرية الشبابية.
وقال إن الوزارة بصدد اتخاذ قرار لاستغلاله في خدمة شباب المنطقة، لافتا موافقة الوزارة على عقد اتفاقية مع الشركة الوطنية للتدريب والتشغيل، بهدف استغلال جزء من المباني للصالح العام لغايات التدريب.
وأوضح مدير العلاقات العامة والإعلام في مؤسسة التدريب المهني، سلمان القريوتي أن المؤسسة قامت بإعادة تأهيل السجن القديم ليصبح مركزا للتدريب المهني بمكرمة ملكية، من اجل المساهمة في القضاء على جيوب الفقر والبطالة بين أبناء المنطقة، من خلال فتح المجال أمام أبناء المنطقة للانخراط في العمل المهني ليكون رافدا تعليميا ومهنيا وإنتاجيا لأبناء المنطقة.
وأشار أن المؤسسة عقدت عدة دورات تدريبيه للشباب على مختلف المهن التي تواكب سوق العمل في محافظة معان، إلا أن عدم الإقبال على التدريب من قبل أبناء المنطقة، دفع إدارة المؤسسة إلى تسليمه للمجلس الأعلى للشباب قبل نحو 4 سنوات، حيث تم نقل ملكيته إلى وزارة الشباب حتى يتم استغلاله لخدمة أبناء قضاء الجفر.
وقال مدير معهد تدريب الجفر عصام الفراية، إنه تم إعادة تأهيل وتنظيف وصيانة جزء بسيط من المبنى بعد أن كانت مهجورة وغير مستغلة واستلامها بموجب توقيع اتفاقية مع المجلس الأعلى للشباب والشركة الوطنية للتشغيل والتدريب لمدة 5 سنوات.
وأشار الفراية أنه تم المباشرة في التدريب بالعام 2014، حيث تم عقد 17 دورة على 3 مهن " حداد فاصون، دهان ديكور وبلاط "، ومهن أخرى تواكب متطلبات الشركات الوطنية القريبة من المنطقة، تتراوح كل دوره من 60- 65 طالبا، تخرج نحو 300 شخص.
وبين أنه تم استغلال 3 مشاغل رئيسية، و4 مشاغل فرعية حسب متطلبات كل دورة، وحاليا يتم تدريب 65 ذكورا وإناثا، حيث يتقاضى الطالب أثناء فترة التدريب 75 دينارا، مشيرا أن البعض من الخريجين تم متابعة تعيينه في دوائر رسمية ومع مقاولين محليين، إلى جانب متابعة تعيين عدد من الفتيات الخريجات في مصنع الملابس في الشوبك.
الغد